تسليح الجيش اللبناني وتصريف الهبة السعودية في قلب الاجتماع الثاني لـ«مجموعة الدعم الدولية للبنان»، الذي يعقد غداً في قصر الأليزيه، بحضور الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والدول والمنظمات
الرياض مهتمة بشبكة مراقبة حدودية متطورة
محمد بلوط
تسليح الجيش اللبناني وتصريف الهبة السعودية في قلب الاجتماع الثاني لـ«مجموعة الدعم الدولية للبنان»، الذي يعقد غداً في قصر الأليزيه، بحضور الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والدول والمنظمات التي شاركت في الاجتماع الأول الذي عقدته المجموعة في 25 ايلول الماضي في نيويورك.
أبرز المتحدثين في الافتتاح هما هولاند ونظيره اللبناني ميشال سليمان الذي سيعقد على هامش الاجتماع سلسلة لقاءات مع رؤساء الوفود المشاركة، وبينهم وزيرا خارجية الولايات المتحدة جون كيري وروسيا سيرغيه لافروف، اذا لم يعدلا جدول مواعيدهما في ضوء الأزمة الأوكرانية. وتتركز المحادثات على سبل دعم لبنان في المجالات الحيوية الأساسية، لا سيما تسليح الجيش اللبناني وملف اللاجئين السوريين.
ويذهب مسؤول فرنسي، شارك في الإعداد للمؤتمر، الى القول ان المفاوضات في شق تسليح الجيش اللبناني قد حُسمت، وان الجانب الفرنسي قد استجاب لمعظم المطالب التي تقدم بها الجيش اللبناني. ولكن مصادر مطلعة قالت لـ«السفير» إن المفاوضات شهدت عقبات مع الجانب الفرنسي الذي وضع شروطاً مالية وأسعاراً للأسلحة تتجاوز ما كان متوقعاً بكثير، ولا تتطابق مع الوعود الفرنسية على أعلى المستويات بتسهيل الصفقة التي تموّلها المليارات السعودية الثلاثة، مع «صديقنا التاريخي لبنان».
ويقول مصدر لبناني مطلع إن الأسعار التي طالب بها الفرنسيون خلال المفاوضات تتطابق مع المستوى التجاري المعروف، ولا تعكس التساهل الموعود عند بدء المفاوضات. ويشير الى أن منصات إطلاق الصواريخ، التي سيجري تزويد مروحيات «الغازيل» بها، يكاد يتجاوز سعرها، أسعار المروحيات نفسها. وحصل اللبنانيون خلال المفاوضات على موافقة فرنسية على تزويد الجيش بصواريخ مضادة للدروع، واخرى مضادة للطائرات، إلا أن مداها لن يتجاوز الخمسة كيلومترات، ما يحدّ من فعاليتها في مواجهة الطيران الإسرائيلي. ويستجيب ذلك للتحفظ الإسرائيلي عن تزويد لبنان بأية أسلحة مضادة للطائرات، تخرق السيطرة الجوية الإسرائيلية على الأجواء اللبنانية.
وبرزت مشكلات إضافية في سياق المفاوضات ومهل التسليم التي ينبغي أن تمتد من 6 أشهر الى 3 سنوات. وبحسب مصدر فرنسي، ان مشكلة تواجه التسليم السريع، بسبب عدم وجود مخزون لدى صانعي الأسلحة الفرنسية. ويذهب التفكير الفرنسي، نحو الاستعانة إما بمخزون الجيش الفرنسي، وإما بمخزون بعض الدول الأوروبية الصديقة، التي حصلت على معدات مشابهة للطلب اللبناني.
ويبدو أن اللبنانيين اعترضوا على اقتراح تزويدهم بأسلحة من المخزون القديم للأسلحة الفرنسية، فيما تشمل اللائحة التي تقدموا بها لائحة طويلة من المعدات والأسلحة، شملت مروحيات، دبابات، صواريخ ومدفعية، وزوارق بحرية، يقول مسؤول فرنسي إن بعضها لا يزال قيد الدرس، وانه قد لا يمكن تلبية كل ما طلبه اللبنانيون. وينقل عسكري فرنسي ان القرار النهائي بتلبيتها يعود في النهاية للجنة تصدير الأسلحة الحربية، ولكن القرار المتعلق ببعض الأسلحة الحساسة، من صواريخ وأجهزة تنصت وغيرها من المعدات التكنولوجية المتقدمة، يبقى قراراً سياسياً، يحسمه الرئيس هولاند.
ويأخذ الفرنسيون بالحسبان التحفظ الاسرائيلي عن أي تغيير في الواقع القائم في جنوب لبنان، وتسليح الجيش اللبناني. ولم يستطع الفرنسيون مواجهة الإسرائيليين خلال عملية تسليح «اليونيفيل» في الجنوب اللبناني، ولا في طبيعة الأسلحة التي ينبغي أن تتزود بها، لتنفيذ القرار ١٧٠١. فبعد تهديدات إسرائيلية بقصف منصات صواريخ «ميسترال» التي حملتها معها القوات الفرنسية المشاركة في «اليونيفيل»، بعد «حرب تموز ٢٠٠٦»، سحب الفرنسيون المنصات التي رصدتها الطائرات الإسرائيلية واعتبرتها تهديداً مباشراً لها، وطُويت بسرعة الأزمة الديبلوماسية الصغيرة بين باريس وتل أبيب.
