لعل إحياء ذكرى القادة الشهداء هذا العام يحمل معان خاصة في ظل الهجمة الشرسة التي يتعرض لها خط المقاومة على أكثر من صعيد داخليا ودوليا، مما يدفعنا للتأمل في تضحيات القادة الشهداء اكثر.
"نحن عندما نحيي ذكراهم لا لتمجيدهم، وهم بغنى عن كل تمجيد ومدح وإنما من أجلنا نحن وليس من أجلهم هم، نحن في إحيائنا لذكرى القادة الشهداء وكل الشهداء نجلس في حضرتهم، بين أيديهم وهم الأساتذة وهم المعلمون، نتعلم منهم، نستلهم من جهادهم وسيرتهم ونسترشد من آرائهم وأرواحهم الزكية، وأيضاً نجلس في حضرتهم مجدداً لنجدّد معهم عهدنا والميثاق على مواصلة الطريق الذي عبّدوه بدمائهم الزكية"، بهذه الكلمات اختصر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله المبتغى من إحياء ذكرى الشهداء بشكل عام ولاسيما القادة منهم، خلال احتفال الشهداء القادة خلال في شباط/فبراير 2013.
ولعل إحياء ذكرى هؤلاء القادة اي السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب والقائد الحاج عماد مغنية، هذا العام يحمل معان خاصة في ظل الهجمة الشرسة التي يتعرض لها خط المقاومة على أكثر من صعيد داخليا ودوليا، مما يدفعنا للتأمل في تضحيات القادة الشهداء اكثر والعودة اكثر فأكثر الى مسيرتهم الطويلة في النضال والتضحية والبصيرة الواعية والثبات الراسخ مهما كثر الاعداء وتلونوا وازدادوا حقدا وغيّا.
القادة الشهداء نذروا كل عمرهم للمقاومة
فهؤلاء القادة كما وصفهم السيد نصر الله في ذكراهم في العام 2013 "كانوا من بناة الاحجار الاولى في هذه المقاومة، من مطلقي الصرخات الأولى والطلقات الأولى في هذه المقاومة، ومن سِماتهم المشتركة أنهم منذ الأيام الأولى إلى يوم الشهادة لم يتخلّفوا ولم يتركوا ولم يغادروا ولم يتعبوا ولم يهِنوا ولم ييأسوا، بل كانوا أصحاب الحضور القيادي الدائم والفاعل والمؤثر والمنتج والمبدع، وهم نذروا كل شبابهم ـ وهم الشباب ـ وكل عمرهم لهذه المقاومة".
ولكن كيف نستفيد اليوم من مسيرة هؤلاء القادة وسيرتهم على كافة الصعد؟ خصوصا في هذه المرحلة حيث تتكالب فيها اليوم قوى الاستكبار والطغيان على امتنا وعلى النهج المقاوم، حيث أضاع الكثيريون بوصلة بندقيتهم وخياراتهم فانقلب لديهم العدو صديقا وباتت المذهبية والجنون التكفيري يحكم تصرفات دول وافراد على حد سواء، فلا تتق الله رغم ادعائها الالتزام بتعاليم السماء.
وللاستفادة حول هذا الموضوع توجهنا بالسؤال الى رئيس مجلس الامناء في "تجمع العلماء المسلمين" في لبنان الشيخ احمد الزين الذي حيا تضحيات القادة الشهداء، وذكّر ان "السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب والحاج عماد مغنية استشهدوا وبذلوا حياتهم على طريق فلسطين وفي سبيل القضية الفلسطينية التي هي جزء من المشروع الاسلامي الكبير"، واضاف ان "نفتخر ونعتز بهؤلاء القادة الشهداء ونحيي القلوب التي إلتقت عليها هذه الشهادة خاصة في هذه الاوقات حيث النسيان والغفلة بشكل كبير من قبل المسلمين والعرب لقضية فلسطين".
وشدد الشيخ الزين على "ضرورة توجيه البوصلة باتجاه فلسطين والابتعاد عن التفرقة والفتن التي تحاك للامة"، ولفت الى ان "فلسطين التي استشهد من أجلها القادة الشهداء هي التي يجب ان تجمع الامة لتحريرها من العدو الصهيوني"، ودعا "العرب والمسلمين الى الالتفات الى وجوب وجود قيادة واحدة لهم"، واشار الى ان "هذه القيادة لا تستحقها في هذه الآونة سوى القيادة الايرانية التي تعمل بشكل جدي من أجل الوحدة الاسلامية وتتبنى فعليا القضية الاسلامية والعربية اي القضية الفلسطينية".
الشيخ الزين: المقاومة عنصر قوة لدى الامة لتحرير فلسطين
وأكد الشيخ الزين على "وجوب مواجهة التفرقة والمشاريع الفتنوية التي يحيكها الغرب والاستكبار من خلال الوحدة بين المسلمين والاستفادة مما بين ايديهم من عناصر قوة"، ولفت الى ان "من أبرز عناصر القوة هذه هي المقاومة التي ردعت العدو الاسرائيلي وحمت لبنان من اي عدوان قد يفكر به هذا العدو"، ودعا "للاستفادة من هذه المقاومة للسير على طريق تحرير فلسطين وانهاء الكيان الغاصب على ارضها وطرد الصهاينة من كل الاراضي العربية والاسلامية المحتلة".
من جهة ثانية، أسف الشيخ الزين ان "واقع الامة العربية والاسلامية يشير الى تشتتها وضعفها وبعدها عما يدعو اليه الاسلام من ضرورة الوحدة واعتماد الشورى والقيادة الواحدة لكل المسلمين"، ورأى ان "العالم الاسلامي يتخلف اليوم عما هو عليه واقع الحال في كل العالم فحيث نرى الآخرين يسيرون نحو التوحد والتكتل نرى المسلمين يغرقون في خلافات وتشرذم"، واعتبر ان "الحل هو ان يتم الالتزام بالاسلام والحكم الشرعي والانطلاق للوحدة بين المسلمين كافة وترك العصبية الدينية المنغلقة وطرح الوحدة الاسلامية كحضارة انسانية تدعو للقيم الانسانية والتعاون والعدالة".
ويبقى ان هذه المقاومة الراسخة الواعية المبصرة ستكمل الطريق مهما قست الايام واشتدت الصعوبات وكثير الاعداء لانها مقاومة هدفها الاول والاخير الوصول الى الله، ولذلك تبقى الامانة التي اوصى بها سيد شهداء المقاومة بحفظ المقاومة ثابتة لا تتغير بتغير الازمنة والامكنة وبتغير الوجوه المعادية وستبقى الانجازات التي استشهد من اجلها الشهداء ومن بينهم الشهداء القادة محفوظة بإذن الله حتى الفرج الآتي لا محالة.
ولكن لا يتوهمن الاعداء ان هذه المقاومة التي لا تترك ارث شهدائها قد تترك ثأرهم في يوم من الايام، فالوفاء لقادتنا ولشهدائنا إكمال المسيرة والحفاظ على الانجازات وايضا محاسبة المجرمين القتلة ولو طال الزمن، فالحساب آت.
مونتاج: وسيم صادر