تناول ملف عماد مغنية في الإعلام، ظلّ خجولاً حتى الساعة. معظم الأعمال التي تناولت شخصيّته، أو ملف ردّ «حزب الله» المحتمل على اغتياله، ظلّت إما موجهة لشريحة معينة، أو أسيرة شهادات عاطفية
منذ انطلاقتها، عرضت قناة «الميادين» سلسلة أفلام وثائقية، تنوّعت ما بين أرشفة واقع الصراع الإسرائيلي العربي، والتكهّنات المستقبلية حوله.
بعد «حافة الهاوية»، «على خطوط التماس»، «التقسيم الناعم: سايكس بيكو 2»، و«تموز الحكاية»، عرضت القناة فيلم «الطبق البارد: هدف بوزن العماد» الأسبوع الماضي، وتستعدّ قريباً لعرض فيلم «قطع رؤوس الهيدرا»، وجميعها من إنتاج وإعداد وتنفيذ شركة «نانو ميديا» للإنتاج الفني.
فيلمان جديدان إذاً في جعبة «نانو ميديا»، مبنيان على أساس سيناريوهات مفترضة ومشغولة بإحكام، تضعنا مكان أي باحث يسعى لكشف حقائق مجهولة. تحفزنا تلك الأعمال على القراءة بين الأسطر، والتنبه إلى تفاصيل منسية بأسلوب درامي حيناً، ووثائقي بامتياز أحياناً أخرى. يقول علي شهاب، مدير الشركة ومعدّ وكاتب تلك الأفلام بالتعاون مع حسن عبد الساتر، «إنّ عدم الاكتفاء بتأريخ الماضي بات بصمة في أعمالنا، ففي زمن التوتر السياسي محلياً وإقليمياً ودولياً، بات اختيار هذه المواضيع حاجة ملحة، ويلبي احتياجات السوق الإعلامية».
بالرغم من الاعتماد على خبراء عسكريين ومحللين أجانب أميركيين وإسرائيليين وحتى فرنسيين، يغيب تماماً عن «الطبق البارد»، و«قطع رؤوس الهيدرا»، حضور أصحاب الشأن. ففي فيلم «الطبق البارد» الذي يتناول سيرة عماد مغنية، واحتمالات رد «حزب الله» على اغتياله لا نرى أي مقابلة مع محللين تابعين للحزب، أو ينتمون إلى خطّه السياسي. ويبرّر شهاب هذا النقص بأنَّ أيّ تصريح بشأن موضوع بهذه الحساسية، من قبل «حزب الله»، يعني تبني اتجاه معين، وبالتالي تحمّل مسؤولية. «التفتنا إلى هذه الحساسية المفهومة والمبررة منذ بداية التفكير بمقاربة الموضوع، فارتأينا معالجة سيناريوهات الردّ على اغتيال عماد مغنية بالاعتماد على مراكز دراسات إسرائيلية وغربية وخبراء إسرائيليين وغربيين، آخذين في عين الاعتبار أن الشخص الأكثر قدرة في الحزب على التحدث في الموضوع هو الأمين العام، لذا قمنا بتوليف مقاطع من خطاباته تخدم الفكرة».
في فيلم «قطع رؤوس الهيدرا»، سنكون مع تحليل للمصلحة الإسرائيليّة في الأزمة السوريّة. هنا أيضاً، تغيب تماماً آراء خبراء سوريين، في حين يحضر الرأي الإسرائيلي والأميركي وحتى الروسي. أراد فريق الفيلم الابتعاد عن التموضع مع أي جهة محلية؛ وبالتالي عدم تبني رأي جهات متورطة سواء كانت مع النظام أو المعارضة، خصوصاً أن الأزمة طويلة وقائمة وبالتالي «فإنّ تنفيذ أي عمل وثائقي سيكون ناقصاً وغير مكتمل العناصر قبل مرور فترة من الزمن».
ما يميز فيلم «الطبق البارد» ما احتواه من مادّة جديدة، لناحية الصور والفيديو، تبين وجه مغنية الحقيقي منذ طفولته وحتى استشهاده. فتناول ملف عماد مغنية في الإعلام، ظلّ خجولاً حتى الساعة. معظم الأعمال التي تناولت شخصيّته، أو ملف ردّ «حزب الله» المحتمل على اغتياله، ظلّت إما موجهة لشريحة معينة، أو أسيرة شهادات عاطفية.
يقول شهاب إن مصدر المعلومات الرئيسي عن شخص مغنية كان عائلته وأهله، وكذلك الحال بالنسبة لألبوم الصور والفيديو. ويؤكد أنّ أكثر من نصف المعلومات المنشورة على شبكة الانترنت حول مغنية، غير دقيقة. «ما عرضناه لا يتعدى 10 في المئة، مما صار بحوزتنا، لكننا اخترنا ما يخدم فكرة العمل».
كما يشير شهاب إلى أنَّ النسخة الأصليَّة من الفيلم هي 75 دقيقة، أمّا النسخة التي عرضت على شاشة الميادين فمدتها 50 دقيقة، لاعتبارات تتعلّق بالبرمجة والبث.
لا يحدِّد شهاب الوقت الذي استغرقه إنجاز الفيلمين، فالفكرة موجودة منذ أكثر من خمس سنوات، والتنفيذ جاء في وقت كاف لإتمامه بشكل لائق. يقول شهاب إنّ «الميادين» ساهمت في إنجاح هذا العمل إلى حد كبير، خصوصاً غسان بن جدو الذي تابع مسار الإنتاج في أدق التفاصيل، إضافة إلى إشراف رشيد كنج على الرؤية الإخراجية وهند خالد. لكنّه يرى أن هناك مشكلة حقيقية وهي ندرة الباحثين والمعدّين القادرين على معالجة مواضيع بالنوعية المشروطة.