22-11-2024 03:46 PM بتوقيت القدس المحتلة

تشكيك في تقرير دولي: في بحر لبنان وفلسطين أسماك قرش غير مفترسة

تشكيك في تقرير دولي: في بحر لبنان وفلسطين أسماك قرش غير مفترسة

عقدت في دبي، الأسبوع الماضي، ورشة عمل دولية تتعلق بالحفاظ على أسماك القرش في المنطقة العربية المهاجرة والمهددة حسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي نظم الاجتماع. عند هذا الحد، ليس في الأمر لبس، لكون..

تشكيك في تقرير دولي: في بحر لبنان وفلسطين أسماك قرش غير مفترسةعقدت في دبي، الأسبوع الماضي، ورشة عمل دولية تتعلق بالحفاظ على أسماك القرش في المنطقة العربية المهاجرة والمهددة حسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي نظم الاجتماع. عند هذا الحد، ليس في الأمر لبس، لكون هذا المؤتمر، كباقي المؤتمرات المهتمة بحفظ التنوع البيولوجي، حسب ما ورد في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

ولكن ما لفت نظرنا في التقرير الإعلامي الذي صدر عن المنظمين و"اليونيب"، أن لبنان كان مستثنى من هذا الاجتماع أولاً، وأن التقارير التي عرضت في ورشة العمل، ذكرت عن تواجد سمك القرش في المياه الإقليمية لكل دول المنطقة، بما فيها الأردن وسوريا، ولم تشمل لبنان ولا فلسطين!

فما سبب ذلك؟ هل نجم ذلك عن نقص في المعلومات والمعطيات والرصد والمتابعة والإبلاغ، أم حقاً ليس هناك من أرض خصبة لأسماك القرش في لبنان (ولا في فلسطين)؟ بالإضافة إلى الأسئلة المتعلقة بكيفية وضع التقارير الدولية، لا سيما تلك التي تحتاج الى دراسات معمقة وتجهيزات كبيرة للنقل والرصد والتحليل، بالإضافة الى أجهزة بشرية متخصصة ومتابعة والى مراكز ثابتة ومتنقلة؟

الدكتور غابي خلف من مركز علوم البحار التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية استغرب عدم دعوة المركز الى هذا الاجتماع وتجاهل التقرير للدراسات والأبحاث اللبنانية التي تؤكد وجود سمك القرش في مياهنا الإقليمية. مشيراً أيضاً الى وجود دراسة حالياً لنيل الدكتوراه حول هذا الموضوع تؤكد وجود سمك القرش. كما أكد الخبير في علوم البحار الدكتور سامي اللقيس من جهته على وجود أسماك القرش من خلال المسح الذي شارك فيه منذ مدة طويلة.

قبل التوسّع في محاولة الإجابة على هذه الأسئلة من قبل خبراء لبنانيين في علوم البحار، أجروا دراسات تاريخية في المياه اللبنانية وحولها، لا بدّ من التطرق لمضمون التقرير وما حصل هذا في هذا الاجتماع الدولي.

يذكر التقرير أنه "تمّ تعزيز الجهود للحفاظ على أسماك القرش المهاجرة في ورشة عمل دولية بشأن الحفاظ على أسماك القرش التي تدعمها الامم المتحدة. وقد اجتمع ممثلو الحكومة من تسعة بلدان في دبي (منتصف الجاري) لتقديم المزيد من الدعم لحفظ أسماك القرش في المنطقة.

وقد وقعت خلال المؤتمر تسع دول في المنطقة العربية على مذكرة تفاهم بشأن الحفاظ على أسماك القرش المهاجرة، وذلك في إطار اتفاقية برنامج الأمم المتحدة للبيئة الخاص بالأنواع المهاجرة بهدف تعزيز ولايته لتوسيع نطاق عمله لحفظ أسماك القرش المهاجرة. وقد جرى التوقيع في دبي على هامش ورشة عمل تدريبية حول الحفاظ على أسماك القرش، التي نظمها الصندوق الدولي للرفق بالحيوان بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه في دولة الإمارات".

وقال الأمين التنفيذي برادني شامبرز: "نحن نرحّب بالتزام الدول الموقعة الجديدة والتي ستسهم في تحفيز المبادرات الإقليمية للحدّ من المخاطر التي تهدّد أسماك القرش المهاجرة".

المواطن والمخاطر

بحسب التقرير "تعد سواحل بلدان متعددة موطناً لأنواع عديدة من أسماك القرش أبرزها دولة الإمارات العربية المتحدة، جزر القمر، مصر، الأردن، ليبيا، موريتانيا، السودان، الجمهورية العربية السورية واليمن". بعض من هذه البلدان، بحسب التقرير، "يندرج ضمن مذكرة التفاهم الخاصة بلوائح أسماك القرش المتعددة"، ويذكر منها "لائحة أكبر الأسماك في العالم والقرش الحوت والقرش الأسرع وقرش ذو زعانف ماكو وسمك القرش الأبيض الكبير. وتعتبر مياه هذه البلدان موطناً حيوياً لكثير من أنواع أسماك القرش بحيث تعتبر مصدر تغذية وأمكنة مناسبة للتكاثر. كما يتجمّع سمك قرش الحوت في البحار العربية والمحيط الهندي، وهذا ما يؤكد أهمية المنطقة لعوالق الأكل العملاقة".

تواجه أسماك القرش، بحسب التقرير أيضاً، تهديدات خطيرة في جميع أنحاء العالم وتعاني من الاستغلال المفرط من خلال الصيد المتعمّد او غير المقصود على حد سواء. وقد بانت الحاجة الملّحة لتوطيد التعاون بين البلدان منذ بدأت أسماك القرش المهاجرة بعبور أعالي البحار والمياه الوطنية من دول مختلفة، وذلك لمعالجة الإفراط في استغلال الموارد السمكية وغيرها من التهديدات.

إحصاءات الفاو

وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، تمّ صيد ما يقارب الـ 900،000 طن من أسماك القرش في العام الواحد وذلك على مدى العقدين الماضيين. ويقدر عدد اسماك القرش التي تم قتلها بـ 70 مليون سمكة بهدف استخدام زعانفها وبيعها في السوق العالمية. ويقدّر الخبراء بأن يصل هذا الرقم الى الضعفين، اذا ما أخذنا بالاعتبار طرق الصيد غير المشروعة والصيد غير المبلّغ عنه وغير المنظم والبيانات المفقودة من بعض الدول الكبرى ومصائد الأسماك.

تعتبر معظم أسماك القرش من الأنواع التي تنمو ببطء وتعيش لفترة طويلة.. هذه العوامل البيولوجية جعلت من أسماك القرش عرضة للصيد الجائر مما يصعّب التعويض عنها ويجعلها عرضة للانقراض.

تشكيك في معلومات التقرير

عرضت "السفير" التقرير على الخبير في علوم البحار البروفسور سامي اللقيس فاستغرب المعلومات الواردة فيه معتبراً أنه "اجتماع غير علمي" (ربما اقتصادي أو سياسي أو ....) لأن الخبراء في هذا الموضوع يعرفون جيداً أن الحوض الشرقي للبحر المتوسط غنيّ بالتنوع الحيوي للحياة البحرية لا سيما الأسماك ومنها أسماك القرش. ورأى اللقيس، من خلال التقرير، أن المجتمعين تجاهلوا عن قصد أو غير قصد أو يجهلون أن مياه سواحل فلسطين ولبنان سواحل غنية بأسماك القرش أكثر من مناطق أخرى من البحر المتوسط، لأن مياه سواحلنا البحرية تسجل أعلى حرارة وملوحة من أي منطقة متوسطية. وقد رصد حتى الآن في المياه اللبنانية أكثر من 50 نوعاً من الأسماك الغضروفية منها 25 نوعاً من القرش ومنها 7 الى 8 أنواع مهاجرة من البحر الأحمر الى شرقي المتوسط، حيث استوطنت ولم تسجل في غربي المتوسط أو في الأطلنتيك.

وأضاف: "أن المياه الساحلية اللبنانية والسورية والفلسطينية وإن كانت قليلة الإنتاجية الغذائية الأولية إلا أنها غنية بالأنواع البحرية. كما أن سمك القرش لا يشكل هدفاً مهماً للصيادين في لبنان، لأن صيده صعب ويتطلب شباك جرف "بيلاجيك" كبيرة أو يصاد بالسهام أو بالسلاح الناري. أما الأسماك الصغيرة التي تصاد أحياناً في شباك اليد العادية غير مرغوبة في سوق السمك، بينما في بلدان عديدة، منها اليابان، فإن سمك القرش يُصاد لأكل زعانفه لاعتقادهم أنه يحتوي على خصائص مغذية ومقوية للطاقة الجنسية ...".

ويؤكد اللقيس "أن أسماك القرش لا تعيش في منطقة واحدة، بل تهاجر مسافات بعيدة. والمعروف أنها تلاحق البواخر التي ترمي وراءها في البحر الفضلات والنفايات العضوية التي تلتهمها اسماك القرش (لا سيما الأنواع المفترسة) وتتغذى على الأسماك الصغيرة وتهاجم الكبيرة التي تفترسها أثناء السباحة". كما أكد أنها لا تستوطن منطقة واحدة كما الأسماك العظمية، بل هي تهاجر وتفضل المياه الدافئة والاستوائية.

وحول الأنواع التي ذكرت في التقرير، اعتبر اللقيس "أن الأسماء المذكورة ليست أسماءها العلمية ولكن أعلم أن القرش الحوت والقرش الأبيض وهي أنواع مفترسة أو خطرة غير موجودة في مياهنا وهي تستوطن بكثرة مياه المحيط الهندي والباسفيك، لا سيما في مياه استراليا، حيث تكثر حوادث مهاجمة القرش السابحين".

الرابط على موقع جريدة السفير