التقرير الصحفي التربوي ليوم الثلاثاء 18 - 2 - 2014
التقرير الصحفي التربوي ليوم الثلاثاء 18 - 2 - 2014:
1- موازنات البحث العلمي.. أقل من 0.5 في المئة
2- جبران في ثانوية الغبيري الرسمية
3- "أخطار السرعة وأضرارها في النبطية برنامج لتوعية تلامذة المدارس
4- جدارية "لا للمخدّرات" في النبطية
5- مؤتمر نموذج الأمم المتحدة في مدرسة الجالية الأميركية
6- الجامعة الأميركية تساعد اللاجئين في المدارس وفي المناطق تأخّر نموّ التلامذة ومشكلات تنفّس وقمل وجرب
7- غربة البحث العلمي | تعزيز التحول من العقلية الريعية إلى الإنتاجية
8- مدارس الضاحية الجنوبية تعيش هاجس الأمن المفقود مع استفحال الإرهاب
عوائق وشرطة وأمن في محيطها واتجاه لإنهاء العام الدراسي باكراً في بعضها
موازنات البحث العلمي.. أقل من 0.5 في المئة
أظهرت الأرقام في مؤتمر «رابطة جامعات لبنان» بعنوان «البحث العلمي والتعليم العالي: الآفاق والتحديات»، أن الإنفاق على البحث العلمي في معظم الدول العربية لا يتجاوز 0,3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي باستثناء تونس والمغرب التي يصل فيهما الإنفاق إلى أعلى من 0,7 في المئة، ونادراً ما يقل عن 1,8 في المئة في الدول الأوروبية والأسيوية، أما في لبنان فلا يزال أقل من 0,5 في المئة من الدخل القومي.
ويعتمد البحث العلمي العربي على 97 في المئة من تمويله على الحكومة، في حين لا يتجاوز التمويل الحكومي 40 في المئة في كندا و30 في المئة في أميركا، وهناك بعض الدول العربية مثل قطر والسعودية وتونس وعمان، يساهم القطاع الخاص فيها بفعالية في تمويل البحوث وتراوح المساهمة بين 3 و3,5 في المئة. وأعترف رئيس «رابطة جامعات لبنان» الأب وليد موسى أن «البحث العلمي الحقيقي والمعمق لم يحقق بعد التقدم المطلوب والذي يجعل لبنان في مستوى الدول الراقية».
وقال: «ميزانيتنا كجامعات خاصة أو جامعة لبنانية أو وزارة أو مجلس وطني، لم ترتق بعد إلى مستوى الحاجات التي يتطلبها البحث العلمي في الأرقام. وفي حين لوحظ غياب أي ممثل عن «الجامعة اللبنانية»، أنتقد عدد من رؤساء الجامعات فقدان الحلقة الأساسية المرتبطة بإستراتيجية التطوير، ويلفت رئيس مجلس إدارة «الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم» حاتم علامي، إلى أن الأمر يحتاج إلى أرضية صالحة يمكن التعرف إليها من خلال مجموع القوانين والنظم التي تحكم عمل مؤسسات التعليم العالي. وأكد لـ«السفير» أن الأبحاث العلمية تحتاج إلى مزيد من الاهتمام من خلال التمويل والتعاون بين الجامعات، وأيضاً الحرية الأكاديمية التي تعطي للأستاذ الجامعي مجالاً ليكون الباحث الذي يتجاوز الانتماء الضيق.
ويشدد رئيس «جامعة بيروت العربية» عمر جلال العدوي على أن الجامعات اللبنانية مليئة بالخبراء والباحثين في مختلف المجالات، غير أنه أسف عبر «السفير» لغياب تمويل البحث العلمي، وعدم إشراك القطاع الصناعي في هذا التمويل. وينفي رئيس «جامعة هايكازيان» الأب بول هايدوستيان وجود تعاون بين الجامعات، «معظم الجامعات جزر منفصلة، ولا يوجد جهود مشتركة، لأن كل طرف يريد مصلحته». ويلفت لـ«السفير» إلى أن أطروحات الماجستير التي تمنحها الجامعة، في التربية وإدارة الأعمال، تركز منذ عشر سنوات على المواضيع اللبنانية من خلال درس أوضاع الطلاب، والاقتصاد كونها على تماس مباشر مع المجتمع. ويعتبر عضو اللجنة التنظيمية للمؤتمر الخبير الأوربي بيار جدعون أن المشكلة الأساس تتمثل في نقص التمويل، والتفكير في السوق والإنتاج، بدلا من البحث. ويقترح عبر «السفير» أن يتم إدخال مقررات تعليم البحث العلمي بدءا من أول سنة دراسة في الجامعة، لتقوية الفكر الإنتاجي، وليس الاستهلاكي. وسأل: «كيف يستطيع الباحث إنتاج علمي، وهو يعمل على تأمين معيشته، وفي غياب إي ضمان لشيخوخته؟».
