احتل الحدث الاوكراني صدارة الاهتمامات الروسية والغربية في ضوء التطورات الدراماتيكية للازمة المستمرة في كييف
حسين سمور
احتل الحدث الاوكراني صدارة الاهتمامات الروسية والغربية في ضوء التطورات الدراماتيكية للازمة المستمرة في كييف، والتي أدت الى إبعاد الرئيس المؤيد لروسيا فيكتور يانوكوفيتش عن السلطة لصالح مناوئيه الموالين للغرب "الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية".
تطورات الأزمة الاوكرانية ترى فيها أطراف متابعة، مرحلة جديدة من مراحل الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا، ربما تتدحرج نحو تدخل عسكري اذا لم يتم اتخاذ الاجراءات المناسبة التي من شأنها حل القضية واعادة الاستقرار السياسي للبلاد بأقل الخسائر الممكنة.
استنفار.. واستنفار مضاد
وعلى وقع تدحرج الازمة الاوكرانية سيطر مسلحون مجهولون على مقري البرلمان والحكومة لجمهورية شبه جزيرة القرم الذاتية الحكم في مدينة سيمفروبول على البحر الاسود، وقاموا برفع الاعلام الروسية فوق المبنيين. والجدير بالذكر ان قيادة الاسطول الحربي الروسي "من أكبر الاساطيل البحرية في العالم" تتخذ من منطقة سيباستوبول الواقعة بجنوب القرم مقرا لها. كما بدأ نحو 150 ألف جندي روسي ترافقهم 90 طائرة عسكرية واكثر من 120 مروحية و880 دبابة اضافة الى 80 سفينة حربية، اختبار جاهزية في المناطق الغربية والوسطى القريبة من اوكرانيا، وذلك للتأكد من جهوزيتها للقتال. وتؤكد القيادة الروسية ان هذه الاجراءات على الحدود ووضع المقاتلات الروسية في مرحلة التأهب، تم اتخاذها من اجل مواجهة أوضاع متأزمة تهدد الأمن العسكري الروسي.
الاجراءات الروسية قابلتها السلطات الجديدة في أوكرانيا برفع حالة التأهب، وحذر الرئيس الاوكراني الانتقالي الكسندر تورتشينوف اسطول البحر الاسود الروسي من اي "عدوان عسكري"، فيما اعلن وزير داخليته بالوكالة ارسين افاكوف عن وضع مجمل قوات الشرطة ومن بينها القوات الخاصة في حال استنفار.
الصراع في اوكرانيا ليس بعيدا عن ما يجري في الشرق الاوسط
وحول هذه التطورات المتسارعة يرى استاذ العلاقات السياسية والدولية في جامعة بروكسل عادل فقيه في حديث لموقع المنار، ان الوضع الحالي في أوكرانيا "خطير جدا" لان الاحداث التي تعيشها اوكرانيا حاليا والتغيرات في نظام الحكم الحالي تتسبب بامتعاض كبير في موسكو، لأن لاوكرانيا أهمية استراتيجية لروسيا "يعرفها الجميع" وبالتالي فإن العلاقات السياسية والاقتصادية بين أوكرانيا وروسيا هي عميقة جداً.
ويؤكد الخبير بالعلاقات الدولية أن أيّ اضطراب أو تدخل من قبل الغرب "اوروبا والولايات المتحدة" في اوكرانيا سوف يؤدي الى اضطرابات خطيرة في هذا المجال. ولم يستبعد فقيه فرضية ان ما يحصل اليوم في اوكرانيا هو متصل بما يحصل في انحاء العالم وخاصة في الشرق الاوسط وبالتحديد في سوريا.
وقال ان تقدم الجيش السوري على محاور عدة في سوريا وتحقيقه مكاسب على الارض يقلق الدول التي تؤيد تغيير النظام في سوريا ، وهي دول بالطبع معروفة. وبالتالي فإن الاحداث في أوكرانيا هي نتيجة مباشرة لما يحدث في الشرق الاوسط، وهي تدخل في التغيرات "الجيوستراتيجية" في العالم والتغيرات في السير نحو النظام العالمي الجديد. فخسارة هذه الدول معركتها في سوريا تحتم عليها تحقيق مكاسب في أماكن اخرى من العالم، ومن هنا برز الضغط على روسيا عبر الخاصرة الاوكرانية التي يمر عبرها النفط والغاز الروسي الى كامل اوروبا.
ويؤكد هذا الكلام نظرية ان الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة تنظر الى منطقة اوروبا الشرقية كمنطقة توسع فيها قدراتها العسكرية لمواجهة روسيا الفدرالية، على اعتبار أن اوكرانيا من وجهة نظر الصراع بين الغرب وروسيا كانت أفضل مكان ومركز لقوى حلف شمال الاطلسي "الناتو"، كما انها تملك حدودا مشتركة مع روسيا تمتد على طول 1576 كيلومتر.
المطلوب اتخاذ اجراءات احترازية وإلا..
التطورات الدراماتيكية على خط الازمة الاوكرانية، دفعت بالعديد من الاطراف الى التنبيه من خطر انزلاق الامور الى ما لا تحمد عقباه، وخاصة بعد موافقة موسكو على طلب يانوكوفيتش بضمان سلامته.
وسارع السكرتير العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن الى دعوة روسيا لعدم اتخاذ اجراءات تزيد من التوتر، في وقت بدأ الحديث يتزايد من الجانبين الروسي والاوروبي عن تقديم مساعدات اقتصادية لحل الازمة المالية في كييف، وضرورة الجلوس على طاولة الحوار "جلسة آشتون ولافروف المقررة الاسبوع المقبل" من اجل ايجاد حل عاجل للازمة التي تعيشها البلاد والتي باتت تهدد الامن في اوروبا بأكملها.
وفي هذا الاطار فإنه بات من الضروري على جميع الاطراف اتخاذ اجراءات احترازية وتحديد الخيارات، وإلا فان الامور ستتدحرج الى احداث عسكرية مباشرة بين المعسكرين "الغربي والروسي" في اوكرانيا او منطقة أخرى من الشرق الاوسط لان المعركة معركة نفوذ دولي، ومعركة سيطرة على ممرات الغاز والنفط في العالم.