27-11-2024 07:47 PM بتوقيت القدس المحتلة

مطار كويرس... فليأتِ الحصار!

مطار كويرس... فليأتِ الحصار!

يخشى كثيرون أن تمتد فترة حصار مطار كويرس في ريف حلب، خوفاً من أن يقع في أيدي الجماعات المتشدّدة، تماماً كما حصل في مطار منغ. لكن عند زيارة المطار، تتبدّد كل هذه «الهواجس».


يخشى كثيرون أن تمتد فترة حصار مطار كويرس في ريف حلب، خوفاً من أن يقع في أيدي الجماعات المتشدّدة، تماماً كما حصل في مطار منغ. لكن عند زيارة المطار، تتبدّد كل هذه «الهواجس».

باسل ديوب

لا تستغرق الرحلة من مطار حلب الدولي إلى مطار كويرس، في ريف حلب الشرقي، أكثر من عشر دقائق عبر المروحية العسكرية. في المدينة، مطار عسكري هو الأكبر في شمال سوريا، كان يستخدم لعمليات تدريبية، وتقع إلى جانبه الكلية الجوية التي خرّجت آلاف الطيارين الفنّيين السوريين والعرب، ومن بينهم الرئيس الراحل حافظ الأسد. عند المدخل، تستوقفك عبارة «الكلية الجوية مصنع الأبطال».

هنا، لا يزال عشرات الطلاب الضباط يتابعون دراستهم، وسرعان ما يتحولون إلى مقاتلين لصد هجمات المسلحين. قدّمت الكلية عدداً من الشهداء منذ بداية الحرب، بعضهم خطف على الطرقات، وآخرون سقطوا أثناء الدفاع عن كليتهم في وجه مسلحين تدفقوا عبر الحدود التركية القريبة.

في منتصف الشهر الجاري، تعرض كل من مطار كويرس والكلية لهجوم كبير من مسلحي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة»، إضافة إلى جماعات أخرى من محاور عدة، من دون أن يتمكن هؤلاء من تحقيق أي خرق عسكري. ويوضح قائد ميداني لـ«الأخبار»: «رصدنا الجرافة وهي تتقدم في اتجاه المساكن، قذيفة صاروخية أوقفت تقدمها لتنفجر حمولتها... كان عصف الانفجار رهيباً»، مشيراً الى أن «المسلحين الذين تقدّموا وقعوا في مرمى رشاشاتنا وقذائفنا». ولفت إلى وقوع عمليتين انتحاريتين، أيضاً، لم تؤثّرا في سير المعركة، لكنهما «أدّتا إلى وقوع بعض الجرحى في صفوفنا».

فشلت محاولات اقتحام المطار على مدى أيام. مقاتلو «داعش» سرعان ما انسحبوا من غرفة عمليات «ولا تفرقوا»، أما البقية فتوزّعوا بعيداً عن المطار بعد أربعة أيام من الهجمات الفاشلة.

القائد الأعلى في الموقعين العسكريين اعتبر أنّ «تركيز الجماعات الإرهابية على المواقع الجوية والمطارات هو هدف إسرائيلي بحت»، مؤكداً أنّ عدد القتلى في صفوف المسلحين وصل إلى 250 من جنسيات مختلفة.

من جهته، يقول أحد المقاتلين المدافعين عن المطار إنّ «استهداف الكوادر الفنية والطيارين بدأ قبل انتشار السلاح في شكل واسع، وأصبحنا نتوخّى الحذر في التنقل بعد انتشار حواجز طيارة للعصابات». وعن العلاقة مع أبناء المنطقة، ذكر قائد ميداني أنّها «أكثر من ممتازة» لغاية ظهور الجماعات التكفيرية. وأضاف: «كثيرون من أبناء المنطقة يساعدون الجيش في كل شيء، ولكن بعد ارتفاع أعداد التكفيريين وحفلات قطع الرؤوس سيطر الخوف على الأهالي، ونحن نعدهم بقرب تحرير المنطقة».

تحدّ المطار من الشمال قناة مائية، هي الأضخم من نوعها في حلب، تشكّل حاجزاً طبيعياً في وجه المهاجمين، وتخفف من أعباء الدفاع من هذه الناحية. ومن الجنوب، طريق حلب ـــ الرقة، الذي يشكّل منطقة مكشوفة يسهل رصدها، ما يفسّر قلّة العمليات الانتحارية والمتفجرات الضخمة من جهة المساكن، ومدخل الكلية والجهة الشرقية.

هنا عبارة واحدة يكرّرها الجميع: «أسوار المطار مقبرة لمن يحاول اختراقها».

الكلية الجوية: قبل الحرب وبعدها

لا يمكن مقارنة المستوى العلمي الحالي في الكلية بما كان عليه قبل الحرب. لكن جو المعركة، بحسب أحد الضباط، رفع من علاقة الطالب الضابط مع سلاحه ومع مدربيه. ويروي أنّ «التدريب أصبح بمعظمه عملياً. الدروس النظرية لا متّسع من الوقت لها في الحرب، اليوم أصبح الطالب في معركة حقيقية».

في الكلية الجوية، أنشئ فرن يدوي لصناعة الخبز، بيت النار صنع من القرميد الأحمر. جنود من محافظات عدة، سبق أن عمل بعضهم فرّانين، تولّوا مهمة صناعة الخبز. في مطعم الكلية، يتناول الجميع طعامهم على طاولاتهم، وتتولى الفصيلة الإدارية توزيع الطعام على مفارز الحرس، كما في أيام السلم.

زائر المطار لا يشعر بثقل الحصار. كل شيء متوافر لفترات طويلة. وسهرات الجنود و«مواويل» الحنين إلى الأهل تختلط بالوعيد للمهاجمين بحتمية القضاء عليهم.

مطارات الشمال

لم تتوقف الهجمات على المطار طيلة عام ونصف عام، كما سائر المطارات في شمال سوريا، وأهمّها مطار النيرب الذي يقع قرب مطار حلب الدولي ومطار منغ على بعد 8 كيلومترات من الحدود التركية.

وإلى الشرق من مطار كويرس (40 كلم) يقع مطار صغير آخر يعرف بمطار كشيش أو الجراح، وفق التسمية الشعبية، سيطر عليه المسلحون في شباط 2013. وإلى الشرق (90 كلم في محافظة الرقة) مطار الطبقة، وهو مطار ضخم لم يتعرّض لهجمات كبيرة، رغم سيطرة المسلحين على معظم محافظة الرقة.

http://www.al-akhbar.com/node/201623

   موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه