على جبهتين وفي وجه تهديدين كبيرين يتحرك حزب الله ويقدم التضحيات من أجل حماية لبنان واللبنانيين من الاعتداءات والأطماع الصهيونية ومن العدوان الدموي التدميري الذي يتحرك من خلال مشروع التكفير الإرهابي...
على جبهتين وفي وجه تهديدين كبيرين يتحرك حزب الله ويقدم التضحيات من أجل حماية لبنان واللبنانيين من الاعتداءات والأطماع الصهيونية ومن العدوان الدموي التدميري الذي يتحرك من خلال مشروع التكفير الإرهابي وهو لهذا السبب يواجه حالة متأصلة من الجحود والإنكار والتآمر تنصبها قوى مرتبطة تقليديا بالغرب وبمشاريعه في المنطقة.
غالب قنديل / عضو المجلس الوطني للإعلام
أولا قد لايكون في تاريخ لبنان الحديث حزب سياسي تعرض لمثل ما يواجه حزب الله منذ انطلاقته من هجمات وحملات تشويه وتحريض ومؤامرات تتشابك فيها أوامر الخارج بقوى الداخل, ومحور القصة كلها نجاح هذا الحزب بقيادته وشبابه وبثقافته الوطنية المتجذرة في إسقاط الأسطورة الاستعمارية الصهيونية عن قوة لبنان في ضعفه, وتحقيق الحزب لإنجاز تاريخي ثمين حول لبنان من بؤرة لحبك المؤامرات الاستعمارية في المنطقة إلى مصدر للقلق الوجودي الإسرائيلي.
تعاظمت هيبة المقاومة واشتد التى مرّ عليها منذ نجاح الحزب الباهر في طرد الاحتلال بعد مقاومة ضارية طيلة ثمانية وعشرين عاما مجللة بانتصارات وبتضحيات كبيرة تراكمت حتى جعلت هروب الغزاة دون قيد او شرط هدفا يتسابق إليه قادة الكيان الصهيوني ويتنافسون في تقريب اجله خلال انتخاباتهم التشريعية التي سبقت التحرير الكبير عام 2000 ، تقدم حزب الله في كفاحه ضد الاحتلال بينما كان خصوم الحزب في لبنان يشنون عليه أشرس الحملات ويتهمونه بتقديم الذرائع لحروب إسرائيل وغزواتها المدفوعة بخطط الهيمنة التي كشفها العديد من الزعماء والرموز الذين سبقوا في التحذير من الخطر الصهيوني الوجودي على لبنان ومنهم موريس الجميل وميشال شيحا وأنطون سعادة وفرج الله الحلو ورشيد كرامي وكمال جنبلاط وموسى الصدر ومجيد إرسلان ومعروف سعد وسواهم.
جميع هؤلاء ومن شاركوهم الأفكار والخيارات دعموا فكرة تكوين مقاومة شعبية لبنانية ضد العدو الصهيوني وبعضهم كانوا من قادتها في زمانهم وقد راكموا في نضالهم الفكري والسياسي عناصر الوعي الوجودية لصراع لبنان ضد الصهيونية التي تستهدف وجوده.
ثانيا حزب الله انجز المهمة التي كان جميع اولئك الكبار يتطلعون إليها بالتوالي منذ اغتصاب فلسطين وبدء عهد اسرائيل في استضعافها للدولة اللبنانية منذ اتفاقية الهدنة التي نصت صراحة على نوعين من القوات اللبنانية المسلحة وهي كانت موجودة بالفعل آنذاك: قوات نظامية هي الجيش اللبناني وقوات المقاومة الشعبية أو قوات الفدائيين كما كانوا يسمون آنذاك وهذا ما يوضح ان المنادين بشطب معادلة الجيش والشعب والمقاومة يريدون حكومة أشد تخلفا وتهاونا ورجعية من حكومات الأربعينات في عهد الاستقلال الأول رغم ما برهنت عليه التجربة الواقعية في سبعين عاما.
بكل تواضع وإيثار واستعداد مستمر للتضحية يتولى الحزب نيابة عن جميع اللبنانيين مسؤولية تطوير معادلات الردع في مجابهة العدو وهو بات يمتلك من القوة والقدرات ما يجعل منه قوة إقليمية مهابة يحسب لها الحساب وتثبت اختبارات القوة بين المقاومة التي يقودها وبين العدو الصهيوني تفوقا متعاظما للقدرات الرادعة التي يكتسبها بتصميم وطني وبإرادة صلبة في حماية لبنان ومع تمسك المقاومين بالعلم والمعرفة وبالعمل الحثيث بعيدا عن الصخب الذي تثيره الحملات السياسية والإعلامية المكرسة لتشويه سمعة المقاومة وصورتها والتي تقودها أجهزة أميركية وغربية وخليجية مهيمنة على شبكات إعلامية دولية وإقليمية ومحلية وتوضع في تصرفها المليارات كما اعترف السفير السابق جيفري فيلتمان في شهادته الشهيرة امام لجان الكونغرس.
أولوية المقاومة ضد الكيان الصهيوني في هموم حزب الله تشكل العمود الفقري لمشروعه ولحركته في جميع المجالات وعندما انبثق الخطر التكفيري القادم من سوريا نهض الحزب لمقاومته وإبعاده عن لبنان لأنه مشروع تفتيت يلاقي الخطة الصهيونية ويندمج بمسارها وقبل ان تأتي الأحداث لتظهر مقدار الدعم الإسرائيلي الذي تناله الجماعات المسلحة في سوريا وحجم الحرص الصهيوني على التدخل لصالحها كلما برزت معالم الاختلال المتصاعد لتوازن القوى لمصلحة الدولة الوطنية السورية.
ثالثا: طور حزب الله في قتاله ضد الخطة الاستعمارية لتدمير الدولة السورية وفي معركته الاستباقية ضد جماعات التكفير الإرهابية مرتكزات جديدة ومضافة لمنظومته الرادعة في وجه العدو الصهيوني, وذلك عملا بقاعدة تحويل التهديد إلى فرصة, وهذا بذاته يؤسس لمزيد من التحولات الكبرى في المنطقة ويفتح الأبواب لعهد جديد من قواعد الصراع العربي الصهيوني يخشاه قادة العدو ويحسبون له الحساب, وقد خرج بعض من ذلك إلى العلن من خلال تحذيراتهم ومحاولاتهم المستمرة تحت عنوان منع حصول الحزب على أسلحة كاسرة للتوازن بينما يرصد خبراء العدو العسكريون ما يجري من اندماج في الخبرات والقدرات والمعارف العسكرية داخل الميادين السورية وعبر الشراكة العضوية المتأصلة بين المقاومة اللبنانية والجيش العربي السوري.
يتبين بالتجربة العملية ان تحرك حزب الله إلى سوريا حد من الخطر الإرهابي على لبنان ووفر مرتكزات واقعية لحماية لبنان من هذا الخطر المدمر الذي يهدد جميع اللبنانيين وهو ما يفسر هستيريا العداء للحزب كلما سددت ضربات جديدة لشبكات التكفير الإرهابي في لبنان وكلما تأكد عجز حلف العدوان عن تحقيق أي تقدم في سوريا.
ما يجب ان يعرفه جمهور الحزب ومناصروه هو ان انجازات تاريخية حققها دم شهدائهم وان هجمات الإرهاب كانت ستضرب لبنان بمئات أضعاف ما حصلت لولا ما قامت به قيادة المقاومة ومعها الحلف الوطني الحاضن لخيارها بجميع اطرافه وبينما نخوض فصلا حاسما من الصراع الكبير على مستقبل المنطقة ندخل إلى حلقة تستدعي الصبر والمزيد من التحمل والمزيد من التروي والتبصر والثقة السياسية التي تكبر بالهموم الكبرى ويتضاءل أمامها الكثير من التفاصيل والشكاوى والانتقادات المحقة والمقدور على تداولها في أضيق نطاق فقيادة المقاومة تخوض النضال على جبهتي حربين عالميتين دفعة واحدة وأقل واجبات الثبات والإسناد هو إدراك الأولويات والعمل من ضمنها.