يواجه العاملون في قطاع النحل تحديات لن يكون من السهل تخطي نتائجها، خصوصا أن ديمومة هذا القطاع مرتبطة بالانتاج كأي قطاع آخر، وما هو مؤكد الآن خسارة موسم الليمون.
يواجه العاملون في قطاع النحل تحديات لن يكون من السهل تخطي نتائجها، خصوصا أن ديمومة هذا القطاع مرتبطة بالانتاج كأي قطاع آخر، وما هو مؤكد الآن خسارة موسم الليمون.
أنور عقل ضو / جريدة السفير
يعتمد النحّالون على هذا الموسم، ويتكبدون عناء نقل قفرانهم إلى الساحل في ما يعرف بـ«الاشتاء»، والبحث عن مراعٍ جديدة تؤمن وفرة وتنوعا في العسل، إلا أن انحباس الأمطار كان وراء إحجامهم عن «إشتاء» قفرانهم لأسباب عدة أهمها: تراجع عدد العاملات في القفير إلى حدود غير مسبوقة، فضلا عن استخدام مزارعي الليمون أدوية سامة لمكافحة احدى الآفات الخطرة التي تتهدد مواسمهم نتيجة الطقس الحار.
وأمام هذا الوضع يتوقع النحّالون خسارة نحو 40 في المئة من الانتاج أو ثلثه على أقل تقدير. لا تقتصر الخسائر على هذا الموسم فحسب، بل ما يؤرق النحالين حاليا، خصوصا في مناطق عاليه والمتن الأعلى والشوف، هو حجم تراجع الانتاج الصيفي من العسل، ولا يبدو أن ثمة بوادر إيجابية لتعويض موسم الصيف، برغم تجدد هطول المطر في أواخر شباط.
ضمرت ويبست
يؤكد النحّال سامي صبح لـ«السفير» أنه «من الصعب في هذه الفترة الزمنية القصيرة أن تكون المياه كافية لتساهم في تجدد مراعي النحل». ويعزو السبب إلى أن «الكثير من الأزهار تفتحت، ومن ثم ضمرت، ويبست، وإعادة نموها ستكون ضعيفة، ولن يجد فيها النحل ما يكفي ليرفد الخلايا بكميات كبيرة من العسل».
ويقول: «صحيح اننا في منطقة عاليه الوسطى لا تبلغنا الثلوج مباشرة، لكنها تصلنا من خلال غزارة الينابيع صيفاً، ويبدو أنه مهما بلغت كميات المتساقطات في الشهرين المقبلين، فلن تكون كافية لمنع جفاف الأنهر الشتوية باكرا، ما يحرم النحل مناطق شاسعة من المراعي».
وإذا علمنا أن مئات العائلات تعيش على قطاع النحل، فذلك يعني اننا سنكون أمام كارثة اجتماعية واقتصادية، فضلا عن أن ثمة أعدادا كبيرة من المواطنين ممن يعتمدون تربية النحل بمثابة قطاع انتاج ثانوي، وجلّهم من الموظفين وأصحاب الدخل المحدود. ويقول فريد الصايغ إنه «يعمل سائق تاكسي، ولكن اعتمادي في تأمين أقساط الجامعة يأتي من تربية النحل»، ويضيف: «سنكون أمام مشكلة لا نعرف كيف سنواجهها». ويطالب «الدولة بوزاراتها ومؤسساتها المعنية كافة أن تلحظ هذه الكارثة لتخفف عنّا بعضا من نتائجها».
الموارد هزيلة
يشير رئيس «الجمعية التعاونية لمربي النحل في المتن الأعلى» الباحث عبد الناصر المصري إلى «أننا نعتمد على الغطاء النباتي، وبما ان كميات الأمطار كانت قليلة وشحيحة، فالغطاء النباتي العشبي كان قليلا بدوره، مما انعكس على مراعي النحل كميات قليلة جدا من الازهار، ما يعني أن موارد النحل هزيلة».
ويلفت الانتباه إلى أنه «لا يمكن من الآن أن نتحدث عن حجم الأضرار وتقدير نسبة الخسائر، لكن بالتأكيد الأضرار كبيرة».
ويلحظ أن «المشكلة لا تطاول الغطاء النباتي فحسب، وإنما تطاول الأشجار، وهي مصدر مهم لغذاء النحل، لأنه مع تدني منسوب المياه الجوفية في التربة، فذلك يؤثر حكما على الأشجار».
يؤكد المصري لـ«السفير» أن «هذه السنة كانت كمية الأزهار قليلة، وبالتالي نشاط النحل كان أقل من المعتاد، إذ الكثير من الأزهار لم تتفتح بشكل يستفيد منها النحل على نطاق واسع، كما هو معهود في السنوات العادية».
ويتوقف عند ضياع موسم العسل الشتوي، ليفيد بأن «هذه السنة أزهر شجر الليمون قبل شهر وأسبوع من موعد إزهاره في مقارنة مع العام الماضي، وهذا ما تسبب في إرباك النظام الطبيعي للنحل، بحيث لم تكن القفران جاهزة للافادة من زهر الليمون، لأنه وبسبب انحباس الامطار كان عدد عاملات النحل التي تجني العسل قليلا جدا، فالقفران لم تمتلئ بالعاملات الى الآن نتيجة هذه العوامل».
يقول المصري: «بالنسبة لي، أخذت قرارا بعدم الاشتاء، بحيث لن أستفيد من موسم الليمون، وهذا حال معظم الزملاء في الجمعية». ويرى أن «هذه الخطوة لن تكون مجدية لجهة جني محصول مقبول ولا نقول جيدا، لان العاملات في القفران غير جاهزة بالأعداد المطلوبة للإفادة من الموسم».
حشرة «العقصة»
يكشف المصري عن سبب آخر جعلهم يتريثون في نقل قفرانهم إلى بساتين الليمون، وهو أن «ثمار الليمون على الشجر، وبسبب الطقس الدافئ، تتعرض لحشرة تعرف باسم «العقصة»، فيعمد المزارعون إلى رش الأشجار بالمبيدات الحشرية السامة، وكما نعلم، فالليمون يحمل مع الثمار الناضجة بواكير الموسم المقبل من الزهر، ورش هذه المبيدات كان سيقضي على النحل في ما لو عمدنا إلى اشتاء القفران».
كذلك ثمة مشكلة بدأت تواجه النحّالين أيضا، فضعف القفير، يساعد الأمراض على التمكن منه، خصوصا أن عدد العاملات في القفير يصل عادة إلى 70 ألف عاملة، لكن معظم القفران الآن، ما زال عدد العاملات فيها في حدود متدنية جدا، وبعضها لا يتعدى عدد العاملات فيه العشرين ألف نحلة.
موسم عسل الليمون خسره النحّالون سلفا، وهو يقدر بنحو ثلث الموسم، وفي حال تجدد هطول المطر على نطاق واسع، يمكن أن يعدلوا خسائرهم، لكن بالتأكيد لا يمكن تعويضها.