تنتشر الشّائعات بسرعة كبيرة على وسائل التّواصل الاجتماعي... فكم مرّة أُعلن عن وفاة الفنّانة صباح؟ وكم مرّة انتقل الإعلامي السّاخر باسم يوسف من محطّة إلى أخرى؟ وكم مرّة توفي الرئيس المصري المخلوع...
تنتشر الشّائعات بسرعة كبيرة على وسائل التّواصل الاجتماعي... فكم مرّة أُعلن عن وفاة الفنّانة صباح؟ وكم مرّة انتقل الإعلامي السّاخر باسم يوسف من محطّة إلى أخرى؟ وكم مرّة توفي الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في السّجن؟ وكم عبوة ناسفة تمّ العثور عليها في «الجامعة اللبنانيّة»؟ كلّ هذا يمكن أن يحدث أكثر من مرّة في اليوم الواحد، من دون أن يكون له أيّ أساس من الصّحة. يحدث ذلك فقط على «تويتر» أو على جدران «فايسبوك»، ليتبيّن لاحقاً أنّ الأمر برمّته مجرّد شائعة.
دجى داود / جريدة السفير
تفادياً لهذا النوع من الشائعات، يجري حالياً تطوير نظام للمعلومات لكشف الكذب على مواقع التواصل وعلى وجه الخصوص «تويتر». والهدف من المشروع هو مساعدة المؤسسات والهيئات الحكومية وخدمات الطوارئ على الاستجابة بشكل أكثر فعالية للأحداث العاجلة، حسب ما يقول القيّمون عليه.
يحمل المشروع اسم الأسطورة الإغريقية «فيم» التي كانت تعرف بنشر الشائعات، وسيعمل لثلاث سنوات.
وتطور «فيم» مجموعة من بعض الشركات العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات، وتشارك في ذلك ثلاث جامعات بريطانية هي «شيفيلد»، و«وريك»، و«كينغز كوليدج لندن»، وجامعة «سارالاند» الألمانية، وجامعة «مودول» في فيينا. كما تشارك أربع شركات كبرى في المشروع أيضاً، وهي: «أتوس»، «آي هب»، و«أونتوتكست»، و«سويس انفو».
ويقوم نظام «فيم» بتحليل البيانات لمعرفة مدى صدق الرسائل المنشورة على مواقع التواصل. كما سيعمل على معرفة ما إذا كانت حسابات مواقع التواصل الاجتماعي المستخدمة في نشر معلومات خاطئة، وأنشئت خصيصاً من أجل ذلك الغرض. وسيصنّف العاملون على المشروع الشائعات التي تنتشر إلى أربعة أنواع: التنبؤات، والموضوعات الخلافية، والمعلومات الخاطئة غير المتعمدة، والتضليل المتعمد. وستشمل البيانات التي سيجري تحليلها رسائل من موقع «تويتر»، وتعليقات لمستخدمي المنتديات المهتمة بمناقشة مواضيع الرعاية الصحية، والتعليقات العامة على موقع «فايسبوك».
وسيقوم النظام بتصنيف مصادر المعلومات لتقييم مدى صحتها، وتشمل تلك التصنيفات وسائل الإعلام، والصحافيين، والخبراء، وشهود العيان، والجمهور العام. كما سيفحص النظام الجديد الحسابات القائمة لمعرفة تاريخها أو خلفيتها، في محاولة لتحديد الحسابات التي أنشئت فقط من أجل نشر الشائعات. وستجري كذلك دراسة المحادثات على شبكات التواصل لمعرفة كيفية تطورها، ومراجعة مصادرها لمعرفة ما إذا كان يمكن تأكيد المعلومات المنشورة فيها أو نفيها. من المتوقّع أن تظهر أول مجموعة من نتائج النظام الجديد، خلال 18 شهراً، وسيجري اختبارها مع مجموعات من الصحافيين والخبراء في مجال الرعاية الصحية.
«فيم» مستوحى من دراسة أجرتها صحيفة «الغارديان» البريطانيّة على الشّائعات التي انتشرت على موقع «تويتر» خلال أحداث الشّغب التي اجتاحت العاصمة البريطانيّة لندن العام 2011، ومنها أنّه تم إطلاق سراح الحيوانات من مدينة الحيوانات في لندن. ونقل موقع «ماشابل» عن كبيرة الباحثين في المشروع، الأستاذة في جامعة «شيفيلد» البريطانية كالينا بونتشيفا قولها: «كان هناك مقترح عقب أحداث الشغب التي اندلعت في لندن العام 2011 بضرورة إغلاق مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك لمنع المتظاهرين من استخدامها في تنظيم صفوفهم، لكن مواقع التواصل الاجتماعي تقدم معلومات مفيدة، والمشكلة هي أن الأمور تتطور بسرعة كبيرة، وقد لا يمكننا التمييز بين الحقائق والأكاذيب بشكل عاجل».
الصّور هي إحدى وسائل نشر الشّائعات على مواقع التّواصل. (...) لكنّ المشروع لا يعمل على تحليل الصّور وتبيان مصداقيّتها. وتقول بونتشيفا: «النصوص المكتوبة فقط هي التي سيجري تحليلها. لن نقوم بتحليل الصور، وبالتالي لن نبحث عما إذا كانت الصّور قد عولجت بطريقة أو بأخرى، فهذا أمر صعب للغاية من الناحية التقنية».
وقد أثار الحديث عن المشروع مخاوف من أن يكون أسلوباً ملتوياً لفرض رقابة على وسائل التّواصل، الأمر الذي نفته بونتشيفا، قائلةً: «لا نسعى لنكون شرطة الإنترنت، ولن نقول «يجب أن يتم محو هذه التّغريدة وإيقاف حساب ذاك».
وتضيف: «المشروع ليس مثالياً بالطّبع، لكنّنا نسعى لأن يكون «تويتر» مصدراً دقيقاً للأخبار والمعلومات. وهذا، في الأزمات، يحدث كلّ الفرق».