ثلاثة عقود ونصف هي الفترة التي مرت على إنتصار الثورة الإسلامية في إيران 11 شباط 1979 اليوم الذي أخذت فيه إيران قراراً بأن تصبح دولة المستضعفين التي لا ترضخ
علي ملّي
ثلاثة عقود ونصف هي الفترة التي مرت على إنتصار الثورة الإسلامية في إيران. 11 شباط 1979 اليوم الذي أخذت فيه إيران قراراً بأن تصبح دولة المستضعفين التي لا ترضخ ..... مسار إنتهجته الجمهورية الإسلامية فأثمر ولو بعد مخاضات كثيرة ، أصبحت إيران اليوم بلداً نووياً ولاعباً مؤثراً على الساحة الدولية.
مسار الثورة والممانعة ، وفي المقابل مسار الرضوخ والإنكفاء :
1979 إيران الدولة الجديدة تبصر النور ، في العام 1980 العراق يعلن الحرب علىيها ، حرب دامت ثماني سنوات ، والهدف الإستراتيجي كان إستنزاف الشعب الثائر والقضاء على الثورة ، إنتهت الحرب عادت إيران لتنهض من تحت الركام بالرغم من رحيل مرشدها الروحي الإمام روح الله الخميني 1989 ، إستمر التقدم فبدأت الجمهورية الاسلامية بالنهضة إلإقتصادية بعهد الرئيس علي اكبر هاشمي رفسنجاني ، من العام 1989 حتى العام 1997 إنتهى عهد الرئيس هاشمي رفسنجاني بإستلام الرئيس محمد خاتمي، من 1997 حتى العام 2005 دخلت إيران في مرحلة الإنفتاح على الآخر ، إنفتاح توج بإستلام الرئيس محمود أحمدي نجاد ، أكدت إيران في عهده على الخطوط العريضة " ، لا يسمح لأحد بالمساس في سيادة إيران .... ويحق لإيران ما يحق لغيرها من الدول ".
عبارات ترجمتها الجمهورية الإسلامية واقعاً ، فأصبحت إيران دولة نووية بالرغم من كل الضغوطات السياسية والإقتصادية ، فالأنظمة الغربية وأولها الولايات المتحدة و"إسرائيل " عمدت إلى محاصرة طهران إقتصادياً بهدف الضغط عليها للتخلي عن البرنامج النووي .... إلا أن مساعي الغرب لم تنجح ، وإستمرت إيران في السعي النووي ، ولم يقتصر تطور الجمهورية الاسلامية على الملف النووي ، فقد حققت إيران إنجازات كبيرة في المجالات العلمية كان أبرزها : إرسال قرد إلى الفضاء ، وبالإضافة إلى الإنجازات العلمية إستطاعت إيران أن تفرض نفسها كلاعب أساسي في المعادلات الإقليمية من جهة إمتلاك السلاح المتطور بحراً وبراً وجواً ....
واليوم وبعد مرور خمسة وثلاثين عاماً على إنتصار ثورتها ، تفتح إيران أبوابها مجدداً لمئات الشركات الأجنبية المستثمرة بعد الإتفاق مع مجموعة دول 5+1 والذي إختص ببرنامجها النووي ، وتسجل بذلك نقطة جديدة في مسار التقدم .
مسار التقدم الإيراني الذي ما كان ليتحقق لولا القائد الاستثنائي الامام الخميني ، قابله مسار إنكفاء للأنظمة العربية ، تضرب فيه مصر نموذجاً، فالأنظمة الحاكمة في مصر منذ العام 1978 لم تقدم للدولة العريقة التي كانت الأولى في محور الممانعة سوى التراجع والإنكفاء ... قلب مسار مصر بدأ بإتفاقية كامب ديفيد التي وضعت الخطوط الأولى لتسوية مع العدو الصهيوني، لم يتبدل الحال في مصر بعد إغتيال أنور السادات عام 1981 ، دخلت مصر في حالة الطوارئ وتعليق الدستور مع إستلام حسني مبارك للرئاسة ... عهد مبارك تميز في تفعيل بيع القطاع العام ، وتنمية حجم الدين العام المصري ، فأصبحت مصر عام 2014 مدينة بما يقارب 40 مليار دولار ، وبقي نظام الرئيس مبارك يهادن الكيان الصهيوني، فكانت المجاملات في تمييز "إسرائيل " عن غيرها بالغاز المصري الذي صدر لكيان العدو بأسعار وصفها المصريون "تراب الفلوس " ، وهكذا أصبح النظام المصري بمعزل عن شعبه الفقير حارساً لكيان العدو الصهيوني ، وأكثر ما برزت ممارسات مبارك ضد المستضعفين كان في إغلاق أنفاق الإغاثة الفلسطينية عند معبر رفح ، وإعتقال كل من يشتبه بتقديمه الدعم لفلسطيني قطاع غزة .
عام 2011 إنطلقت شرارة ما سمي بالربيع العربي في تونس ، إمتدت كرة الثلج التي أطاحت بزين العابدين بن علي لتطال الرئيس المصري حسني مبارك ، قامت قيامة الشعب المصري بثورة اراد البعض استغلالها لتأكل ابناءها ، وما افتقدته مصر حتى الان القائد الذي ينقل "ام الدنيا" الى الضفة الاخرى ، ويعيد لها دورها القيادي في العالم العربي، الذي مثله يوما الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. فالقائد الحقيقي يصنع امة.