استوى رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي على كرسيّه خلف طاولة خشبية مستطيلة تزيّنها أزهار قليلة، في قصره في ميناء طرابلس، يحيط به إعلاميو عاصمة الشمال.
عبد الكافي الصمد
استوى رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي على كرسيّه خلف طاولة خشبية مستطيلة تزيّنها أزهار قليلة، في قصره في ميناء طرابلس، يحيط به إعلاميو عاصمة الشمال. مضت سنة وأربعة أشهر على آخر لقاء مماثل. وكما في اللقاء السابق، بادر رئيس الحكومة السابق الحاضرين بالقول: «أخبروني ما هي آخر أخبار المدينة؟»!
لا جواب قاطعاً لدى ميقاتي عن سؤال حول توقعاته لمصير حكومة الرئيس تمام سلام لأن «منطق الأمور وظاهرها يقول إنه يستحيل التوصل إلى اتفاق، إلا أن مسار الأحداث، صعوداً ونزولاً، يقول إن كل شيء وارد».
هل يعني ذلك أن البيان الوزاري للحكومة السلامية قد يبصر النور؟ يردّ ميقاتي على طريقة «لا أخضر ولا يابس ولا أعوج ولا جالس»، فيقول: «المنطق يقول إنه لا بيان، لكن مسار الأمور يجعل ولادة البيان ممكنة»، مضيفاً: «تعلمنا أنه لا يوجد أمر مبدئي يربح دائماً».
وشكّك ميقاتي في ما يجري تداوله عن نية الرئيس سلام تقديم استقالته مع تعذر التوصل إلى اتفاق على صيغة للبيان الوزاري ترضي كل مكوّنات حكومته، معتبراً أن «الحديث عن الاستقالة لا يزال مبكراً. هناك مهلة حتى يوم الاثنين، ويمكن حتى ذلك الحين إيجاد مخرج».
ويبدي تضامنه مع رئيس الحكومة لأنه «في وضع لا يحسد عليه. وضعه ليس سهلاً أبداً. هناك انقسامات داخل حكومته وفي البلاد، والمطلوب منه إيجاد توازن بين هذه المكوّنات». «وصفة التوازن» يعطيها ميقاتي استناداً إلى تجربته في حكومته الأخيرة، إذ «حرصت على التوازن في حكومة كان يقال إنها حكومة طرف واحد، فكنت أمثل 14 آذار في وجه 8 آذار. ولو كانت الأمور معكوسة لكنت مثلت 8 آذار في وجه 14 آذار». ويضيف: «مررنا بأصعب الظروف، وقبلت المهمة لحماية البلد، من غير أن أنتظر إطراءً أو وساماً من أحد. والناس تعرف مدى الظلم الذي لحق بي وبحكومتي»، مؤكداً أن «استقالتي قراري، واتخذته وأنا بكامل قواي العقلية، وهي استقالة تحصل ربما لأول مرة في لبنان في غير مواعيد الاستحقاقات الدستورية».
واستبعد رئيس الحكومة السابق «انفراجاً واستقراراً في لبنان في هذا الظرف الصعب»، عازياً ذلك إلى «الوضع الجغرافي ـــ السياسي الذي يربط بين لبنان وسوريا، وبسبب تدخل اللبنانيين في الأزمة السورية»، معتبراً أن «هذا التدخل لا يفيد. فلا الذين يدعمون المعارضة ولا الذين يدعمون النظام قادرون على تغيير المعادلة». أما الانقسام في نظرة اللبنانيين إلى هذه الأزمة، فيزيده يقيناً بصحة خياره بـ«النأي بالنفس» عن أحداث سوريا.
قضايا طرابلس لا تغيب عن ابنها، وآخرها ما نقل عن اعترافات الأمين العام السابق للهيئة العليا للإغاثة العميد إبراهيم بشير المتهم بالاختلاس، عن تمويله لـ«قادة المحاور» في طرابلس، يقول ميقاتي: «هذا الموضوع أصبح في عهدة القضاء ولن أتدخل به. من حق بشير أن يقول ما يشاء. ولكن للتوضيح، كنت أطلب منه دفع التعويضات لمستحقيها من المتضررين حسب المسح الذي أجراه الجيش، وبسبب ضغط نواب وفاعليات المدينة عليّ لدفع التعويضات، التي كانت تدفع من دون تمييز».
يدخل أحد مرافقي ميقاتي إلى القاعة ويهمس له بأن الحضور اكتمل بوصول وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس للمشاركة في تكريم المدير العام الأسبق لتعاونية موظفي الدولة عبد اللطيف أفيوني، يقف ميقاتي معلناً انتهاء اللقاء. يُسأل قبل أن يغادر: البعض يرشحك لمهمة تأليف الحكومة المقبلة إذا استقال سلام؟ فيردّ وهو في طريقه خارجاً: «ليست واردة».
http://www.al-akhbar.com/node/202611
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه