خبراء ومحللون يقيمون وضع الازمة السورية, الداخل أصبح اسخن مما كان عليه, جنوب البلاد يشهد غليانا عسكريا مترافقا بتطورات سياسية وميدانية عالمية, لكن يبقى السؤال ما الذي يحضر في الشمال الغربي من سورية
خليل موسى – موقع المنار- دمشق
خبراء ومحللون يقيمون وضع الازمة السورية، الداخل أصبح اسخن مما كان عليه، جنوب البلاد يشهد غليانا عسكريا مترافقا بتطورات سياسية وميدانية عالمية، لكن يبقى السؤال ما الذي يحضر في الشمال الغربي من سورية، وما علاقته بكل من جبهتي الجنوب والقلمون وجبهة جديدة فتحت لكن على الحلفاء هذه المرة.
بعد المعلومات التي حصلت عليها المنار ونشرتها على موقعها والتي تفيد بان الشمال الغربي السوري أصبح مطبخا لأمور تحضر، معلومات تجعل كل ما قيل عن جبهة حوران أو الجنوب بشكل عام مجرد ضخ إعلامي يحمل نظرية ذر الرماد في العيون، طبعا دون التقليل من اهميته.
المعلومات في مجملها تقول بأن "الشمال الغربي من سورية، تحديدا عند أنطاكية، كان ممر عبور آليات ثقيلة وأسلحة متطورة باتجاه داخل البلاد"، أي ما قاله (أحمد الجربا) رئيس ما يسمى "الائتلاف السوري المعارض" عن أسلحة نوعية ومتطورة خلال ظهوره في شريط مسجل من أحد مناطق سيطرة المسلحين في (إدلب) كان صحيحا.
الوضع ينذر بانفجار حقيقي ناحية الساحل السوري، خاصة أن المعلومات تفيد بنية ضرب منظومة الصواريخ الدفاعية السورية في تلك الجهة من البلاد، هذا لا يلغي احتمال محاولات لدخول العاصمة من المنطقة الجنوبية، إنما الجيش السوري متأهب ومستعد لتوزيع إمكانياته الحربية في اتجاهات عدة دون أي تأثير سلبي على سير عملياته.
الدكتور أسامة دنورة الباحث والمحلل الاستراتيجي التقاه موقع المنار الالكتروني ليخصه بتحليل للأوضاع الاخيرة، فحسب معطيات عدة جمعها الدكتور دنورة أشار إلى "وجود نية لتصعيد الضغوط بشكل متزامن على كافة الجبهات في سورية من أجل تحسين الوضع التفاوضي للائتلاف في الجولة المقبلة التي يبدو ان واشنطن طلبت تأجيلها الى موعد تنتظر ان تكون ضغوطها الميدانية قد اثمرت، تكتيكياً يتزامن الضغط مع تسخين جبهة الجولان وجنوب لبنان بعد العدوان على موقع لحزب الله بغية ارباك غرفة العمليات السورية وتجزئة الجهد العسكري السوري على جميع المحاور".
د. دنورة فرز المعطيات ربطاً بحالة الميدان ليخلص إلى نتيجة أن صمود الجيش السوري لن يتأثر ، من خلال متابعته يشير الى ان "الاحتياطي الاستراتيجي لكل جبهة في سورية مستقل عن الجبهات الاخرى وهو ما لاحظناه في تقدم الجيش السوري في حلب على الرغم من تحضيره لمعركة واسعة في القلمون ، وهذا التقدم يرجح ان يكون قد تسبب بالتصعيد الامريكي الاخير انقاذاً لموقف الجماعات الذي قارب الانهيار الشامل ، وهو ما يعني في حال حدوثه سقوط كل مؤامرة الربيع العربي ، ما يعني انكفاء استراتيجياً غربياً لصالح الصعود الروسي - الصيني".
وربط دنورة النتيجة التي توصل لها حول ما أطلق عليه الصعود الروسي الصيني بما يحدث اليوم في القرم ، فهو يرى استراتيجية في كل ما يحدث او يتحضر هناك في الجبهة الجديدة التي تم فتحها على روسيا ليقول "استراتيجياً يتزامن مع ضغوط على روسيا عبر اشعال الساحة الاوكرانية، والحديث عن انسحاب امريكي كامل من افغانستان بغرض فتح جبهة جديدة لاستنزاف روسيا (والصين) عبر إعادة تموضع طالبان لتساهم في جبهة (إسلاموية) عالمية تستهدف الجنوب الروسي عبر المنطقة التي يطلق عليها قلب العالم".
يتابع دنورة "عملياً يبدو المسعى الأمريكي بمثابة مفصل حساس ينم عن رغبة أمريكية بمغادرة وضع التوازن القائم منذ مدة باتجاه مواقع أكثر تقدماً على مستوى العالم ، وهو ما ينذر برد فعل روسي شامل قد يأخذ التوتر الدولي الى ذروة جديدة في المواجهة ينتظر أن تنتهي بتراجع المحور الغربي دون تحقيق مكاسب تذكر نظرا لحساسية الملفات المطروحة بأسرها بالنسبة للأمن الاستراتيجي الروسي الذي من المنتظر ان يُفعل ادوات ضغطه الاستراتيجية بما يكافئ تصاعد الاستهداف الغربي."
إذاً كل ما يحدث اليوم ما هو إلا محاولات لإرباك الحليف الروسي والضغط على الصيني، أميركا تهدد مرتبكة أيضا وربما غير عارفة بطبيعة الحال والمآل، هذا يوازي ما قاله هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الأسبق في جملة لافتة خلال حديث يمكن منها استخلاص أن ما يحدث أوكرانياً صنيعة أمريكية ، لتبقى احتمالات أن يكون الوضع كما يراه الدكتور دنورة ويُجمع عليه عدد آخر من المحللين أنه "ليس من المستبعد ايضاً ان تكون هناك حملة من التهويل المتناغم على جميع الجبهات مع تصعيد محدود مواز بهدف تحسين الشروط التفاوضية وتحقيق انسحاب متدرج للغرب والسعودية من المستنقع السوري وفق سقوف عالية ترفض التسليم بانهيار كامل للاستراتيجية الغربية في الشرق الاوسط.."
ما بين التحليل الاستراتيجي من جهة والميدان من جهة أُخرى، أحداث لن ترسمها إلا القوى الواثقة المدافعة من أن ما تمضي إليه ما هو إلا أمور محقة، فإما أن يكون من شأنها الدفاع عن حقها وحسم الأمور، أو أن تأخذ حيزا من الوقت.