27-11-2024 08:49 PM بتوقيت القدس المحتلة

نيران سعودية قطرية: خليجنا واحد... أحياناً

نيران سعودية قطرية: خليجنا واحد... أحياناً

«خليجنا واحد» لا يمكن الركون إلى معاني الشعار، الذي تحول كما كل الشعارات العربية إلى كلمات لتدجين العقول والسقوط في فخ المجاملات.


ميساء المهندي

«خليجنا واحد» لا يمكن الركون إلى معاني الشعار، الذي تحول كما كل الشعارات العربية إلى كلمات لتدجين العقول والسقوط في فخ المجاملات. الخليج ليس واحداً والأهواء السياسية والتجاذبات على السعي للسيطرة تخيم على العلاقات بين دول مجلس التعاون، الذي يهتز بين فترة وأخرى، على ايقاع الحملات الاعلامية والتراشق المتبادل.

في الفترة الأخيرة، تتداول بعض المواقع الإخبارية والصحف الخليجية قضية الخلافات بين السعودية وقطر، والإمارات وقطر تحت عنوان «السعودية تهدد بطرد قطر من مجلس التعاون الخليجي» و«تأديبها» عبر عدد من الإجراءات.

اختلاف تعامل دول الخليج العربي مع تيار «الإخوان المسلمين» يجد تجسيداته واضحة في الموقع الذي يحتله التيار داخل قطر والسعودية والإمارات. ففي الوقت الذي تسعى فيه قطر إلى أن تصبح عاصمة الإخوان في العالم، حيث المقر الرئيسي والناطق الرسمي والزعيم الروحي، تخوض الإمارات حملة واسعة لتأليب دول المنطقة على التنظيم وتنسيق الحملات الأمنية ضده.وتشير الدول الخليجية المجاورة لقطر إلى وجود علاقات طيبة تجمع مشايخ الإمارة النفطية بتيار الإخوان، تحولت إلى عطف خاص على رموزه في مختلف البلدان العربية.

والدعم القطري للإخوان مفتوح، يقضي بمصاحبة الإخوان إلى حين الفوز في الانتخابات داخل البلدان التي تعتمد صناديق الاقتراع قاعدة للتداول على الحكم، أو دعمهم بالسلاح في البلدان التي يقتضي تغيير الأنظمة فيها عملاً عسكرياً حاسماً، كما حدث في ليبيا ويحدث في سوريا.

«خليجنا واحد»، الذي يردده زعماء الخليج، أصبح مثارا للسخرية والنكتة على شبكات التواصل الاجتماعي، الذي يضج بالعنصرية والكراهية بين الناشطين والصحافيين الخليجيين.

دولة قطر والسعودية عضوان في مجلس التعاون الخليجي، إلا أن الخلافات لم تتوقف بينهما منذ الثمانينات، لكنها كانت «على نار هادئة»، كما يصفها البعض، حتى اشتعال الأزمة السورية، واحتدم الصراع بينهما عقب اندلاع ثورة 30 يونيو، التي ساندها الجيش المصري، وأيدتها جميع الدول الخليجية عدا قطر، التي تنظر إليها على أنها انقلاب عسكري، على غير الحقيقة.

وتقول التسريبات إن الأمير الكويتي تلقى اتصالًا هاتفيًا من ملك السعودية عبد الله، أبلغه فيه الاخير إيصال رسالة إلى أمير قطر، مفادها «إذا لم تتوقف قطر عن التدخل في الشؤون السعودية، فسوف تقود المملكة حصارًا بحريًا وبريًا وجويًا ضدها، وصولًا إلى إخراجها من مجلس التعاون الخليجي».

وإن كان في هذه التسريبات بعض من المغالاة، إلا أن المتابعين يؤكدون أن أجواء التشنج والاستياء تخيم على العلاقات بين «الأخوين»، وأن ثمة مجموعة سياسية في السعودية ترى «أنه يجب على الأخ الكبير تأديب من هو أصغر منه».

