نفى قيادي في «جبهة النصرة» لـ«الأخبار» تعيين أمراء لـ«النصرة» و«الدولة الإسلامية» لإدارة الصراع في الساحة اللبنانية، كاشفاً أنّ التنظيمين، حتى الآن، يتعاملان مع «وكلاء» يتعهّدون تنفيذ تفجيرات
رضوان مرتضى
نفى قيادي في «جبهة النصرة» لـ«الأخبار» تعيين أمراء لـ«النصرة» و«الدولة الإسلامية» لإدارة الصراع في الساحة اللبنانية، كاشفاً أنّ التنظيمين، حتى الآن، يتعاملان مع «وكلاء» يتعهّدون تنفيذ تفجيرات «هدفها إيصال رسائل إلى حزب الله».
لم تتكشّف خفايا التفجيرات التي تضرب لبنان بعد. وحتى هويات بعض منفّذي العمليات الانتحارية لا تزال مجهولة. ورغم فحوصات الحمض النووي التي تُجريها الأدلة الجنائية، إلا أنها لم تسعف الأجهزة الأمنية الحائرة في تحديد هوية المنفّذين. فضلاً عن أنّه إزاء التفجيرات التي وقعت، لا تزال تُطرح تساؤلات عن «فشل بعضها في تحقيق أهدافها»، أو حقيقة اقتصار عملية ما على مقتل منفّذها، أو «انخفاض معدّل الخسائر فيها إلى ضحيتين أو ثلاث»، باستثناء هجوم السفارة الإيرانية وتفجير الرويس اللذين سُجّل فيهما سقوط العدد الأكبر من الضحايا.
في خلفية ما يحصل، ليس هناك سوى بعض روايات متداولة، تستند إلى معلومات أدلى بها متّهمون موقوفون بجرائم الإرهاب، حول مخططات تفجيرية وهجمات انتحارية ثنائية وثلاثية ستستهدف الضاحية الجنوبية والجيش اللبناني ومقارّ تابعة لإيران في لبنان. وأصابع الاتهام هنا تُوجّه إلى التنظيمات الأصولية الثلاثة البارزة على الساحة: «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية» و«كتائب عبد الله عزام».
فهل أدّت التوقيفات التي جرت إلى إضعاف قدرات تنظيمي «النصرة» و«الإسلامية»، أم أنهما غير قادرين على تنفيذ تفجيرات ضخمة في لبنان على غرار تلك التي تُنفَّذ في العراق؟ سؤال يجيب عنه قيادي في «جبهة النصرة» في مقابلة مع «الأخبار»، بالقول: «قطعاً لا. فكلا التنظيمين يملكان القدرة اللوجستية والتنفيذية لتنفيذ هجمات كهذه، لكنّ الواقع أنّه لا قرار، حتى الآن، لدى قيادتي التنظيمين، بفتح الصراع في الساحة اللبنانية بعد»، من دون أن ينفي إمكان تغير هذا المعطى قريباً، وربما خلال أيام، في ضوء تطورات جبهة القلمون.
ينطلق القيادي المذكور في حديثه من نقطة يرى أنها «أساسية لتوضيح الصورة»، وهي أنه «لا أمراء لكل من جبهة النصرة والدولة الإسلامية في لبنان». ويوضح: «لم تُعيّن النصرة أميراً لها في لبنان. وعلى المنوال نفسه سار تنظيم الدولة الإسلامية»، كاشفاً أن التنظيمين يتعاملان مع «وكلاء» لهما في لبنان على غرار نعيم عباس. ويعزز القيادي كلامه بالاستناد إلى مضمون الاعترافات التي سُرّبت في الإعلام، والتي تحدّثت عن أن الموقوفين لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية كانوا يعملون لمصلحة أكثر من تنظيم في توقيت واحد. ويقول إن هذا الأمر يعزز «نظرية الوكالة في العمل وليس الأصالة»، مشيراً إلى أن «المنهج الجهادي يُحتّم على الفرد مبايعة قيادة تنظيم واحد والالتزام معه، وبالتالي لا يجوز له العمل لصالح أو بإمرة تنظيم ثانٍ». ويكشف أيضاً أنّ «جميع الذين أوقفتهم الأجهزة الأمنية عناصر تنفيذية وليسوا مخططين وراسمي استراتيجيات كما أشيع في الإعلام»، مرجّحاً وجود أكثر من وكيل يجري التواصل معه في شأن هذه العمليات، باعتبار أن توقيف عباس لن يعني توقّف هذا النوع من التفجيرات.
كذلك يشير القيادي المذكور إلى أنّه «لا النصرة ولا الدولة قاصران عن تنفيذ عمليات على شاكلة تلك التي تُنفّذ في العراق»، كاشفاً أن «ساحة الاستهداف في لبنان مفتوحة وواسعة جداً. ولو كانت الغاية ضرب الشيعة أو الحزب، لكان بالإمكان تنفيذ تفجيرات في الجنوب والبقاع وعدم الاكتفاء بالضاحية»! أما التفجيرات التي حصلت، فيضعها في إطار «الرسائل الموجّهة إلى حزب الله نتيجة تدخّله في سوريا». ويقول إن مجرّد استهدافها للمدنيين فهو أيضاً «رسالة إلى أنصار الحزب للضغط عليه للانسحاب من سوريا».
وإذ أكّد القيادي أنّ الموقوف نعيم عباس لم يكن يعمل ضمن الإطار التنظيمي لـ«كتائب عبد الله عزام»، كشف أن «الكتائب» هي التنظيم الوحيد الناشط فعلياً على الساحة اللبنانية بوصفها «أرض صراعٍ وجهاد». وعزّز ذلك بالإشارة إلى أن تفجيري الرويس والسفارة الإيرانية اللذين أوقعا عدداً كبيراً من الضحايا تبنّاهما تنظيم «كتائب عبد الله عزام»، فيما اقتصرت العمليات التي تبنتها «النصرة» أو «الدولة» على «إصابة عدد قليل من الضحايا»، مقارنة بباقي التفجيرات.
وقال إنّه «لم يحن الوقت لفتح الساحة اللبنانية»، كاشفاً عن وجود «قناعة راسخة لدى قيادة الجهاد بأنّ بقاء الحزب مرتبط ببقاء النظام السوري، وبالتالي فإن سقوط النظام سيؤدي إلى انهياره تلقائياً في لبنان». وفي موازاة ذلك، نفى القيادي ما تردد عن تعيين الشيخ أحمد الأسير أميراً لـ«جبهة النصرة» في لبنان، لافتاً إلى أن الأسير لا ينتمي إلى منهج القاعدة أصلاً. وكشف أن طلب بيعة «أبو سياف الأنصاري» لـ«الدولة الإسلامية» رُفض. وإذ أكّد حقيقة وجود «أبو سياف»، أشار إلى أنّ الرفض سببه إعلان البيعة في الإعلام قبل أن يقبلها «أمير الدولة أبو بكر البغدادي، فضلاً عن غياب القرار الفعلي للعمل الرسمي في منظومة إمارة على الساحة اللبنانية حتى الآن».
من جهة أخرى، أشارت مصادر قريبة من «كتائب عبد الله عزام» إلى أنّ الكتائب عينت أميراً جديداً لها، لكنها لم تكشف عن اسمه، نافية أن يكون أي من تلك التي جرى تداولها في وسائل الإعلام.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه