27-11-2024 04:41 AM بتوقيت القدس المحتلة

معدل نمو الناتج الإجمالي العربي مرشح للتراجع إلى 2.8 في المئة خلال 2014

معدل نمو الناتج الإجمالي العربي مرشح للتراجع إلى 2.8 في المئة خلال 2014

«بغض النظر عن قصر عمر الحكومة العتيدة، ثمة وضع اقتصادي دقيق وصعب لا بد من معالجته بإلحاح وعناية فائقة. وهذه الصعوبة تتمثل في ضعف النمو الذي يحتاج استثمارات محلية وأجنبية

معدل نمو الناتج الإجمالي العربي مرشح للتراجع إلى 2.8 في المئة خلال 2014توقع رئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية عدنان القصار أمس استمرار تراجع معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي العربي إلى 2.8 في المئة هذه السنة.

وقال في افتتاح «ملتقى لبنان الاقتصادي» ان «التقديرات تشير إلى انخفاض معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي العربي من 3.9 في المئة عام 2012 إلى 3.3 في المئة عام 2013، مع احتمال استمرار التراجع إلى 2.8 في المئة عام 2014 في حال استمرار الأوضاع السلبية». وأضاف: «في لبنان نلنا نصيباً يفوق طاقتنا من تداعيات الأعمال الحربية الطاحنة في سورية، بأمننا واستقرارنا واقتصادنا، والتي يقدر البنك الدولي الخسائر الناجمة عنها بما لا يقل عن 7.5 بليون دولار، ناهيك عن الموجات الهائلة من النازحين السوريين التي بات عددها يقارب ثلث سكان لبنان».

وافتتح الملتقى برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وحضوره، في فندق «فورسيزونز»، بمشاركة أكثر من 500 شخصية من لبنان وعدد من البلدان العربية، يتقدمهم رئيس الوزراء تمام سلام، ورئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة، ونائب رئيس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل، والوزراء ارثيور نظريان (الطاقة والمياه)، ميشال فرعون (السياحة)، محمد المشنوق (البيئة)، الياس أبو صعب (التربية والتعليم العالي)، رمزي جريج (الإعلام)، عبدالمطلب الحناوي (الشباب والرياضة)، نبيل دو فريج (التنمية الإدارية).

كذلك حضر الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ووزير المال الأردني أمية طوقان، ووزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني جواد ناجي، وعدد من الوزراء السابقين اللبنانيين والعرب، إضافةً إلى حشد من رؤساء الهيئات الاقتصادية ومدراء المصارف والشركات اللبنانية والعربية ورجال الأعمال والمستثمرين. وكرمت «مجموعة الاقتصاد والأعمال» التي نظمت المناسبة كلاً من الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية الرئيس السابق لاتحاد المصارف العربية عدنان يوسف، و»شركة ماجد الفطيم العقارية».

وتوالى على التحدث سليمان والقصار ورئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير ورئيس جمعية مصارف لبنان فرنسوا باسيل، ورئيس «المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان» (ايدال) نبيل عيتاني، والرئيس التنفيذي لـ «مجموعة الاقتصاد والأعمال» رؤوف أبو زكي (راجع ص 7). ورأى شقير «أن مصائب لبنان الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية باتت خارج امكانيات القياس الدقيق. وإحصاء الخسائر لم يعد عملية جمع بسيطة إذ جرى تسييس الاقتصاد ولم تعد المصلحة المشتركة مصلحة مشتركة. وما يؤلمنا اكثر هو الفرص السانحة التي أضعناها واستعضنا عنها بجدل عقيم لا يمت الى المصلحة الوطنية بصلة».

وضع دقيق
وقال باسيل: «بغض النظر عن قصر عمر الحكومة العتيدة، ثمة وضع اقتصادي دقيق وصعب لا بد من معالجته بإلحاح وعناية فائقة. وهذه الصعوبة تتمثل في ضعف النمو الذي يحتاج استثمارات محلية وأجنبية لا تزال غائبةً ومحجمة، وفي أفضل الأحوال غير كافية إلا لتسيير أو صيانة ما هو قائم من مشاريع أو أعمال أو مؤسسات، وضعف العمالة اللبنانية التي ضاقت في وجهها حتى فرص الهجرة لأسباب تعود الى غياب الدولة واستمرار تحكم سواها بالبلاد والعباد، والى فوضى العمالة السورية التي فاقمتها الأعداد الهائلة من اللاجئين الهاربين من أتون الجحيم السوري، والنقص الكبير في ملاكات الدولة، ما يفرض ملء الشواغر في القطاع العام بالكوادر الكفوءة والنزيهة، وفق الآلية الموضوعة، وخلافاً لما يراد لنا ان نعود إليه من محاصصة كريهة ومن توظيف قائم على قاعدة الزبائنية السياسية».

ونوّه باسيل بأن الوضع النقدي والمصرفي عنواناً للمناعة والإستقرار من خلال استقرار بنية الفوائد، فالفوائد المدينة على الليرة والدولار بلغت مستوىً متدنياً تاريخياً، غير ان الطلب على الإقتراض لا يزال خجولاً نسبياً، لتردد رجال الأعمال وتريثهم في انتظار جلاء صــــورة الأوضاع السياسية والأمنية. ولفت إلى استقرار أسعار الصرف المدعومة باحـــتياطات النقد الأجنبي لدى الجهاز المصرفي، على رغم ان ميزان المدفوعات سجل في 2013 عجزاً فاق بليون دولار وأن هـــذا العجز استمر خلال الشهر الأول من العام الحالي. وأشار معدلات التضخم المتدنية انعكاساً للركود الإقتصادي ولثبات أكلاف الإنتاج وإنتاجية العمل.

وشدد باسيل على «ان تسليفات المصارف للاقتصاد اللبناني مستمرة، بل حققت نمواً قاربت نسبته تسعة في المئة على أساس سنوي. ويهمنا التأكيد ان المصارف كانت ولا تزال، بفضل ملاءتها وسيولتها وآليات التمويل المتاحة وتعاونها الدائم مع السلطات النقدية والرقابية، قادرةً على تلبية احتياجات الاقتصاد الوطني، وعلى تفعيل أداء هذا الاقتصاد وزيادة نموه بوتيرة مستدامة شرط ان تقوم في لبنان دولة قادرة، وقضاء مستقل، وإدارة حديثة وفاعلة، يتولاها أصحاب الكفاية والنزاهة، وشراكة مثمرة ومجدية بين القطاعين العام والخاص. فهمنا الأول تنمية اقتصادنا المحلي على الرغم من توجهنا الى الخارج للمساهمة في تنمية اقتصادات بلدان أخرى. فلبنان وطننا، والتزامنا به يتقدم على سائر الأولويات».

تنسيق عربي
واعتبر عيتاني «ان انعقاد هذا الملـــتقى ينبثق من حاجة الدول العربية المتزايدة إلى مواكبة التطورات، فمن الأزمة المالية العالمية التي انعكست انكماشاً اقتصادياً كبيراً، إلى تداعيات الأزمات السياسية والأمنية في المنطقة، تواجه الدول العربية برمتها تحديات كبرى ومتغيرات بدأت انعكاساتها تظـــهر علـــى المناخ الاستثماري العام. وتراجع حجـــم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة إلى الشرق الأوسط وشمال افريـــقيا في 2012 إلى 3.5 في المــــئة من إجمالي حجم الاستثمارات فـــي العالم، من 4.2 في المئة في 2010، علـــى رغم ان هـــذه المنطقة تضم ستة فــــي المئة من مجموع الطاقة الاستهلاكية في العالم، وتمــــــلك مقومات هائلة، بدءاًَ من موقعها الجـــغرافي مروراً بحجم الأسواق فيها، وغناهـا بالطاقات البشرية والمواد الأولية، ووصولاً إلى وسائل التــــمويل، ما يشكل حاجة لهذه الدول إلى اللقاء والنقاش والتشاور لإيجاد الحلول واستنباط الخطط الواجب اتباعها».

وأكد أبو زكي «ان هذا المؤتمر استثنائي في توقيته وظروف انعقاده، وفي حضور فخامة الرئيس له، وفي كونه أول مؤتمر لحكومة أطول أزمة وأقصر ولاية، آملين ان تكون حكومة تهيئة الظروف المناسبة لحل الأزمة. وهذا المؤتمر استثنائي لأنه ينعقد في مرحلة انتقالية ليشكل منبراً حوارياً يحاول المساهمة في بلورة رؤية مستقبلية للبنان والمنطقة في ضوء المستجدات المحلية والإقليمية. وقد يكون في ذلك بعض الصعوبة نظراً الى المتغيرات المتسارعة. ولكن لا بد من التركيز على المهام والتحديات التي تواجه الاقتصاد اللبناني في نطاق ما يمكن اعتباره إدارة الأزمة، من خلال الاهتمام في صورة أفضل بالاقتصاد وبمعالجة ملفات ضاغطة مثل الأمن والطاقة والإصلاح، والعمل على الاستفادة من تشكيل الحكومة التي تشكل بقيادتها ومكوناتها عنصراً ايجابياً، والتي تسمح بالتفاؤل الذي وحده يصنع المستقبل».