حاله كحال أقرانه من الطلاب الذين تركوا الوطن للبحث عن فرصة حياة جديدة، في بلاد الغربة. صارع الدكتور في الاقتصاد في «جامعة نورث إيسترن» الأميركية اللبناني رند غياض، باحثاً عن سؤال راوده، لماذا ...
حاله كحال أقرانه من الطلاب الذين تركوا الوطن للبحث عن فرصة حياة جديدة، في بلاد الغربة. صارع الدكتور في الاقتصاد في «جامعة نورث إيسترن» الأميركية اللبناني رند غياض، باحثاً عن سؤال راوده، لماذا الأذكياء، والمتعلمون، وأصحاب الخبرة يبقون فترات طويلة من دون عمل؟ على الرغم من مئات آلاف الوظائف الشاغرة؟
عماد الزغبي / جريدة السفير
ما وجده بعد أكثر من أربع سنوات من البحث، تحدّى الافتراضات التقليدية في شأن البطالة على المدى الطويل، ما أثار نقاشاً لدى المحللين وصانعي السياسات في الولايات المتحدة، خصوصاً أن موضوع البطالة يعتبره كثيرون واحداً من المشاكل الأكثر إلحاحاً التي تواجه الاقتصاد الأميركي. وقد نشر البنك الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن عمله، وتناوله الكاتب في صحيفة «نيويورك تايمز» الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد بول كروغمان.
يقول غياض: «عليك البحث عن شيء لفترة طويلة وأنت لا تدري ما إذا كنت ستصل إلى نتيجة أم لا». بعد فترة ركود الاقتصاد الأميركي، وتبعاً لنظريات المحللين الاقتصاديين الأميركيين، أن سبب البطالة هو عدم العثور عن العمل، إلا أن غياض وجد بعد بحث في السير الذاتية لمجموعة كبيرة من مقدّمي طلبات العمل أن نحو خمسة آلاف شخص قدّموا سيراً مغلوطة، أو وهمية. وبعدما صنف السير الذاتية، وفق تحصيلهم العلمي وقدراتهم، وخبراتهم العملية، وجد أن كل شخص يبقى خارج العمل لمدة ستة أشهر لا يعود يُرغَب في توظيفه، وأن هذا هو السبب الرئيس في عدم توظيف عاطلين عن العمل، وليس السبب عدم وجود فرصة عمل، كما كان يعتقد.
غياض المتخرج من «الجامعة اللبنانية الأميركية» في بيروت قصد بوسطن بمنحة لمتابعة دراسة الماستر في إدارة الأعمال في «جامعة بوسطن» في العام 2009، وشاءت الصدف أن يتزامن سفره مع بلوغ معدل البطالة في الولايات المتحدة ذروته، وقد وصلت إلى عشرة في المئة. ومع ذلك قُبِل كطالب دكتوراه في الجامعة.
وفي شهادة على أطروحة غياض يقول المشرف وليم ديكينز (مستشار الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون)، إن غياض فهم أسباب بقاء معدلات البطالة مرتفعة، لذا قُبل كباحث زائر في البنك الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن، على الرغم من عدم حصوله على الدكتوراه. وقبل البنك نشر دراستين لغياض، على أن يتم عرض نتائجها في مجلة اقتصادية قريباً.
ابن بلدة شبعا الجنوبية، يبلغ الثامنة والعشرين من العمر، يحمل شهادة دكتوراه في مادة الاقتصاد، وهو أول دكتور تحت سن الثلاثين ينال جائزة عالمية عن مجمل أبحاثه في مادة الاقتصاد. ونال مرتبة شرف أميركية لطرحه حلولاً عملية لأزمة البطالة في الولايات المتحدة.
تولّى غياض أثناء متابعته دراسته بين العامين 2009 و2013 مناصب استشارية عدة، فعمل مستشاراً لكل من «معهد بروكينغز» و«منظمة العمل الدولية» و«صندوق النقد الدولي» و«مركز دراسات سوق العمل» و«البنك الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن».
انفرد غياض بوضع هيكلية جديدة للحدّ من مشكلة البطالة في أسواق العمل الأميركية. ونُشرت دراسته في عدد من الصحف الأميركية والأوروبية بعدما تمكّن من إقناع كبار رجال الاقتصاد في الكونغرس الأميركي بالسبب الرئيس لتفاقم أزمة البطالة. تنقل بين واشنطن ونيويورك وبوسطن طارحاً أفكاره في العديد من المؤتمرات الاقتصادية أبرزها في «صندوق النقد الدولي»، «البنك الدولي»، و«المصرف المركزي الأميركي»، حيث لقبه بول كروغمان بالشاب الذي غيّر مفهوم الأزمة الأميركية. صحيفة «بزنس انسايدر» لقبته بـ«بيونير» أي الرائد، وبيتر ديموند الحائز جائزة نوبل في 2012، لقبه بـ«ستار».
تصدّرت أبحاثه صحف «نيويورك تايمز» و«وال ستريت جورنال» وغيرهما من وسائل الإعلام الأميركية وخصص «المصرف المركزي الأميركي» في بوسطن له مركزاً ليتمكن من توسيع أبحاثه والعمل على تطبيقها. وفي 28 من الشهر الماضي، استدعى غياض إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما ومستشاريه ووزراء العمل والتجارة، حيث عملوا على وضع قانون جديد يحض الشركات الأميركية على تخصيص نسبة معينة من وظائفها الشاغرة للذين خسروا وظائفهم نتيجة الأزمة المالية بالعام 2007، وطرح خريطة جديدة لإنعاش الاقتصاد الأميركي ترتكز على الأبحاث التي قدّمها رند غياض لفريق عمل الرئيس أوباما.
يعمل غياض حالياً مستشاراً اقتصادياً للمصرف المركزي الأميركي، وهو يدرس مادة الاقتصاد في «جامعة نرثيسترن» ويعمل باحثاً في «جامعة MIT» في بوسطن.