افتتح المؤتمر في «قصر الاونيسكو» أمس، برعاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان ممثلا بالمدير العام لوزارة الإعلام حسان فلحة، ومشاركة باحثين من لبنان وأوروبا، بالتعاون بين وزارة التربية و«المجلس الوطني للبحوث العلمية» وبرنامج «تمبوس» الأوروبي.
بعد كلمة رئيس اللجنة المنظمة طارق نعواس، أوضح مدير مكتب «تمبوس» في لبنان عارف الصوفي، أنه على الرغم من أن المشاريع التي يجري تنفيذها الآن ومن بينها 12 مشروعاً تم اختيارها في العام الماضي سيمتد العمل ببعضها حتى العام 2016، فان برنامج «تمبوس» قد حط رحاله في نهاية العام 2013 فاتحاً الطريق لبرنامج أكبر حجماً وأكثر شمولية هو برنامج «أراسموس بلاس» الذي بدأ العمل به منذ مطلع العام 2014 وسيتم إطلاقه قريباً في لبنان بالتعاون مع المفوضية الأوروبية في بيروت ووزارة التربية والتعليم العالي».
وبيّن رئيس مجلس الإدارة في «المجلس الوطني للبحوث العلمية» الدكتور جورج طعمة مدى أهمية التعاون بين الجامعات، مؤكداً أن تنافسية المجتمعات تبنى على إنتاج المستجدات الإبداعية. ووصف ممثل المدير العام للتعليم العالي أحمد الجمال، الدكتور نعيم عويني المؤتمر بأنه منتدى للقاء الباحثين من كل أقطاب العالم لعرض ومناقشة التطورات الحديثة في مختلف مجالات العلوم والتعليم وهو يهدف إلى تنمية وتطور العلوم، وسيبرز الإبداع والتمييز في البحوث العلمية التي يقوم بها الباحثون على مدار السنة. وألقى فلحة كلمة رئيس الجمهورية ورأى أن «تسعة وتسعين في المئة من أزماتنا ومشاكلنا الحالية ناجمة عن عدم احترامنا للمقاييس العلمية، سواء في إدارتنا العامة أو في مؤسساتنا التربوية، حيث غالباً ما تحل المحسوبيات المذهبية والطائفية والمناطقية والفئوية مكان الكفاءة العلمية». وأشار إلى أن الجامعات لم تعد في عالمنا المعاصر ميداناً للتدريس وحسب، بل «اتسعت مهماتها لتكون مراكز للبحث والتخطيط للمستقبل». ولفت إلى أن «الترابط العضوي بين البحث العلمي والتعليم العالي يشكل حافزاً للمجتمعات لمواكبة احتياجاتها الناتجة عن ارتفاع منسوب المسائل التربوية والصحية والاقتصادية والبيئة والتنموية وحتى السياسية، ما يدفعنا إلى الثني نحو مزيد من الجهد المشترك والعمل الدؤوب واعتماد المقاربات العلمية والمنطقية في معالجة أزماتنا الكثيرة والمتراكمة والمتوارثة». ثم قدم الدكتور موسى درعاً تقديرية لرئيس الجمهورية تسلمها ممثله فلحة. ويتابع المؤتمر أعماله اليوم.
جبران في ثانوية الغبيري الرسمية
تنظم "ثانوية الغبيري الرسمية" الأولى للبنات يوماً للكاتب اللبناني جبران خليل جبران بعنوان "ويل لأمة كثرت فيها الطوائف وقل فيها الدين"، يتضمن قراءات ولوحات من نصوص الكتاب وعرضا لمؤلفاته، من العاشرة حتى الثانية عشرة من ظهر غد الأربعاء في ملعب الثانوية.
"أخطار السرعة وأضرارها" في النبطية برنامج لتوعية تلامذة المدارس
أطلق مركز كامل يوسف جابر الثقافي الاجتماعي بالتعاون مع المديرية العامة لقوى الامن الداخلي برنامج "أخطار السرعة وأضرارها" التي تستهدف تلامذة المدارس الخاصة والرسمية في قضاء النبطية.
وكانت الندوة الأولى في ثانوية الصباح الرسمية بمشاركة آمر مفرزة السير في النبطية في قوى الامن الداخلي المقدم أحمد علي احمد الذي اعتبر العام 2007 أسوأ عام مر على لبنان بالنسبة الى الحوادث حيث قضى 800 مواطن، إلا ان الرادارات ساهمت في إنخفاض النسبة، إذ قضى زهاء 500 شخصا العام المنصرم أي بنسبة 30 في المئة".
وشدد على أن" حزام الامان هو من العوامل المخففة للاصابات الخطيرة والمميتة وهو اكثر فاعلية لحماية الركاب ، مقدما نماذج من الصور عن حوادث سير وقعت في لبنان ومدى أهمية حزام الامان كما على السائقين مراعاة العلامات الارضية وتلك الموجودة على الاعمدة".
ودعا الى "عدم تناول الكحول او استخدام الهاتف الخليوي أثناء القيادة لانهما من العوامل المسببة للحوادث المميتة والخطرة والقاتلة، وعدم السرعة على الطرق".ولفت مدير المركز جهاد جابر لـ"النهار" ان "القيادة الاخلاقية واجب وطني، لذلك بادرنا في المركز الى تعميم ثقافة القيادة السليمة على الأجيال الناشئة لتوعيتهم من أخطار السرعة وعدم التقيد بالإرشادات المرورية السليمة"، مؤكداً أن "هذا المشروع يستهدف كل ثانويات ومعاهد قضاء النبطية حيث ستعمم هذه الندوات لمدة أربعة أيام بالتعاون مع وزارة الداخلية".
جدارية "لا للمخدّرات" في النبطية
في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات دعت الهيئة الصحية الاسلامية بالتعاون مع بلدية النبطية تلامذة ثانويات مدينة النبطية ليرسموا بأناملهم جدارية ضخمة على جدران بطول ثلاثين متراً للتحذير من أخطار المخدرات في شارع محمود فقيه. وعبرت الجدارية عن الأضرار الناتجة عن المخدرات وما تسببه في جسم الإنسان وفي تحطيم المجتمع وتوقظ في الشباب الوعي من أخطار هذه الآفة الخطرة.
مؤتمر نموذج الأمم المتحدة في مدرسة الجالية الأميركية
أشارت مدرسة الجالية الأميركية في بيروت في بيان إلى انه "للسنة الـ11 على التوالي، عقد مؤتمر نموذج الأمم المتحدة - لبنان لمدة 3 أيام في المدرسة، واشترك في هذا المؤتمر تلامذة من العديد من المدارس اللبنانية والإقليمية، تناقشوا وتباحثوا في مواضيع وقضايا عالمية تمحورت حول محور الأمان العالمي". أضاف البيان ان "العالم الذي نعيش فيه متعدد الثقافات يسمح للناس من مختلف الجنسيات بأن يتعايشوا، غير أنه على المواطنين إدراك التحديات التي تحيط بهم وأن يسعوا إلى السلام والأمن والحقوق العادلة. لذا فإن على كل دولة أن تتبع تعاليم الأمم المتحدة حول العولمة لأمان استقرارها، لأن الأمم المتحدة تهدف أولاً إلى ضمان الأمن والحقوق العادلة في العالم".
وأشار البيان إلى أن النموذج لسنة 2014 تضمن: الجلسة العامة، والهيئة الاقتصادية لأفريقيا في الأمم المتحدة، ومجلس أمن لمناقشة حوادث تاريخية، والمحكمة الدولية للجرائم. وألقى كلمة الافتتاح نائب المدير الإقليمي لـ UNDP هذه السنة شومبي شارب. أضاف: "شهد برنامج نموذج الأمم المتحدة في مدرسة الجالية الأميركية العديد من النجاحات، وتم التنويه به دوليًا كمؤتمر تربوي ذي مستوى عال، وتنظيم جيد، وكفرصة تعلمية ثمينة يتناقش من خلالها التلامذة في مواضيع وقضايا عالمية، لمحاولة اتخاذ القرارات بشأنها، والعمل في مجموعات تسمح لهم بايجاد رابطات وصداقات جديدة".
