تشكّلت الحكومة اللبنانية برئاسة تمام سلام، ومن ثم نشأت لجنة صياغة البيان الوزاري التي بدأت عملها سريعا، ولكن ما هي أولويات هذه الحكومة في ظل تحديات كثيرة تواجه لبنان والمنطقة؟
تشكّلت الحكومة اللبنانية برئاسة تمام سلام، ومن ثم نشأت لجنة صياغة البيان الوزاري التي بدأت عملها سريعا للوصول الى وضع بيان وزاري على أساسه ستنال الثقة امام المجلس النيابي، ورغم ان عمرها الافتراضي ليس مديدا، إلا ان البروتوكولات ومعها الدستور يوجب على الحكومة وضع هذا البيان كي تحدد لمجلس النواب ما تنوي القيام به هذه الحكومة خلال فترة عملها.
وبما انه من الناحية المبدئية هذه الحكومة لن تعمّر طويلا، اي لحين انتخاب رئيس جديد للبنان بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال سليمان، لذلك قد يُسأل لماذا طول البحث في بيان وزاري لحكومة سترحل خلال اشهر؟، ليأتي الجواب ان لا أحد يدري في لبنان ما الذي يحصل، فكل شيء ممكن في هذا البلد لذلك قد تبقى هذه الحكومة لفترة اطول بكثير مما يعتقده البعض، وقد ترحل بشكل طبيعي بحسب المكتوب لها دستوريا لتأتي حكومة جديدة مع بداية عهد رئيس جديد للبنان، هذا بالطبع إن حصل انتخاب لرئيس جديد(وهذه قصة لها تفاصيلها المتداخلة).
ما هي أولويات حكومة تمام سلام في ظل التحديات التي تواجه لبنان؟
ولكن ما هي أولويات الحكومة السلامية، التي طال انتظارها، في ظل تحديات كثيرة تواجه لبنان تبدأ بالملف الامني ولا تنتهي بالملفات الاجتماعية والاقتصادية للمواطن، ويبرز في طليعة التحديات خطر الارهاب التكفيري وكيفية مواجهته ومن المفترض على الحكومة ان تتناوله في بيانها الوزاري، ناهيك عن قدرات القوى الامنية والعسكرية وتسليحها للقيام بدورها في هذا المجال، كما ان في لبنان خطر دائم مستمر اسمه التهديد الاسرائيلي فكيف ستتعاطى الحكومة معه في بيانها الوزاري؟ وهذا ما سيؤدي الى النقاش مطولا في المعادلة التي طالما حمت لبنان "جيش شعب مقاومة" حيث يوجد من لا يريدها في لبنان؟ فكيف ستعالج الحكومة هذا الامر؟
كما وينتظر الحكومة ملفات ساخنة لها علاقات بالنازحين السوريين الى لبنان، وما يقود الى البحث في الملفات الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية في لبنان من سلسلة رتب ورواتب الى غلاء المعيشة والاسعار الى غيرها من الملفات التي لا تنتهي، وماذا عن ملف النفط وثروة لبنان في مياهه وارضه واطماع العدو الاسرائيلي فيها؟
هذا وينتظر الحكومة اللبنانية التحضير لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية؟ فهل سيتناول البيان الوزاري هذا الموضوع ام انه سيترك للتحالفات والمساوات في اللحظات الاخيرة على الطريقة اللبنانية؟ وهل ستتطرق الحكومة الى قانون الانتخاب ووضع قانون جديد يتناسب والتركيبة اللبنانية؟ وما الذي يمكن ان يتناوله البيان الوزاري في بنوده من أمور تهم اللبنانيين بالاضافة الى ما ذكر اعلاه؟
نظريان: مواجهة الارهاب ستكون في صلب البيان الوزاري
حول كل ذلك توجهنا بالسؤال الى وزير الطاقة والمياه في الحكومة الجديدة آرتور نظريان الذي قال إن "الاجواء الحكومية تشير الى ان وجود تجاوب وتعاون بين مختلف الاطراف المشاركة فيها وان الجو الايجابي يرسم ملامح هذه الفترة"، وأمل ان "ينعكس التفاؤل الذي وجد خلال عملية تشكيل الحكومة على صياغة البيان الوزاري والانتقال للحصول على ثقة مجلس النواب للانطلاق بدعم وثقة لتنفيذ الاهداف التي سيتضمنها البيان الوزاري في صورته النهائية بعد صوغه".
