لم تتعدّ المتساقطات حتى اليوم، ثلث المعدل السنوي العام، والمتوقع في شهري آذار ونيسان، في أحسن الأحوال، أن لا تصل إلى أكثر من 45 أو 50 في المئة من المعدل العام. من هنا، فإن ناقوس الخطر بدأ يقرع بقوة...
لم تتعدّ المتساقطات حتى اليوم، ثلث المعدل السنوي العام، والمتوقع في شهري آذار ونيسان، في أحسن الأحوال، أن لا تصل إلى أكثر من 45 أو 50 في المئة من المعدل العام. من هنا، فإن ناقوس الخطر بدأ يقرع بقوة، مع توقع أن يتخطى التصحر 60 في المئة من مساحة لبنان.
كامل صالح / جريدة السفير
أمام هذه الصورة القاتمة، وأمام بدء الحديث، وإن على سبيل النكتة، عن تحلية مياه البحر لسد حاجات اللبنانيين من مياه الشرب، تبدو مسألة العمل على تعزيز ثقافة التعاطي مع كيفية استخدام المياه واستهلاكها أمراً ملحاً وغير قابل للتأجيل أو وضعه على الرف، خصوصاً أن الإحصاءات تلحظ أن أكثر من 50 في المئة من الأراضي المرويّة لا تستخدم الطرق الحديثة، بل تعتمد الري التقليدي الذي يتسبب بهدر كميات كبيرة من المياه.
فعلى الرغم من الأمطار التي تتساقط منذ أيام، فإن مواسم هذه السنة، وفق وزير الزراعة أكرم شهيب، مهددة بالعطش، ولا بد من حالة طوارئ لمواجهة النقص الحاد في المياه، أولا لهذا الموسم والموسم المقبل، وثانيا على المديين المتوسط والبعيد.
لكن المطلوب حاليا، وسريعاً، وفق «رئيس لجنة الأشغال والنقل النيابية» محمد قباني، حفر آبار ارتوازية، لذلك يحضر مع رئيس «مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان» لحفر آبار، منها البدء بسبع في نهاية هذا الشهر، لتلبية حاجات سكان بيروت وجبل لبنان. فالجفاف، كما يلحظ قباني، «سيطال المناطق الممتدة من نهر الكلب الى نهر الدامور خصوصا».
ولأن الامر لن يكون كافيا، يكشف عن تشكيل خلية أزمة برئاسة وزير الطاقة ارتور نظريان تتولى توعية المواطنين حول ترشيد الاستهلاك.
استهلاك الزراعة
عملياً، تستهلك الزراعة نحو 55 إلى 60 في المئة من المياه في لبنان. ولأن المتوافرة للاستهلاك انخفضت إلى النصف، فلا بد من خفض استهلاك المياه في الزراعة وترشيدها، مع الحفاظ على المساحات المزروعة والمروية. وهذا ممكن باعتماد تقنيات ري موفِّرة، وأقربها اعتماد الري بالنقطة، وتنظيم وترشيد الري وأوقاته، ما يوفر نحو 50 في المئة من الاستهلاك في الزراعة.
وكي لا يكون الكلام نظرياً، فإن وزارة الزراعة بصدد تأمين الأموال اللازمة، لتزويد المزارعين بتقنيات تساعدهم على خفض الاستهلاك. وقد حددت المديرية المختصة في الوزارة الحاجات، وهي تستعد لتأمين المستلزمات التقنية لتكون في أيدي المزارعين قبل الصيف المقبل، كما يكشف شهيب، في مؤتمره الصحافي الذي عقده أمس، في مكتبه في بيروت مؤقتا، بسبب أعمال الترميم في مقر الوزارة في بئر حسن، وذلك بحضور المدير العام للزراعة لويس لحود، ورئيس مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية ميشال افرام ورئيسة المشروع الأخضر غلوريا أبو زيد.
فبعد أن ينوّه بتشكيل لجنة الأشغال النيابية خلية أزمة مائية، يلفت الانتباه إلى أن «لبنان الذي كان يفكر بتصدير المياه إلى قبرص أصبح اليوم يرزح تحت ثقل نقص كبير في المياه، كما أن هناك العديد من الآبار التي نضبت المياه فيها، فيما أخرى دخلت في مرحلة دخول مياه البحر إليها، وأخرى انخفض منسوبها انخفاضا كبيرا، وهو ما سيدفع إلى تعميق الكثير من الآبار للوصول إلى أعماق جديدة بحثاً عن المياه».
لأن مياهنا في خطر، فإن الحاجة باتت ملحة إلى إعلان حالة طوارئ مائية، وشراكة أهلية ورسمية وإعلامية وأكاديمية مع قطاعات الإنتاج ومراكز الأبحاث. وفي هذا الإطار، فإن الوزارة بالتنسيق مع الوزارات المعنية والشركاء، بصدد التحضير لمؤتمر وطني لمواجهة الخطر الكبير الذي بات مقيماً، بخطط يؤمل أن تنفذ، وألا تبقى حبراً على ورق.
القطع والحرائق
إذا كانت أزمة شح الأمطار تتصدر الأولية، فإن عمليات قطع الأشجار والحرائق المفتعلة في الأحراج والغابات، يمكــن وضعــها في المرتــبة التالية من الأهمية، وفي هذا السيــاق، يشــدد شهــيب على حمــاية الــثروة الحرجية، ومواجهة عمليات القطع والحرائق المفتعلة بحزم وقطع دابر التعديــات، كاشفــا أن الــوزارة واجهــت قــبل أسبــوع عمــلية قطــع نحو 150 شجرة صنوبر في عكار، وقد أحيل الملــف إلى النــيابة الــعامة الاستئنافية في الشمال، وإلى هيئة القضايا في وزارة العدل، وإلى هيئة التفتيش المركزي، وإلى النيابة العامة التمييزية، وإلى وزارة البيئة التي نتــشارك معها في الهم الأخضر، وإلى وزارة الداخلية والبلديات وإلى وزارة العدل.
في هذا الجانب، تعمل الوزارة على تفعيل التنسيق، مع جميع الجهات المعنية بحماية الغابات والأحراج، وتفعيل دور حرّاس الأحراج، والعمل على زيادة عديدهم ومراكزهم - خصوصاً بعد صدور مرسوم زيادة عدد الفرق الفنية في الملاك - وتزويدهم بالمعدات والوسائل اللازمة، لتأدية مهامهم في المراقبة والتدخل وقمع التعديات.
من جهته، أشار لحود في المؤتمر، إلى أن الوزارة لم تفد عن حصول أضرار زراعية، معلنا في الوقت نفسه عن إعداد دفتر الشروط الخاص باستدراج عروض لشراء كمية كبيرة من معدات الري بالنقطة لتوزيعها خصوصاً على صغار المزارعين.