وتتنازع منطقةَ الخليج العربي مقاربتان في التعامل مع تيار الإخوان المسلمين: المقاربة الأولى تعتمدها قطر، التي كانت دائما متميزة في سياستها الخارجية عن دول الخليج، وتقوم على التعامل المفتوح مع الجماعة واحتضانها واستثمار نفوذها في عدد من الدول العربية. أما المقاربة الثانية، فتقودها الإمارات والسعودية وإلى جانبهما الكويت والبحرين وعمان، وتقوم على اعتبار تيار الإخوان، الذين اعتلوا السلطة في مصر وتونس والمغرب وليبيا، خطراً مستطيراً على أنظمة وأمن واستقرار دول المنطقة.

في الوقت الذي تحتضن فيه قطر مؤتمرات ومنتديات الإخوان المسلمين، وتستقبل رموزهم وتمد التيار العالمي بمختلف أنواع الدعم الإعلامي والسياسي والمادي، تعلن باقي دول المنطقة عن اعتقالات دورية تطاول عناصر الجماعة، على خلفية تهم تصب جميعها في تهديد الأمن والاستقرار و«التآمر من أجل إسقاط أنظمة الحكم».

وفي الوقت الذي تستضيف فيه قناة «الجزيرة» القطرية الشيخ يوسف القرضاوي، الذي يعد الزعيم الروحي العالمي لتيار الإخوان، ليقدم فتاواه في قضايا الدين والسياسة وثورات الربيع العربي، تعرض فيه الإمارات صوراً لعناصر شبكات الإخوان المحلية، تقول سلطات أبو ظبي إن لها مخططات تتعلق بقلب نظام الحكم والتعامل مع جهات خارجية. ووجهت أصابع الاتهام على نحو شبه رسمي إلى الدور القطري الداعم لشبكة الإخوان، التي جرى تفكيكها في الإمارات، والتي قالت مصادر إماراتية إنها كانت تسعى إلى إقامة «الإمارة2» في الإمارات بعد إقامة «الإمارة 1» في مصر.

وأفادت مصادر مطلعة بأن قطر تعرض الجنسية على عدد كبير من القادة، وفي صدارتهم الداعية السعودي محمد العريفي، وهو أحد أهم الأسباب التي دعت الملك إلى تهديد قطر، وفق بعض التحليلات.

وبالرغم من أن قطر والسعودية عضوان في مجلس التعاون الخليجي، إلا أن دعم القطريين للمجموعات المتشددة في بعض الدول العربية، ومعارضة السعودية لهذه المجموعات، واعتبارها تمثل تهديدًا لأمن المنطقة، أديا إلى احتدام حدّة الخلافات بين البلدين.

ويزداد القلق السعودي والاماراتي من أداء أحد أفراد الأسرة الحاكمة القطرية، ويدعى الشيخ فيصل آل ثاني، الذي مول عناصر إخوانيين سعوديين، بينهم طارق السويدان ونبيل العوضي، اللذين لا يوفران الإمارات والسعودية من الهجوم والانتقاد، كما يضيرهما استخدام الأراضي القطرية في أعمال تسيء إلى استقرار مصر والسعودية، حيث تستضيف قطر شخصيات سعودية معارضة مؤيدة لإنهاء حكم آل سعود، وداعمة لجماعة الإخوان المسلمين التي تبغضها كل من السعودية والامارات والكويت.

قطر التي ملأت الدنيا ضجيجاً، ودخلت في برامج دعم الدول التي شهدت «الربيع العربي» لحجز مكانة لها في تاريخ المنطقة، لم تستطع بلوغ القمة التي طمحت إليها بسبب فشل إحلال الربيع المدني والديموقراطي الحقيقي، ودعمها اللامحدود لجماعات الاخوان للسيطرة على العالم العربي، الأمر الذي دفع السعودية والامارات الى الوقوف ضدها وإحباط مخططاتها. وهذا ما انعكس على المسار السياسي والأمني في كل من اليمن وليبيا والمصر وأخيراً في سوريا، سوريا التي تعاني «حرب الأخوة» عبر تقاتل المجموعات المسلحة على أراضيها.

