في 14 شباط من العام 2005 ..كان الانفجار وكان الاغتيال ..استشهد رفيق الحريري بعد تفجير موكبه بسيارة مفخخة، بعبوة مزروعة، بشعاع لايزر من مركبة فضائية، بصاروخ من طائرات قتالية...
في 14 شباط من العام 2005 ..كان الانفجار وكان الاغتيال ..استشهد رفيق الحريري بعد تفجير موكبه بسيارة مفخخة، بعبوة مزروعة، بشعاع لايزر من مركبة فضائية، بصاروخ من طائرات قتالية، لا ندري ليس لاننا لا نملك الادراك ..... ولكن لأننا لم نعرف بعد على ما سيرسو عليه خاطر كاتب سيناريو هذه القصة الحزينة ... ولا ندري الى اين ستأخذنا حبكته الدرامية التي لا تخلو من الخيال العلمي. اعترف أبو عدس بما قال إنه اقترف في رسالة مسجّلة واختفى، مشرّعاً كل الأبواب أمام رياح عاتية هبّت من جنبات الأرض فدحرجت مرحلة وأرست مرحلة أخرى مختلفة تماماً! المحطة الاولة كان أبو عدس ولكن المخرج لم يكتف به وحسب، فقرر ان يظهر لنا عضلاته الإخراجية فكرّت سبحة الشهود الزور.
..اختفى أبو عدس، قيل إنه انتحر، لكن ظهر العديد من الكومبارس الذين وعدوا بدور بطولة في يوم ما ما زال صدى انفجار السان جورج يلاقي الصدى ...مثقلا بشهادات زور ضيعت حقه بالوصول الى الحقيقة حقيقة ما جرى ليكشف من القاتل ... تردداته لا تنتهي بل تزيد كلما مر الزمان ، بات اغتيال الحريري ثقلا كبيرا على من حمل لواء كشف الحقيقة لانهم اضلوا طريقهم وميّعوا قضيتهم وقضية كل لبنان "العادلة".
ابن الشهيد سعد الدين الحريري، ولي الدم، قالها حانقا يائسا في مقابلة مع صحيفة الشرق الاوسطً "إن شهود زور ضللوا التحقيق باغتيال والده وألحقوا الأذى بسورية ولبنان وخربوا العلاقات بينهما وسيسوا الاغتيال... "
...من هم هؤلاء الشهود؟ ماذا قالوا؟ وعن ماذا تراجعوا؟ وكيف بدأت القصة بشاهد ملك وتحوّلت شهود زور؟ من يحميهم؟ من فبركهم؟ ايتعاملون مع الجن؟
أبو عدس..
في حين كان لبنان بأسره يعيش تحت وطأة الصدمة، أطلّ الفلسطيني أحمد تيسير أبو عدس عبر الشاشة في فيلم ممنتج، ليعلن انه هو من قتل الحريري، مدعيا أنه ينتمي الى جماعة النصرة والجهاد في بلاد الشام...تلك الجماعة التي لم يسمع بها أحد من قبل هي التي قتلت رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري ..هل يمكن هذا؟ هل يمكن أن تقوم جماعة مغمورة بهكذا عمل اغتيالي يتطلّب إمكانات كبيرة وتخطيط وتنفيذ؟
لم تغب معادلة الشاهد الزور عن أبو عدس لحظة، ومن أراد تضليل التحقيق أحاطه بجملة صفات من شأنها توجيه الاتهام الى الأصولية: لحية، عمامة بيضاء، راية سوداء كتبت عليها الشهادة... بحثت قوى الأمن الداخلي عن أبو عدس في منزله في الطريق الجديدة ولم تجده طبعاً، وبدأت الروايات ..وبسحر ساحر اصبحت سورية المتهمة الاولى والاخيرة .. أوقف أهل أول شاهد زور، وما لبث والده تيسير أبو عدس أن لفظ الروح بعد أقل من 25 يوماً على الحادث. وتبيّن حينها أن تيسير كان قد تقدّم ببلاغ الى فصيلة طريق الجديدة في 19 كانون الثاني يناير من عام 2005 عن اختفاء ولده أحمد أبو عدس، وقيل يومها إن مجهولاً اتصل بأهله وقال لهم إن أحمد غادر الى العراق ولن يعود... غادر أحمد ولم يعد لكنه شرّع الباب أمام قضية العصر.
محمد زهير الصديق...
شاهد آخر اثبت نفسه بجدارة واعتلى مسرح النجومية من الباب الواسع، واعتبر في منطق بعض الشذاذ شاهداً ملكاً. من هو محمد زهير الصديق؟ ... إنه الرجل الذي تعلّم جيداً سرّ الإعلام وأسرار الأمن والسياسة. إنه سرّ استودعه أحدهم لدى لجنة التحقيق الدولية، ولا يختلف اثنان أنه تدرب جيداً، ربما قبل اغتيال الحريري، على أن يكون اللغز الذي يتحدث عن نفسه ويبقى لغزاً. من هو؟
محمد زهير الصديق سوري الجنسية، من بلدة صافيتا تحديداً، وفيما يقول إنه ضابط سوري يقال إنه ينتحل هذه الصفة، وبين ما قال وقيل تفاصيل كثيرة تشي بأن الرجل له في الدجل باع طويل، وفيه من الأسرار الكثير الكثير. محمد زهير الصديق ليس غبياً. وهو تحدّث عن تورّط النظام الأمني اللبناني- السوري في هذه الجريمة، وتحدّث عن تورّط حزب الله فيها وعن امتلاكه وثائق وإثباتات لن يتمكّن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وكل حلفائه في لبنان من رفع رؤوسهم بوجهها! صدّقه البعض وسُجن على أساس شهادته أربعة من كبار ضباط الأمن اللبنانيين لمدة أربع سنوات خرجوا بعدها مرفوعي الرأس كما السيد نصر الله وحلفاؤه، فيها نال الخزي من نال من القوم الآخرين.
هسام هسام..
هسام طاهر هسام (سوري الجنسية) استثنته سورية من مذكرات التوقيف لكنه لبنانياً متهم بأنه شاهد زور... فمن هو؟ إنه الشاهد المقنع الذي اعترف أمام ديتليف ميليس ولجنة التحقيق بضلوع سورية وضباط سوريين في الجريمة. ما لبث أن عاد عن إفادته، ليس أمام ميليس ولجنة التحقيق بل أمام الإعلام! أطلّ هسام عبر التلفزة ليقول: "انتزعوا إفادتي بالتهديد والترغيب. والإعلامي فارس خشان (الصادرة في حقه مذكرة توقيف سورية) عرض إخراجي من السجن مقابل الإدلاء بشهادة زور ضد سورية في إطار صفقة تصل قيمتها الى مليار دولار"! أخبار وروايات وفبركات كثيرة حاكها هسام الذي أصبح في سورية بمثابة بطل! إنه شاهد زور سواء حين كان مقنعاً، يوم اعترف أمام لجنة التحقيق، أو بعدما أزال القناع عن وجهه، يوم تراجع أمام سورية. لعلّه، في اختصار، شاهد الزور الأهم في مسار قضية الاغتيال، فهو بدا وكأنه عارف تماماً ما يفعل وتصرّف ليس كشاهد مغرّر به بل كلاعب يفقه أصول الانتقال من شبكة الى شبكة. وهو ذكر ضمن كلامه أسماء كبيرة من عيار الوزراء السابقين مروان حمادة وحسن السبع في سياق شهادة سُجلت على ذمته.
إبراهيم ميشال جرجورة..
كما اسلافه أطلّ جرجورة (سوري الجنسية وموقوف في سجن روميه في لبنان) عبر الشاشة ليعلن: "إن الوزير مروان حماده وجهات مقربة منه أجبروه بعد التهديد والوعيد والضرب والركل على الإدلاء بشهادة كاذبة أمام شقيقة الشهيد بهية الحريري ولجنة التحقيق الدولية لتوريط سورية وبعض الضباط اللبنانيين وتحديداً اللواء علي الحاج".
أكرم شكيب مراد..
شاهد زور آخر (سوري من السويداء) اعترف بضلوع ضباط لبنانيين في الجريمة وعاد عبر شريط مسجل مدته خمس دقائق وخمسون ثانية عن إفادته متهماً من اتهمهم هسام بتحريضه على تقديم شهادة مزورة!
عبد الباسط بني عودة..
استمعت لجنة التحقيق الى إفادته في دولة أوروبية، وهو فلسطيني، وله على ما قيل علاقة بالموساد ودخل لبنان في يونيو عام 2001 آتياً من الأراضي المحتلة عبر الحدود البرية وحين أوقفته استخبارات الجيش اللبناني اعترف بأنه فرّ من هناك بعدما اكتشفت اسرائيل ارتباطه بجهاز استخبارات السلطة الفلسطينية. أحيل الى المحكمة العسكرية وصدر فيه حكم بالسجن مدة 18 شهراً. وبما أنه أجنبي حصلت له مفوضية اللاجئين على قبول إعادة توطينه في السويد فأُبعد عن لبنان... وهو اعترف من هناك أن ضباطاً لبنانيين طلبوا منه عام 2004 إلصاق عبوات ناسفة بسيارة الشهيد. تحدّث أيضاً عن ضغوط نفسية تعرّض لها على يدي الاستخبارات اللبنانية والسورية لتجنيده من دون تحديد مهمة واضحة. كلام كثير اعترف به عبد الباسط، قد يكون زوراً وقد يكون حقيقة، فيه أنه طُلب منه اغتيال البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير، وأنه رأى السيد حسن نصرالله خارجاً من أحد الأمكنة التي استُخدمت للتخطيط لجريمة اغتيال رفيق الحريري...
من هم هؤلاء ... من فبركهم ؟ لماذا؟ هل هم صنيعة اجهزة المخابرات العالمية ؟ هل هم اركان في مشروع ضخم يستهدف دول الممانعة والمقاومة؟ .. صدر القرار الظني معتمدا على تحقيقات اولية تأسست بدورها على شهادات هؤلاء، وربما غيرهم...."العدالة الدولية" ضحية التزوير - إذا كنا نحملها على محمل حسن – وقرارتها الدولية لا اساساً قضائياً لها .. فمن نافل القول ان ما بنى على باطل فهو باطل .....