سبب الهدوء غير الطبيعي، والذكاء المفاجئ في حصة الرياضيات، هذه المرة، ليس جهداً مكثفا، ولا حتى ادباً زائداً. بل كل ما في الامر هواتف وراء الآلات الحاسبة، التي يحملها معظم تلامذة صف الاجتماع والاقتصاد..
سبب الهدوء غير الطبيعي، والذكاء المفاجئ في حصة الرياضيات، هذه المرة، ليس جهداً مكثفا، ولا حتى ادباً زائداً. بل كل ما في الامر هواتف وراء الآلات الحاسبة، التي يحملها معظم تلامذة صف الاجتماع والاقتصاد، الذين صارت معظم احاديثهم عبر الواتس آب، واصبحت الاجابة عن الاسئلة التي يطرحها الاستاذ سهلة بمجرد البحث عنها عبر "غوغل".
نور الهدى صالح / جريدة النهار
الصف مقسوم على قسمين وفق اتاحة "الكونكشن" فيه. ما على التلميذ الا ان يحمل طاولته ويلصقها بالاخرى المجاورة في الجهة الاكثر تلقياً للارسال. يخبء هاتفه بغطاء الآلة الحاسبة، لتبدأ عملية التواصل خلال الحصة.
هكذا يحكي مصطفى، تلميذ الاجتماع والاقتصاد، تجربته في استخدام "الواتس اب" داخل الصف، اذ يعتبرها تقنية جديدة للتسلية، فيصبح التعليق بين التلامذة على اسخف الأمور التي يقولها الاستاذ، محور حديثهم عبر الـ"غروب". يتابع انه يتم "التداور" على المقاعد الموجودة في الجهة الاكثر تلقياً للارسال، فيؤدي ذلك غالباً الى خلافات بين التلامذة. لذلك اقترح مصطفى استخدام "الهوت سبوت"، وهو برنامج لخدمة سريعة للانترنت يمكن ان يوجد على جهاز تلميذ معين، ويستطيع مقدم الخدمة السماح لمجموعة من المستخدمين بأن يفيدوا منه، فتصبح "الكونكشن" لدى كل تلميذ في الصف، ويصبح استخدام "الواتس آب" متاحاً للجميع.
مصطفى واحد من كثيرين أدمنوا استخدام الهواتف الذكية عامة و"الواتس آب" تحديداً داخل صفوفهم الدراسية. طارق، الذي اكتشف بذكاء طريقة جديدة لتحويل خدمة "الواتس آب" على هاتفه "السامسونغ" الى خدمة الـ"بي بي أم" التي تؤمن "ميغا بايتس" اكثر بسعر اقل، يرى ان استخدام "الواتس آب" داخل الصف، هو بديل مميز للغفوة عند الملل. فهو يخبئ الهاتف الذكي داخل مقلمته ويستخدم "الواتس آب" بسهولة، وذلك تفاديا لتنبيهات الاساتذة المتكررة على غفواته خلال الشرح. ويعتبر طارق ان التلقين المتواصل هو السبب في استخدام "الواتس آب" داخل الصفوف، ففي رأيه لو كان الدرس يقدم بأسلوب اكثر جاذبية، لاستغنى عن استعمال هذا البرنامج خلال الشرح.
اما مريم التي تدرس الانسانيات، فقد "نقلت" موضوع الانشاء باللغة الاجنبية باستخدام هذا البرنامج، تعتبر انها طريقة مجدية وفعالة في عملية الغش خلال الامتحان. وترى ان استخدام هذا البرنامج اثناء شرح الاستاذ لا يتعدى كونه وسيلة للتسلية. وتضيف ان الموضوع لا يحمل اي خلفية نفسية او تربوية.
ويرى حبيب، الطالب الجامعي في الصحافة، في استخدام الواتس آب "لذة" خاصة خلال السنة الجامعية الاولى، كون الطالب ما زال خارجا من جو المدرسة و"الحصر". يكمل ضاحكاً ان على الاستاذ ان يكون سعيداً لاستخدام بعض الطلاب هذا البرنامج في الصف للتحدث، كبديل من الثرثرة المتواصلة، بينما تعارض زميلته منى استخدام "الواتس آب" داخل الصفة، معتبرة ان على الطالب ان يستغني عنه لأنه يجعله متلقياً سلبياً لا ايجابياً. وتؤيدها فاطمة (طالبة علوم مخبرية) معتبرة ان على الطالب ان يقنن الوقت الذي يقضيه على هذا البرنامج في شكل لا يؤثر على علاماته، وتختم قائلة "كل شي الو وقتو".
اما ريم، التي تعرضت للطرد من الصف بسبب تكرر استخدامها لهاتفها الذكي اثناء الشرح، فتنتقد الهجومية التي يعتمدها النظام التعليمي في ثني التلامذة والطلاب عن استعمال "أدوات اللهو"، كما يسمونها. وتعلق طالبة العلوم الاقتصادية ساخرة ان معظم الاساتذة لديهم "واتس آب" ويتفقدون هاتفهم خلال المحاضرات، وتبرر لنفسها بأنها لا يمكن ان تتأخر عن الرد على صديقها، بينما تصف كل الزملاء الذين يؤنبونها بأنهم اما يفتقدون الى الجرأة او انهم من اصحاب النظّارات والمقاعد الاولى في الصف. "هني بتهمهن العلامات... انا بتهمني الـunits” تختم ضاحكة!