وحول مكافحة الارهاب، أكد نظريان ان "مواجهة الارهاب وإدانته هو موضوع محل إجماع لدى جميع اللبنانيين دون استثناء"، وأكد في حديث خاص لموقع "قناة المنار" الالكتروني ان "مواجهة الارهاب سيكون في صلب البيان الوزاري لان خطرا داهما يهدد كل لبنان"، واعتبر انه "في هذه المرحلة مواجهة الارهاب أولوية للمواطن اللبناني وللحكومة الجديدة"، واضاف ان "مواجهة الارهاب في لبنان تساوي مواجهة العدو الاسرائيلي لان اللبناني يعيش حالة خوف على نفسه واقاربه وممتلكاته خصوصا ان هذا الامر مستجد على حياة اللبنانيين وهو يؤثر على كل تفاصيل الحياة في لبنان".
وبالنسبة لملف النفط، قال نظريان "يجب ان يدرج ملف النفط في البيان الوزاري لان هذا الموضوع يعتبر من أولويات الحكومة فهو ملف هام للبنان كل لبنان خصوصا ان الحكومة تضم الجميع"، ولفت الى "أهمية التأكيد على حق لبنان بنفطه وثرواته الطبيعية في البحر والبر أمام التهديدات والخطر الاسرائيلي"، ورأى ان "النفط أمل لبنان للخروج من الوضع الاقتصادي الصعب وتغطية العجز في ميزانية الدولة"، واوضح انه "عندما نبدأ بالتنقيب عن النفط ونوقع عقود الاستثمارات النفطية سنبدأ نشهد في لبنان تحسّن في اوضاع الناس والدولة على حد سواء".
وفيما يتعلق بمواجهة العدو الاسرائيلي، أكد نظريان ان "مواجهة اسرائيل هي ثابتة لا يمكن التهاون بها او تبديلها في لبنان"، ولفت الى ان "البعض يعتبر معادلة شعب وجيس ومقاومة تستفزه الى حد ما بصيغتها المستخدمة في البيانات الوزارية للحكومات السابقة"، ولفت الى ان "معالجة هذا الامر ستكون من خلال الاستعانة بمفردات اللغة العربية حيث تتضمن تعابير فضفاضة وعامة تحوي هذا الامر".
وحول انتخاب رئيس جديد للحمهورية في لبنان، قال نظريان "كل الافرقاء دون استثناء يؤكدون على ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية ولا يوجد اي سبب لعدم حصول ذلك"، ولفت الى ان "الحكومة لا يمكنها بشكل مباشر ان تحضّر الجو او الارضية لانتخاب الرئيس الجديد"، وأمل ان "تساعد هذه الحكومة الجامعة لكل اللبنانيين بالوصول بشكل سلسل وطبيعي لانجاز استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية في موعده الدستوري".
وبشأن قانون الانتخاب، لفت نظريان الى "وجوب إجراء إصلاح على صعيد قانون الانتخاب وتغيير القانون الحالي لانه غير عادل ويؤدي الى استبعاد اطراف اساسية في البلد من الدخول الى المجلس النيابي"، واضاف "يجب اعادة النظر في القانون الحالي ووضع قانون يحقق تمثيل الصحيح بين اللبنانيين وهذا ما يجب ان تفعله هذه الحكومة"، وتابع ان "موضوع قانون الانتخاب في لبنان معقد الى حد ما ولذلك يجب ان يحصل توافق لاقرار هذا القانون بما يتلاءم والواقع اللبناني"، واوضح "صحيح ان كل طرف له حساباته الخاصة لكن من يبحث عن مصلحة الشعب اللبناني لا بدّ له من العمل لاعادة النظر بالقانون الحالي".
وقال نظريان ان "القطاعات المختلفة ستحتل حيزا من اهتمام الحكومة الجديدة سواء الاقتصادية او المالية او الاجتماعية وغيرها إلا ان الملف الامني وخصوصا مكافحة الارهاب سيكون على رأس سلم اولويات الحكومة الجديدة"، واضاف "الملف الامني يؤثر على كل القطاعات في البلد لذلك لا يمكن تقديم اي ملف اخر عليه رغم اهمية الكثير من الملفات"، واشار الى انه "يجب على كل وزير وكل وزارة القيام بما يدخل ضمن اطار عملها على اكمل وجه"، واوضح ان "الاولوية الثانية للحكومة الجديدة تحتلها انتخابات رئاسة الجمهورية".
تتعدد المهام والخطوات المنتظرة من حكومة تمام سلام رغم ضيق الوقت، ولكن قد يكون كافيا ان تنجز هذه الحكومة الاهم فالمهم من بين الملفات الساخنة المتعددة التي تنتظرها في مرحلة معقدة على صعيد لبنان والمنطقة، وليس أهم من مكافحة الارهاب في هذه اللحظة، حتى قد يكون كافيا إنجاز هذا الملف فقط، إن استطاعت هذه الحكومة معالجة ملف بهذا الحجم، علما ان ما يرفع من منسوب التفاؤل حول القدرة على التصدي للارهاب والارهابيين هو ان هذه الحكومة سياسية جامعة لكل اللبنانيين، بما يؤمن الغطاء لاستئصال الارهاب كل الارهاب من لبنان.