وختم، لافتاً إلى أن المناهج التعليمية في مدرسة الجالية الأميركية "تتخطى مفهوم التعليم داخل الصفوف، إذ لا تهدف المدرسة إلى تنشئة متعلمين فقط بل أيضًا تنشئة قادة مثقفين ومفكرين. لذلك تعمد المدرسة إلى إشراك التلامذة في نشاطات لاصفية متنوعة، منها برنامج نموذج الأمم المتحدة في لبنان الذي يقدم للتلامذة فرصة ثمينة لتطوير مهاراتهم الفكرية".
الجامعة الأميركية تساعد اللاجئين في المدارس وفي المناطق تأخّر نموّ التلامذة ومشكلات تنفّس وقمل وجرب
تقوم فرق متطوّعي الإغاثة من طلاب الجامعة الأميركية في بيروت ومن العمال الصحيين في مركزها الطبي بمساعدة اللاجئين السوريين في لبنان.
وقال نائب رئيس الجامعة الأميركية في بيروت للشؤون الطبية وعميد كلية الطب فيها الدكتور محمد الصايغ ان "اللاجئين السوريين في الشمال والبقاع هم في حاجة ماسة إلى الدعم الطبي، لذا طوّرنا برامج متعدّدة لتمكّننا من تقديم خدمات العناية الطبية الأولية والعاجلة التي يحتاجون إليها".
ومنذ مطلع السنة، تقوم عيادة نقّالة ومحمولة على باص، من المركز الطبي في الجامعة، بزيارة البقاع والشمال مرتينفي الأسبوع. وتقصد مخيمات اللاجئين والمدارس التي تديرها اليونيسف وجمعية "بيوند"(Beyond) لإيوائهم.
وقال رئيس دائرة طب العائلة في المركز ومدير برنامج العيادة النقّالة الدكتور غسان حماده: "اخترنا المدارس لأنها الحل الطبيعي والأكثر فاعلية لجمع الأولاد في مكان واحد لفحصهم".
وقالت أستاذة طب العائلة في المركز الطبي والمديرة المشاركة لبرنامج العيادة النقالة إلى جانب حماده الدكتورة منى عثمان: "كثيراً ما نجد القمل والجرب ومشكلات الأسنان وتأخر النمو والتهابات جهاز التنفس العُلوي الحادة".
واعتبرت أن السلامة في مخيمات اللاجئين غير المنتظمة مثيرة للقلق، كما أن الطقس السيئ وصعوبات التنقل يعوقان الوصول إلى اللاجئين. وأوضحت أن هذه المعوقات لا تمنع المشروع من التقدّم. وأردفت: "إننا ندرس حالياً تنفيذ برامج تلقيح حيوية لهؤلاء الأولاد، بمساعدة وزارة الصحة".
وقال مدير الشؤون الطبية الخارجية في المركز الطبي في الجامعة عماد صادق: "نخطط لزيادة زيارات العيادة النقّالة للاجئين ولاستقبال مرضى أكثر في مراكز العناية العاجلة للاجئين، ولكن هذا سيتطلّب المزيد من الأموال". ولا تقتصر مساعدة الجامعة للاجئين على المساعدة الطبية. فمنذ تشرين الأول 2012، يعمل مركز الالتزام المدني وخدمة المجتمع في الجامعة على عدد من البرامج تحت اسم "مشروع الإغاثة السورية".
وقال مدير المركز الدكتور منير مبسوط: "لدينا الآن 3000 كيلوغرام من المواد غير الغذائية جاهزة للتوزيع، وغيرها ستصل إلينا".
وتعاونت وحدة مشاريع التنمية المجتمعية في المركز مع دوائر مختلفة في الجامعة لتصميم ملجأ باسم "غطاء" ونُصب نموذج له قرب "وست هول" في الجامعة. وقد صَمَّمت "غطاء" فرقاً من مركز الالتزام المدني وخدمة المجتمع، ومن كلية الهندسة والعمارة، ودائرة تصميم المساحات الخضراء في كلية العلوم الزراعية والغذائية. ونَصب مركز الالتزام المدني وخدمة المجتمع أول ملجأ "غطاء" في أيلول الماضي في جنوب لبنان. وقال مدير الوحدة ربيع شبلي إن الوزير وائل أبو فاعور قام أخيراً بزيارة نمودج "غطاء" وقال إنه يريد أن تعتمده الحكومة اللبنانية كقاعة صف دراسي للاجئين السوريين. وستوقّع الوزارة اتفاقاً يتيح لها استخدام "غطاء" كغرفة صف دراسي في تجمعات اللاجئين غير النظامية.
غربة البحث العلمي | تعزيز التحول من العقلية الريعية إلى الإنتاجية
ليس التمويل وحده ما يعوق البحث العلمي في لبنان، بل هناك عوامل أخرى لا تقلّ أهمية، منها: خلق هوية بحثية وطنية لتلبية حاجات المجتمع المحلي، تعزيز الأبحاث في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، تفرغ الأستاذ الجامعي للعمل البحثي، اعتماد منظومة التربية المبنية على البحث العلمي منذ السنة الجامعية الأولى، وثقة القطاعات المنتجة بالباحثين.
ليس سهلاً التقاط الخيط بين استقطاب الدعم الدولي للبحث العلمي وخلق هوية بحثية وطنية، يقول رئيس مجلس الأبحاث في جامعة البلمند د. شفيق مقبل. برأيه، في لبنان هناك الكثير من الإنتاجية البحثية وفي مجالات متعددة والقليل من ثقافة البحث والرؤية التي تسخر الموارد لخدمة حاجات المجتمع المحلي. ما يحصل، بحسب مقبل، أن «طلابنا الباحثين يتابعون الدكتوراه في الخارج وينجزون أبحاثاً في مسائل مرتبطة بالمكان الذي يوجدون فيه، وعندما يعودون إلى مجتمعهم الأم يجرّبون البحث في قضاياه، لكن الأمر لا يسير بالوتيرة السريعة التي يجب أن يسير فيها».
المهمة ــ كما يقول ــ تصبح أكثر تعقيداً عندما يفضل النسيج الاقتصادي مثلاً استيراد الأفكار الصناعية، ليجعلها تتناسق مع الحاجات المحلية، بدلاً من أن يستثمر في الأفكار الجديدة التي يقدمها الباحثون اللبنانيون بذريعة أنّ «السوق المحلية ضيقة وحجم المؤسسات الصناعية محدود وما فيها تستثمر بالأبحاث
الكبيرة». لكن ماذا لو كانت50% من منشورات البحث العلمي في لبنان تقع في فخ الاعتماد على باحثين دوليين لا تعنيهم مشاكلنا الاجتماعية؟ النسبة يفصح عنها مستشار العلوم الطبية في المجلس الوطني للبحوث العلمية د. فواز فواز، خلال مؤتمر «البحث العلمي والتعليم العالي: التحديات والآفاق» الذي نظمته رابطة جامعات لبنان. يقول إنّ المجالات البحثية نفسها تتكرر كل عام وتتركز على العلوم الأساسية (فيزياء، كيمياء، رياضيات، علوم الكومبيوتر) والهندسة وعلوم الحياة (البيولوجيا) والطب الإحيائي، فيما تكاد الطلبات التي تنتظر دعم المجلس الوطني للبحوث العلمية في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية تكون شبه معدومة.
المجلس نفسه لم يتوصل إلى حل لهذه المشكلة التي يعزوها فواز إلى أنّ الباحثين الاجتماعيين يفضلون نشر أبحاثهم في الصحف والمجلات، على أن يضعوها في مجلات علمية محكمة.
إلا أنّ أستاذ الألسنية في الجامعة اللبنانية د. هيثم قطب، يقدم صورة مغايرة، فيتحدث عن «فائض في الأفكار ومشاريع الأبحاث في المجالات الإنسانية والاجتماعية في جامعتنا»، سائلاً عما إذا كان بإمكانهم التقدم إلى المجلس للحصول على الدعم، فأجاب فواز: «طبعاً، هذا ما ننتظره، شرط أن تتوافق هذه المشاريع مع المعايير التي تحكم الأبحاث العلمية».
لم نصل بعد إلى مأسسة البحث العلمي، يعترف فواز. يسوق بعض الوقائع: الجامعات التي تجري أبحاثاً علمية جدية لا تتجاوز أصابع اليدين. أقل من 10% من الأساتذة هم باحثون. يخصص الأساتذة 1 إلى 2% من وقتهم للبحث العلمي. ما من إحصاء نظري لعدد العاملين فعلياً في مجال الأبحاث. بعض هؤلاء أجروا أطروحاتهم في الخارج ويخدمون المجتمعات التي درسوا فيها، آخرون يعملون وحدهم، لا ضمن فرق بحثية، ولا يحصلون على الإمكانات المطلوبة لإنجاز البحث. أما القسم الأكبر من الباحثين، فيرزحون تحت عبء ساعات التدريس الكثيرة التي تغرقهم فيها إدارات جامعاتهم». مع ذلك، 90% من الأبحاث العلمية في لبنان تجري في الجامعات، بحسب فواز، والباحثون هم موظفون ولا يستطيعون القول إنّهم يملكون أبحاثهم وقادرون على بيعها في الخارج. المفارقة التي يسجلها هي «أننا لا نعرف على سبيل المثال ماذا تنتج المستشفيات من أبحاث؛ لأن من يجري هذه الأبحاث هم أساتذة الجامعات المرتبطة بهذه المستشفيات».
لا انفصال بين البحث العلمي وخدمة المجتمع، وبالتالي فالانتظارات من البحث لا يمكن أن تكون كثيرة في مجتمع استهلاكي غير منتج وفي بلد تسيطر فيه العقلية الريعية على العقلية الإنتاجية، يقول مسؤول العلاقات الدولية في جامعة سيدة اللويزة د. بيار جدعون.
برأيه، لا بديل من إدخال منظومة «التربية المبنية على البحث العلمي» منذ السنة الجامعية الأولى، وليس في حلقة الدكتوراه فحسب، وأهمية تعزيز العلاقة بين الجامعات والقطاعات الإنتاجية، ولا سيما الزراعة والصناعة. يستبعد جدعون أن يفكر الأستاذ الجامعي في البحث العلمي إذا كان مضطراً إلى العمل في أكثر من مكان كي يؤمن أبسط مقومات العيش الكريم له ولعائلته. اللافت هنا ما يحذر منه رئيس مجلس الإدارة في المجلس الوطني للبحوث العلمية د. جورج طعمة، وهو تحول التعليم الجامعي إلى الاعتماد على المعلومات المستخدمة في أنحاء مختلفة من العالم، فيما ينبغي للجامعات أن تتكل على إنتاجيتها الذاتية بتشجيعها للبحوث وضم نتاجها إلى المناهج التعليمية.
في المقابل، تتوقع وزارة الصناعة، بحسب المهندس د. إيلي عوض، من الجامعات مبادرات لتطوير الإنتاج الصناعي، ولا سيما في مجال الصناعات الغذائية. الأمر، كما يقول، يحتاج إلى لوبي لتعزيز التفاعل بين الباحث والصناعي، على أن ينال الأخير على البحث المجدي الذي يقدمه للوزارة حسماً على الضرائب.
يقول عوض إن العمل لا يزال خجولاً في هذا المجال؛ فالباحثون لا يعرفون ما هي القطاعات الأساسية التي يجب أن يبحثوا فيها، فيما يخشون إعلان أبحاثهم نتيجة ضعف تطبيق حماية الملكية الفكرية.
للجامعات ما تقوله أيضاً بشأن العوائق التي تعترضها؛ فرئيس رابطة جامعات لبنان د. وليد موسى، يشير إلى أن «ميزانيتنا كجامعات خاصة أو كجامعة لبنانية أو كوزارة أو كمجلس وطني للبحوث لم ترتق بعد إلى مستوى الحاجات التي يتطلبها البحث العلمي في الأرقام. لا تزال موازنات البحث العلمي في لبنان أقل من 0,5 في المئة من الدخل القومي، أي أقل من 10/1 من ميزانية البحث العلمي في إسرائيل».
البحث العلمي يحتاج إلى دعم القطاع الخاص إلى جانب إنفاق الدولة، كما يجزم د. أحمد عويني من المديرية العامة للتعليم العالي، فالإنفاق على البحث العلمي في معظم الدول العربية لا يتجاوز 0,3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما عدا تونس والمغرب التي يصل فيها الإنفاق إلى أعلى من 0,7 في المئة.
وبينما يعتمد البحث العلمي العربي على 97 في المئة من تمويله على الحكومة، لا يتجاوز التمويل الحكومي، بحسب عويني، 40 في المئة في كندا و30 في المئة في أميركا وأقل من 20 في المئة في اليابان. وحدها قطر والسعودية وتونس وعمان نجحت في الحصول على تمويل القطاع الخاص الذي تراوح مساهمته بين 3 و3,5 بالمئة.
مدارس الضاحية الجنوبية تعيش هاجس الأمن المفقود مع استفحال الإرهاب
عوائق وشرطة وأمن في محيطها واتجاه لإنهاء العام الدراسي باكراً في بعضها
أفكر فعلياً في نقل الاولاد إلى مدرسة «الضيعة» لم أعد أثق أنهم سيعودون سالمين من المدرسة مع هذا الموت الذي يوزعه الإنتحاريون المختلّين على الناس الابرياء، هي أم تخاف على اولادها، ولكن الله هو الحامي ومن يؤمن بالله لا يخاف كما تقول مديرة مدرسة، كلها أحاسيس ومشاعر تنتاب سكان الضاحية الجنوبية عند كل تفجير أو القبض على إرهابيين كانوا يستهدفونها.
ولكن الحياة يجب أن تستمر والاولاد يجب أن يذهبوا إلى المدرسة، فمن يضمن أمنهم؟ إجراءات كثيرة اتخذت منذ بداية الأعمال الإرهابية، فإضافة إلى الإجراءات التي اتخذتها القوى الأمنية على مداخل الضاحية، لجأت المؤسسات التربوية إلى سلسلة احتياطات لتأمين محيطها وسلامة طلابها. فيما لجأت مدارس إلى حذف جزء من المقررات لإنهاء العام الدراسي باكراً بما لا يتجاوز 5 او6 حزيران، في محاولة للتخلص من هذا الهاجس القاتل.
قلاع
حوّلت بعض المدارس أبنيتها إلى قلاع محصّنة لا سيما الإسلامية منها، فوضعت المكعبات الإسمنتية، وجهّزت عدداً كبيراً من الحراس لحماية المداخل والمحيط، وأخضعت الطلاب إلى دورات إخلاء وإسعافات أولية تحسباً لأي جنون إرهابي يمكن أن يطالها، كما تمنع الأهالي من التوقف أمام المدرسة لإنزال أولادهم مما يضطرهم إلى الوقوف بعيداً واصطحاب الاولاد سيراً على الاقدام.
وتتحدث مسؤولة في إحدى المدارس الإسلامية عن إجراءات تتحضّر المدرسة لاتخاذها إضافة إلى الإجراءات الأمنية، تتعلق بأهداف العام الدراسي التي من المتوقع أن تقلّص او أن يجري تكثيف الدروس في هذين الشهرين أو يتم حذف جزء من المقرر من المناهج، بما لا يتجاوز 5 او 6 حزيران، ولكن قد يحتاج ذلك إلى قرار جماعي صادر عن وزارة التربية، والهدف كما تقول تخفيف التوتر عند الأهل والطلاب بسبب الهاجس الأمني، إلا أن ذلك لا يعني التأثير على مستوى العام الدراسي ككل. وتعترف أن عدة طلاب انتقلوا من المدرسة مع بداية العام الدراسي إلى مناطق اكثر امناً بالنسبة إليهم.ورغم هذه الإجراءات والإحتياطات تُبدي عدة أمهات رغبة في نقل اولادهن إلى فروع المدرسة في المناطق الأكثر امناً، وهو ما حصل مع بداية العام الدراسي، وتقول إحدى الأمهات رندا.ح. إنها تخاف على أولادها ليس من وجودهم في المدرسة ولكن من الطرقات وقد رأينا ما حصل مع طلاب في التفجيرات السابقة.
تجاور المخفر
وفي مدرسة المحبة للراهبات التي تجاور المخفر والبلدية في المريجة تضحك المديرة الأخت مفرج من الإجراءات الأمنية، لأن بمفهومها فان الحامي هو الله وحده، ولكن المخفر والبلدية وحزب الله يتخذون إجراءات أمنية حول المدارس، ونحن بدورنا نمنع أي سيارة من التوقف أمام المدرسة أو في محيطها القريب، وحول تنقل أفراد الهيئة التعليمية الذين يقطنون في مناطق بعيدة جغرافياً قالت: لا أحد يتعرض لهم، وإذا قصدتم الخوف فكل الناس تخاف من المتفجرات ولكن الأساتذة يأتون والعام الدراسي بالنسبة لنا لم يتأثر، ونحن نتكل على الله فهو من يحمي وهو من يحدد ساعة الموت لكل انسان، ونفت أن يكون هناك اتجاه لاختصار المناهج أو البرامج.
ويتحدث ولي أمر 3 طلاب في المدرسة محسن.أ عن هاجس الخوف الذي ينتابه عند كل انفجار، حتى أن الاولاد طالبوه بالانتقال إلى القرية والتسجيل في مدرسة هناك من شدة خوفهم، وهو يفكر جدياً بالانتقال إلى هناك العام المقبل إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
الرسمية تتكل على إدارتها
اما المدارس الرسمية التي تخضع لسلطة وزارة التربية فإنها متروكة لتدبير نفسها بنفسها، وبما أن هذه المدارس خاضعة لنفوذ حزب الله فإن الحزب يتخذ بعض الاحتياطات لحمايتها كما سائر المؤسسات في المنطقة، فقد قام بتسجيل أرقام وأنواع سيارات الأساتذة ايضاً لتسهيل وقوف سياراتهم في المنطقة، ويقول مدير مدرسة حسين مكتبي في المريجة محمد عنان: طلبنا من المعلمين والأساتذة وضع بطاقات تعريف على سياراتهم، وأحطنا المدرسة بعوائق اسمنتية، وأنا أقوم بجولات دائمة حول المدرسة، لأنه كما نعرف لا أحد يكبح الانتحاري، لذلك نقفل البوابات الخارجية ونتعاون مع البلدية عند خروج ودخول الطلاب وكما نضع النظّار في الملاعب وعند البوابات، وكشف أن حوالى خمس طلاب تركوا المدرسة مع بداية العام الدراسي وانتقلوا إلى مناطق اخرى، واوضح انه عند أي تفجير تمنع الإدارة الطلاب من الخروج حتى يتم تأمين الطريق او يأتي الاهالي لأخذهم، ونفى أن تكون الثانوية قد أخضعت الطلاب لدورات إخلاء أو إسعاف، ولكنها بصدد دورة تدريبية مع الدفاع المدني والصليب الأحمر والبلدية. وعن اختصار البرامج فهو لم يتبلغ من الوزارة أي قرار بهذا الشأن لأن ذلك طبعاً من مسؤولية وزارة التربية.
وها هو الطالب عباس الدرسا في صف الاول ثانوي لا يستطيع أن يخفي خوفه من المتفجرات ولا سيما أن طلاباً قضوا في التفجيرات، حتى أن والدته تطلب منه بعد كل انفجار أن لا يذهب إلى المدرسة، ووالده هو من يقله إلى المدرسة، وهو يتأسف لانه محروم من القيام من أي نشاط ترفيهي، ويؤكد أن إدارة المدرسة لا تسمح لهم بالخروج عند سماع أي انفجار أو حتى شائعة عن الاشتباه بسيارة.
كما زميله يتأسف آدم زين الدين على الاوقات التي تضيع منهم، فقد أصبحت حياتهم تقتصر على الذهاب إلى المدرسة ومنها إلى البيت، درس وتلفزيون فقط، وهو أيضاً يخاف أن تلاحقه المتفجرات في الطريق إلى المدرسة، ويقول أن الشائعات كل يوم تنتشر عن وجود سيارات مفخخة مما يزيد من منسوب الخوف لدينا.
دور البلديات
ودور البلديات هو الاساس في تنظيم اوضاع الطرقات ومحيط المدارس، إلا أن هذه البلديات تفتقر إلى العدد اللازم من العناصر البشرية لتأمين محيط المدارس مع وجود أعداد كبيرة من المدارس في منطقة الضاحية الجنوبية، ويوضح رئيس بلدية برج البراجنة زهير محمد جلول انه مع بداية العام الدراسي عقد اجتماع بين مدراء المدارس وبين رؤساء البلديات، كل بلدية ضمن نطاقها، وذلك بالتنسيق مع التعبئة التربوية، وكان هناك عدد من الاقتراحات، منها تنظيم الطرقات باتجاه واحد وفرز شرطي بلدي أمام كل مدرسة عند الدخول والخروج وطلبنا من المدارس تأمين حراس خاصين لأن أعداد الشرطة في البلدية لا تكفي، كما ساعدت البلديات في تأمين العوائق الإسمنتية حول المدارس، كما فعّلنا حركة الدرّاجين للمساعدة وتسهيل المرور، كما أن اتحاد بلديات الضاحية وضع شرطة بالخدمة عند الضرورة.
كما كل الضاحية الجنوبية وبيروت يعيش طلاب لبنان تحت هاجس الخوف من الارهاب والإنتحاريين الذين يقطفون أعمارهم باكراً في حرب عبثية لا ذنب لهم بها، سوى أنهم ولدوا في لبنان.