وقال: "إنّ من أشد الأمور خطورة، هو ما ينتج من القمع والاضطهاد الذي يطاول النساء، لأن ذلك يمنع من بناء الشخصية المتوازنة والقوية والواعية، الأمر الذي ينعكس على العائلة والمجتمع
دعا العلامة السيد علي فضل الله، إلى إنشاء محاكم خاصَّة للنظر في المشاكل الزوجيَّة، مشدداً على ضرورة وجود قسم شرطة اجتماعي خاص للتعامل مع هذه المشاكل. وأكَّد سماحته وقوفه إلى جانب أي قانون يحمي المرأة من العنف، ولكن بشرط أن يوازن بين الحماية والحفاظ على الحياة الأسرية، داعياً إلى تشكيل لجنة من الاختصاصيين لدراسة هذا الموضوع.
في أجواء اليوم العالمي للمرأة، استقبل السيد فضل الله الباحثة النروجية، الكاهنة آن هيج، الّتي تقوم بدراسة حول ظاهرة العنف في الغرب والشرق، والتي أجرت معه حواراً حول هذه الظاهرة، ولا سيَّما في الشرق.
وأكد سماحته رداً على سؤال حول الظلم اللاحق بالمرأة في الشرق، أنَّ الأديان كلّها، ومن بينها الإسلام، حرَّمت مبدأ الإساءة إلى الإنسان. ومن الطَّبيعي أن تكون الإساءة إلى المرأة حراماً، مشيراً إلى أن الإساءة إليها، تمثل إساءة إلى القيمة التي تمثّلها من ناحية الدور، إلى جانب أن الظلم لا يجوز تحت أي اعتبار من الاعتبارات. ورأى أن العلاقة الزوجية لا تتيح للزوج أن يعتدي على زوجته، ولا تبرر له ذلك، بل ينبغي أن تقوده إلى احترامها، وتقديرها، والإحسان إليها، كإنسانة وكشريكة له في تحمّل أعباء الحياة.
وقال: "إنّ من أشد الأمور خطورة، هو ما ينتج من القمع والاضطهاد الذي يطاول النساء، لأن ذلك يمنع من بناء الشخصية المتوازنة والقوية والواعية، الأمر الذي ينعكس على العائلة والمجتمع، لأنَّ علينا أن نتطلع إلى مجتمع واعٍ وقوي ومتماسك، ولا يمكن تحقيق ذلك بعيداً عن المرأة القوية صاحبة الشخصيَّة الواعية والمتوازنة... أما أولئك الذين يخافون من المرأة التي تتصف بهذه الصفات، فهم ضعفاء على مستوى الداخل الإنساني، ولا يملكون الثقة بالنفس الَّتي تؤهّلهم للنهوض بالمجتمع جنباً إلى جنب مع المرأة".
وأضاف: "نحن مع تشكيل جهة خاصَّة تعنى بحل المشاكل الزوجيَّة، لأن المحافظة على الحياة الأسرية، وحمايتها من الاهتزازات، أمر مهم بالنسبة إلينا. وعلى الزوج الابتعاد عن ردود الفعل القاسية التي تؤدي إلى الطلاق أو الهجر".
وتابع سماحته: "للمرأة الحق في أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي، إذا تضرَّرت من زوجها، والجهة الشرعية من واجبها أن تتدخَّل لمعالجة هذا الأمر، وإذا وجدت أنه لا توجد مصلحة في استمرار الحياة الزوجية، يمكنها عندئذ أن تلجأ إلى الطلاق".
وشدّد على المرأة أن تختار شريكها على أساس الأخلاق والتدين، لأن الأخلاق هي الأساس، كما أن الإسلام كان حريصاً على أن تكون المودة والرحمة من العناصر الأساسية لأي زواج.
ورداً على سؤال حول القوانين التي من شأنها حماية المرأة، قال سماحته: "نحن مع كلّ قانون يحمي المرأة، ولكن علينا الالتفات إلى ألا تكون هذه القوانين سبباً في تعقيد الحياة الزوجية وإرباكها، لذلك، دعونا إلى إنشاء محاكم خاصة للمشاكل الزوجية، وإلى أن يكون هناك أمن خاص لحماية المرأة، فلا تذهب إلى قسم الشرطة المعروف، بل أن يكون هناك قسم شرطة خاص لهذه الأمور، لكي نحافظ على هذه الحياة واستقرارها، ويمكننا أن نطلق عليها اسم "شرطة اجتماعية"، على أن يكون أفرادها مدربين، ولديهم الخبرة في التعامل مع هذه المشاكل، كما دعونا إلى قيام محكمة عائلية، فنحن نشدّد على التوازن بين الحماية والحفاظ على هذه الحياة. ولا بد من تشكيل لجنة من الاختصاصيين لدراسة هذا الموضوع؛ تضم علماء اجتماع وعلماء نفس، ورجال قانون ودين".
وشدد على أن الرفق في الحياة الزوجية، يتطلب أن لا نهدم الأسرة جراء انفعال معين، فالعنف في أوقات كثيرة، لا يكون ناشئاً من طبيعة الحياة الزوجية، والموضوع يحتاج إلى دراسات عميقة لمعرفة أسبابه وكيفية معالجتها.