في ما يخص الأحداث السورية، كان هناك تكاتف بين السعوديين وقطر والإمارات لدعم الثوار في مطلع عام 2012، ولتمويل جماعة المعارضة الرئيسية حينذاك، المجلس الوطني السوري.

وبدأت السعودية بتسليح المعارضة مباشرة إلى جانب العمل مع قطر عبر مركز قيادة في تركيا لشراء وتوزيع الأسلحة، لكن التوتر تصاعد بين الطرفين بسبب الخلاف بشأن أي الجماعات ينبغي تسليحها، فالسعودية والإمارات عبرتا عن قلقهما من تسليح قطر وتركيا لجماعة الإخوان، فيما أنكرت قطر وتركيا تفضيلهما لجماعات على أخرى، لكن الملك السعودي لم يكن مرتاحاً لتقاسم السيطرة مع قطر في الملف السوري.

وأفادت مصادر مطلعة بأن قطر تعرض الجنسية على عدد كبير من القادة، وفي صدارتهم الداعية السعودي «محمد العريفي» وهو أحد أهم الأسباب التي دعت الملك إلى تهديد قطر، وفق بعض التحليلات.

وبالرغم من أن قطر والسعودية عضوان في مجلس التعاون الخليجي، إلا أن دعم القطريين للمجموعات المتشددة في بعض الدول العربية، ومعارضة السعودية لهذه المجموعات، واعتبارها بأنها تمثل تهديدًا لأمن المنطقة، أدت إلى احتدام حدّة الخلافات بين البلدين.

وأخيراً نقلت صحيفة «وول استريت جورنال» الأميركية عن مصدر زعمه بأن «بندر بن سلطان» رئيس جهاز الاستخبارات السعودية والسفير السابق للسعودية في واشنطن، الذي يتولى مسؤولية تنسيق المساعدات المرسلة إلى المجموعات المسلحة في سوريا، في الصيف الماضي، سخر من قلّة عدد سكان قطر وقناة الجزيرة، وأن الدوحة ليست سوى 300 شخص وقناة فضائية فقط لا غير! وهذه التصريحات قوبلت برد فعل عنيف من قبل وزير الخارجية القطري خالد العطية على مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر».

لكن علاقة السعودية توترت بقطر أكثر مع اتخاذ السعودية موقف التأييد العلني لخطوة القوات المسلحة المصرية بقيادة وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، بإطاحة الرئيس محمد مرسي، في استجابة للجيش للثورة الشعبية في 30 يونيو. وهو الموقف الذي سارعت دول الخليج الأخرى إلى تبنيه، حيث إن معظم دول الخليج مؤيدة لموقف الجيش المصري، الذي استجاب لمطالب الملايين من شعبه، وتدخل لحقن الدماء وعدم حدوث اقتتال شعبي.

ويبدو أن الدور القطري في الملف السوري تراجع مع توسيع الائتلاف أخيراً وتراجع نفوذ جماعة «الإخوان» في سوريا، وتولي أحمد الجربا زعامة الائتلاف، وهو من المقربين للسعودية، إذ إنه من شيوخ عشائر شمر السورية التي تتمتع بعلاقة وثيقة مع آل سعود.

يبقى أن اختلاف مقاربات قطر والسعودية والإمارات حول بعض التكتيكات السياسية والقبلية والتنافسية، لا يعني الطلاق النهائي بين الدول النفطية، فاختلاف الأدوار في صلب صياغة التوجهات والأدوار السياسية التي يرسمها الراعي الأميركي في المنطقة.

http://www.al-akhbar.com/node/201139

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه