من الضروري أن تعمل الموسوعة على مواجهة موجة التطور التكنولوجي المتسارعة، وجعل "تحرير المواضيع" أكثر سهولة على الهواتف الخلوية. غير أن المعضلة تبقى "من سيكون متفانياً جداً ليفضل تحديث معلومة على لعبة..
في العام 2012، وبعد 244 عاماً على الورق، تحولت "انسيكلوبيديا بريتانيكا" Encyclopedia Britannica، إلى مادة على شبكة الإنترنت "فقط".
اليوم، تسعى مجموعة ألمانية من المعجبين بـ"ويكيبيديا"، وهي موسوعة متعددة اللغات على شبكة الانترنت، ومقرها الرئيس في الولايات المتحدة، للانتقال في الاتجاه المعاكس، من خلال تحضير نسخة مطبوعة من الموسوعة باللغة الإنكليزية (ألف جزء وحوالي مليون و200 صحفة) من المتوقع أن تعرض في نهاية هذا العام خلال اجتماع "ويكيبيدي".
غير أن مضمون هذه الكتب، بنظر الكثيرين، سيصبح "قديماً " في لحظة طرحه، إذا أخذنا في الاعتبار أن "أي موضوع تنشره ويكيبيديا على الإنترنت يتم تعديله أو الإضافة عليه كل دقيقة في اليوم"... ومن هنا تحديداً تبدأ المشكلة.
قد يكون لدى الموسوعة الإلكترونية الأشهر في العالم، والتي أسسها الأميركيان جيمي والز ولاري سانغير في العام 2001، الكثير لتتباهى به. فمواضيعها المتنوعة جعلتها تتخطى شبيهتها البريطانية بأشواط عدة. وهي اليوم تتبوأ المركز الخامس في المواقع الإلكترونية الأكثر شعبية، وتصدر معلوماتها بـ287 لغة (الموقع الإنكليزي هو الأغنى مع 4,4 ملايين موضوع). ويزور 15 في المئة من مستخدمي الإنترنت يومياً موقع الموسوعة، ما يجعل عدد متصفحيها يصل إلى 495 مليون شخص في الشهر.
بالرغم من ذلك، فإن أي زائر لمقر "ويكيبيديا" في مدينة سان فرانسيسكو، سيصدمه حتماً الهدوء الذي يطغى على المكان. فمؤسسة "ويكيميديا" غير الربحية، التي تشرف على الموسوعة، لا تملك الكثير من الموظفين.
ولمن لا يعرف، فإن "نبض ويكيبيديا" مستمد من "مجتمعها" الذي يقوم على حوالي 76 ألف متطوع يعملون على خلق وتحديث مواضيعها "عن بعد".
"عملنا يقضي على تأمين مجموع المعرفة كلها"، يقول نائب مدير "ويكيميديا" إريك موللر.
ولكن، كأي موضوع في عالم تتسارع أحداثه بشكل غير مسبوق، قد تكون "ويكيميديا" نفسها في حاجة إلى تحديث. ولذلك، تسعى الموسوعة إلى تعيين رئيس جديد قريباً، بمواصفات "خارقة"، وبمهمات عديدة للشركة أهمها "العمل ليس على جذب المتطوعين لتحرير المواضيع فقط، بل على جذب النوعية الجيدة منهم".
"من أبرز الصعوبات الضاغطة على ويكيبيديا اليوم هو إيجاد المساهمين في الكتابة والحفاظ عليهم"، يقول رئيس مجلس إدارة المؤسسة فوبي آيرز. فعدد المحررين للموقع الإنكليزي للموسوعة انخفض بنسبة الثلث خلال السبع سنوات الأخيرة.
ويقول الكاتب في مدونة "الويكيبيدي" ويليام بوتلر إن "ويكيبيديا" تواجه اليوم مساوئ "نموذج المتطوعين فقط"، وربما هذا ما يدفعها إلى "ملاطفتهم". ومن هنا، تجد جملة "رجاءً، لا تعذّب الوافدين الجدد" على صفحة إعلاناتها المخصصة للمتطوعين، للحد من "مشاكسة" المساهمين القدماء، كما أنها أضافت ميزة "شكراً"، لشكر المساهمين على جهودهم.
بالإضافة إلى ذلك، يتحدث المنتقدون لـ"ويكيبيديا" عن ضرورة "التنوع" في اهتمامات المحررين والكتاب المساهمين في الموسوعة. ويقدمون مثالأً على ذلك، "غزارة المواضيع المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا، وسهولة فهمها، مقارنة بالمواضيع المتعلقة بالمناطق الفقيرة مثلاً في العالم والمواضيع الاجتماعية".
وأظهرت دراسة حديثة أن 2,6 في المئة فقط من المواضيع المعنونة "جيو" الخاصة بالموسوعة تخص "القارة الأفريقية" التي تضم 14 في المئة من سكان العالم. وخلال الشهر الحالي، ستقيم "الجمعية الملكية البريطانية" اجتماعاً لتحديث تقارير الموسوعة المتعلقة بالعالمات، نظراً لغيابهن عن دائرة اهتمام "ويكيبيديا".
وتسعى الموسوعة الإلكترونية أيضاً لجذب المزيد من القراء خاصة في الأماكن التي تواجه شحاً في مصادر المعلومات. من هنا، ظهر مشروع "ويكيبيديا صفر" الذي تؤمن من خلاله 25 شركة اتصالات في دول مثل الكاميرون وماليزيا وجنوب أفريقيا خدمة "ويكيبيديا" مجاناً لمستخدمي الهواتف المحمولة.
وأخيرأً، من الضروري أن تعمل الموسوعة على مواجهة موجة التطور التكنولوجي المتسارعة، وجعل "تحرير المواضيع" أكثر سهولة على الهواتف الخلوية. غير أن المعضلة تبقى "من سيكون متفانياً جداً ليفضل تحديث معلومة على لعبة أنغري بيردز ؟"