لا يريد تجار الهيكل عندنا أن يكون لبنان قوياً، حفاظاً على مصالحهم وحرصاً على ذهبهم وهم يريدون العودة إلى مقولة "قوة لبنان في ضعفه".
ثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة" خشبية؟ وماذا في ذلك؟ شرف عظيم أن توصف تلك الثلاثية بالخشبية. ألم يكن الصليب الذي احتضن آلام السيد المسيح من خشب لا من ذهب؟ وبعد هذا المفصل الكبير في تاريخ الإنسانية ألم ترتفع القيمة الروحية للخشب فصار أغلى من الذهب؟ ولو وجدت في زمننا هذا قطعة صغيرة من خشب الآلام النفيس ألا يساوي ثقلها ذهب الأرض وأكثر؟.
عاصم ستيتية/ جريدة السفير
وصليب المقاومة هو كذلك من نوع هذا الخشب النفيس الذي قاوم عليه السيد المسيح واحتضن عليه بآلامه آلام الإنسانية كلها. وماذا عن النبي موسى وعصاه التي شطر بها البحر ممراً لقومه، ألم تكن من خشب لا من ذهب؟ ثم حطم بها الصنم الذهبي حين وجد قومه ساجدين له وقد أعماهم بريق ذهبه الأصفر؟.
ثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة" أغلى بكثير من الذهب فهي من الدم المسبوك لشهدائها البواسل الذين حطموا أسطورة العدو الذي لا يُقهر فقهروه وأجبروه على الاندحار باكياً إلى فلسطين المحتلة بعد أن أذاقوه مرارة الهزيمة.
ويقولون: ولكن ما فعل المقاومة في سوريا وهل ضلّت طريقها؟ ونقول لهم: قد ذهبت إلى هناك لتثأر لأبي العلاء من هؤلاء القادمين من أعماق الجاهلية الأولى الذين استضعفوا رأسه المنحوت من حديد الحضارة الإنسانية فقطعوه لأن إرثه الفكري يخيفهم. لا يمكن لجيش في أي دولة أن يكون قوياً بلا سقف يحميه، وها هي صواريخ المقاومة البعيدة المدى تقف جنباً إلى جنب مع الجيش ويداً بيد لتروع العدو وتقضَّ مضاجعه لو فكر في الاعتداء على هذا الوطن الصغير الذي يقف وحيداً ويجابه ويقضي على "سرطان العرب" الإسرائيلي الذي أصيبوا به وأصيبت به فلسطين.
لا يريد تجار الهيكل عندنا أن يكون لبنان قوياً، حفاظاً على مصالحهم وحرصاً على ذهبهم وهم يريدون العودة إلى مقولة "قوة لبنان في ضعفه".
ونقول لهؤلاء: هل كانت قوة الأنبياء في ضعفهم؟ حتى فلسفة اللاعنف التي مارسها المهاتما غاندي هي قوة، ثم ألم يدخل نبي الإسلام مكة بعشرة آلاف مقاتل وسيوفهم في أغمادها؟.
ثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة" ليست ذهبية بل خشبية لأن كل سفينة صُنعت من ذهب تغرق وكل مقاومة أعماها بريق الذهب ضلّت.
وتبقى أرزة لبنان تتوسط بيرقه وهي التي بنى من خشبها أجدادنا سفنهم وبنى منها نوح عليه السلام "ذات الألواح" التي أنقذت البشرية جمعاء من الغرق.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه