تقول المعلومات في العاصمة الفرنسية أن اليمن يشكل بعد سوريا نقطة التخوف الاولى غربيا
في ندوة في مجلس الشيوخ الفرنسي حول الشرق الاوسط وفي مداخلة حول اليمن قال خبير في شؤون المنطقة يعمل محاضرا في جامعة باريس (علوم سياسية): "الحدث الابرز الذي يدور حاليا في المنطقة بعيدا عن الاعلام هو تقدم الحوثيين الذين وصفهم (انصار ايران) في اليمن الشمالي مستغلين انشغال الجيش اليمني في الجنوب في مواجهة الحراك الجنوبي، والأهمية الاستراتيجية تكمن في اقتراب حلفاء ايران من البحر الاحمر لأول مرة في منطقة (لحج). لقد كان الحوثيون لحد الان يشهدون صعوبات كبيرة في عمليات التزود والدعم بالسلاح والعتاد بسبب بعد صعدة عن البحر وانطوائها داخل الجبال، وسوف يعزز وصولهم الى البحر من مكانتهم في اليمن ويقوي نفوذهم، ما يشكل مقدمة طبيعية لوصول الحوثي الى حكم صنعاء بطريقة مباشرة او بطريقة غير مباشرة عبر تحديد حكام اليمن الجدد" يختم الخبير الفرنسي كلامه.
هذه الندوة عقدت قبل تقدم قوات الحوثيين على طريق صعدة صنعاء وفك الحصار عن المحافظة ووصول قوات الحوثيين الى مشارف العاصمة اليمنية صنعاء ، ما أنتج ميزان قوى استراتيجيا جديدا في منطقة الخليج العربي والبحر الاحمر خصوصا ان لليمن موقعا استراتيجيا كبيرا في خليج عدن يهم الولايات المتحدة، وايران والسعودية، ودخول العامل الروسي على هذا الاهتمام بقوة أعاد الى القيصر الروسي الجديد أحلام السيطرة السوفياتية على خليج عدن ، عندما كان اليمن الجنوبي شيوعيا (هذا سوف نتناوله في الجزء الثالث).
خرج الحوثيون عسكريا من منطقتهم الجبلية وتمددوا في اتجاهات اليمن الاربعة عسكريا ايضا لان الوجود (الزيدي) متجذر في كل زوايا جبال اليمن ومدنه وقراه، منذ دخول الاسلام الى اليمن، ووصلت قواتهم الى معاقل آل الاحمر الزعامة التاريخية في قبائل حاشد، الذين خسروا المعركة وخسروا معها تأييد القبائل التي تشكل حلف حاشد القبلي الذي شكل نقطة ارتكازهم القبلي في اليمن.
فر آل الاحمر من معقلهم التاريخي في (الخمري) بعد تدمير قصورهم فيها وأنتج اتفاق الهدنة بين القبائل والقوات الحوثية بندا يلغي المشيخة التاريخية لآل الاحمر وبالتالي زعامتهم على اليمن التي امتدت طيلة سنوات حكم علي عبدالله صالح قبل ان ينقلبوا عليه في تحالفهم مع جماعة الاخوان المسلمين أثناء الثورة اليمنية التي اسقطت صالح وأبقت على نظامه وحكمه بدعم من السعودية، التي يرعبها اليمن اكثر من اي بلد آخر.
وفي المعلومات ان الولايات المتحدة الامريكية، سوف تطرح الموضوع اليمني مع ايران في مراحل التفاوض القادمة بين البلدين بعد تأسيس قاعدة ثابتة في الملف النووي الايراني وفي الملف السوري.
وتقول المعلومات في العاصمة الفرنسية أن اليمن يشكل بعد سوريا نقطة التخوف الاولى غربيا بسبب التواجد القوي لتنظيم القاعدة فيه وسيطرته على معابر بحرية مهمة، وقربه من دول الخليج النفطية. وطفا هذا الاهتمام على السطح بعد التقدم العسكري الاستراتيجي الذي حققه الحوثيون ، الذين يعتبرهم الغرب حلفاء لطهران ، من الصعب مواجهتهم حاليا بسبب الحرب في سوريا وانشغال الامريكي بتنظيم البيت السعودي الداخلي لمرحلة ما بعد عبدالله بن عبد العزيز آل سعود الذي يشهد صراعات خفية بين الجيل الثاني من العائلة الحاكمة، فضلا عن سقوط أحزاب الاخوان المسلمين في العالم العربي الذي كان العامل الحاسم في سقوط آل الاحمر إقليميا ودوليا وعدم الاندفاع الغربي لاثارة موضوع اليمن عاليا في الاونة الاخيرة، ما سهل عملية سقوطهم محليا بهذا الشكل المهين والسريع.
وفي المعلومات أيضا أن شركة ( توتال) الفرنسية تضغط على الإليزيه لعدم الانجرار في اي مسعى سعودي لإدخال فرنسا في صراعات في اليمن تحديدا، وحسب المعلومات نفسها كان لشركة توتال الدور الكبير في تنظيم زيارة وفد نقابة رجال الاعمال الفرنسيين الذين زاروا طهران نهاية الشهر الماضي وقد بلغ عددهم اكثر من خمسين رجل اعمال وصناعي فرنسي، وكانت فرنسا قد شاركت بشكل غير مباشر في حرب صعدة السادسة عبر تزويد الطيران الاماراتي بقطع الغيار لطائراته الفرنسية التي شاركت في قصف صعدة خلال تلك الحرب.
في الجزء الثاني: الثقل السعودي.. أسباب ونتائج