كذلك احتج الإسرائيليون في العام ٢٠٠٨ على إعارة فرنسا للبنان، برنامجاً معلوماتياً للتنصت على الاتصالات، اعتبرته إسرائيل مسؤولاً مباشراً عن كشف فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي إحدى أكبر شبكاتها التجسسية وطالبت بسحبه.
ويقول مصدر فرنسي إن السعوديين يواكبون المفاوضات بين الجانبين اللبناني والفرنسي، لإدراج بعض أوجه التسلح اللبناني في استراتيجيتهم المستجدة، في لبنان وسوريا، لملاحقة «الجهاديين» القادمين من السعودية وبلدان الخليج.
ويشير المصدر إلى أن السعوديين أصروا على تزويد لبنان بنظام رصد وتنصت متطور، وشبكة مراقبة حدودية متطورة، يعتقدون أن «حزب الله» يملك نظاماً متطوراً شبيهاً بها، ويطمح السعوديون الى مجاراته. ويقول المصدر إن السعوديين يسعون عبر تزويد الجيش اللبناني بهذا النظام، الى الاستعانة به في عملية احتواء موجات «الجهاديين» في سوريا، ومراقبة تحركاتهم عبر لبنان.
ومن جهة ثانية، قال مسؤول فرنسي يواكب «مؤتمر أصدقاء لبنان»، ان البيان الوزاري اللبناني ليس شرطاً مسبقاً لانعقاد المؤتمر، ولن يغيّر غيابه شيئاً في مجرياته، على العكس مما يعتقده البعض. وقال المسؤول الفرنسي إن تشكيل الحكومة اللبنانية «كان معجزة ومفاجأة إلهية، لم تكن لتقع لولا الضوء الأخضر السعودي ـ الإيراني».
وينصبّ الاهتمام الفرنسي على تصريف الهبة السعودية للجيش حيث سيكون مؤتمر باريس الإطار المناسب للإعلان عن الاتفاق حول تسليح الجيش اللبناني. ويبدو ذلك جلياً في المقارنة المعقودة بين المليارات الثلاثة المخصصة للتسليح، وعشرات الملايين من الدولارات التي دفعت النروج وفنلندا الجزء الأول منها لتمويل بعض المشاريع، ومساعدة اللاجئين السوريين في لبنان.
ويصل الرئيس اللبناني ميشال سليمان مساء اليوم الى باريس، يرافقه وزراء الدفاع سمير مقبل، الخارجية جبران باسيل، الشؤون رشيد درباس، وسبقه اليها مستشاره الديبلوماسي ناجي ابي عاصي والسفير الفرنسي في بيروت باتريس باولي.
وقال مصدر في الوفد الرسمي المرافق لسليمان لـمندوب «السفير» في القصر الجمهوري داود رمال إن الدعوة للاجتماع وجهها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بإشراف الأمم المتحدة ورعايتها، «والهدف هو تقييم ما تم تنفيذه من خلاصات الاجتماع الأول للمجموعة في نيويورك في أربعة مجالات:
اولا، في مجال الاستقرار من خلال تحييد لبنان عن أزمات المنطقة، لا سيما منها الأزمة السورية، وتنفيذ كامل مندرجات القرار 1701، والسعي لحل أزمات المنطقة من طريق التفاوض ودعم الحكومة اللبنانية والمؤسسات الشرعية.
ثانيا، دعم الاقتصاد اللبناني وتمكينه من الصمود في ظل التحديات الراهنة الناجمة عن الانكماش الحاصل جراء الأزمات التي تعصف بالمنطقة والتي أثرت كثيراً على لبنان، لا سيما على مستوى النمو، والجديد في هذا المجال هو إنشاء صندوق ائتماني والبحث في كيفية تفعيله وتمويله.
ثالثا، دعم الجهد الخاص في موضوع اللاجئين السوريين، في ضوء الاجتماعين اللذين عُقدا في الكويت وجنيف في العام الماضي، والبحث في كيفية تأمين المال اللازم وسبل تنفيذ مبدأ توزيع الأعباء العددية بين الدول، وتأمين إيواء أكبر للنازحين ضمن الأراضي السورية، والدفع باتجاه حل سياسي للأزمة السورية.
رابعا، كيفية استثمار الهبة السعودية لكي تؤثر على مؤتمر روما الخاص بتسليح الجيش إيجاباً من خلال تحفيز الدول الشقيقة والصديقة لكي تحذو حذو السعودية، خصوصا أن الهبة السعودية ثنائية وليست من ضمن مجموعة الدعم الدولية، وهي ستعزز فرص نجاح مؤتمر روما».
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه