27-11-2024 07:52 PM بتوقيت القدس المحتلة

ماذا بعد يبرود ؟!

ماذا بعد يبرود ؟!

معركة يبرود انتهت بأسرع مما كان متوقعا, بهرجة إعلامية, "تطبيل وتزمير" للمعركة ولقوة المجموعات المسلحة المجهزة عُدّة وعَديداً من أجل ما أسمته "النصر المؤزر"

 

خليل موسى - موقع المنار - دمشق

معركة يبرود انتهت بأسرع مما كان متوقعا، بهرجة إعلامية، "تطبيل وتزمير" للمعركة ولقوة المجموعات المسلحة المجهزة عُدّة وعَديداً من أجل ما أسمته "النصر المؤزر"، الطبيعة الجغرافية خذلت هؤلاء لمصلحة أصحاب الأرض الحقيقيين، فكان تهاوي التحصينات المشيدة على صخور المكان أسرع من خبر عاجل يبث على أقوى وسائل الإعلام العالمية، ليعلن هذا السقوطُ بدءَ مرحلة جديدة ومحورية في الحرب السورية على الإرهاب.  

التحليل السياسي قبل المعارك يكون له مفعوله في فتح باب الترقب أمام المتابعين، أما التوصيف الاستراتيجي بعد إحصاء المعلومات والنتائج يشير الى اهمية كبرى.

موقع المنار التقى الدكتور سليم حربا الباحث والخبير الاستراتيجي للحديث عن المرحلة التي ستأتي بعد يبرود، حيث ضمَّن الدكتور حربا انجاز يبرود كمحورية لكامل القلمون، أمّا للحديث عمّا بعد يبرود، فيجب معرفة المرحلة التحضيرية التي سبقت اقتحام عاصمة القلمون وتطهيرها، حيث تحدث الدكتور سليم عن ثلاثة أقسام لتلك المرحلة.

المرحلة التحضيرية في معارك القلمون كما وصفها الدكتور حربا..  

بدأت معركة القلمون، خاض فيها الجيش العربي السوري معارك في الاتجاه الشرقي، سيطر على الخط بين القلمون والصحراء من الرحيبة مرورا بالناصرية، جيرود، مهين وصولا إلى صدد، تبعتها معارك القسم الثاني، على الأوتوستراد الدولي  عندما طهَّر الجيش قارة، دير عطية والنبك، أما المعركة الثالثة كانت يبرود في مرحلتها التحضيرية عندما خاض فيه الجيش العربي السوري عدة معارك أطلق عليها حربا المعارك الوسيطة، معارك مهدت الطريق للوصول إلى المعركة الام وهي معركة يبرود.

"هذه المعارك التحضيرية كانت غنية جدا جدا"، خاصة ما خاضه فيها الجيش العربي السوري من معارك مهمة، بدأت بمعرة الوديان "كوادي الجرابيع الذي يعتبر موئلا ومعسكرا تدريبيا للعصابات الارهابية في يبرود"، ويتابع د. حربا "كما خاض معركة المعابر ونجح فيها نجاحا ملفتا فسيطر فيها على المعابر ليسيطر الجيش قتاليا وناريا ، وخاض معركة التلال وانجز فيه انجازات مهمة وسيطر على تلة الكويتي وتلة القطري وتلال العقبة وتلة مار مارون، ثم أتت معركة المزارع والبلدات الكبيرة والصغيرة ، شملت بلدات الجريجير،  السحل ومزارع ريما، حتى مشارف القسطل ورأس المعرة، ومعركة فليطة، وهكذا أنضج المناخ الميداني للمعركة الأساس وهي الدخول إلى يبرود. ليكون الجيش السوري من خلال المرحلة التحضيرية حطم أكثر من خط دفاعي في المزارع والبلدات المحيطة، ممهدا لنفسه كل الظروف التي تسمح باقتحام كاسح وحاسم.  

معركة يبرود حاسمة ومفاجئة .. نتائجها زلزالية..

يتابع  الدكتور سليم حربا كلامه عن معركة القلمون واصلا إلى القسم الاخير والأساس كما وصفه، " كانت العملية في يبرود عملية صاعقة حاسمة سريعة ومفاجئة من حيث شكل المناورة والتكتيكات النارية والقتالية والعمليات الخاصة، وأيضا كانت مفاجئة من حيث تكتيكها بعد ان قبض الجيش العربي السوري على كامل المناخات العسكرية والميدانية في محيط يبرود، لذلك كانت النتائج حاسمة وسريعة جدا ولاحظنا انه كان هناك انهيار كبير في صفوف العصابات الإرهابية وغرف عمليات متزعميها، وكانت المردودية والهادفية كبيرة جدا، خاصة من حيث عدد القتلى في صفوف العصابات الارهابية المسلحة، ومن حيث التصدع والهستيريا بين متزعميها وقادتها" .

من هنا يرى الدكتور حربا نتائج منطقية من حيث قدرة الجيش على دخول يبرود وتطهيرها بهذه السرعة، ليكون الجيش السوري حقق نتائج عالية جدا من خلال هذه المعارك بمرحلتيها التحضيرية والتنفيذية، منوها ان الخسائر في صفوف الجيش العربي السوري تكاد تكون صفرية نسبة لعدد الشهداء والخسائر المادية خلال معركة من هكذا نوع، ليكسر بتقدمه هذا كل الموازين والمعدلات وحسابات الحرب، وخاصة مثل هذه المناطق، لافتا الدكتور حربا إلى أن "الجيش العربي خاض معركته مع اخطر مجاميع الإرهاب حول العالم، ، والتي تمرست وتدربت في أفغانستان وتورابورا والسعودية، وتعتبر صفوة تنظيمات ومتزعمي القاعدة ومشتقاتها من مجموعات تنظيمية إرهابية"،لتكون نتائج هذه المعركة زلزالية على الصعيد العسكري والسياسي.

يبرود انتهت.. فماذا بعدها كمعركة مركبة وما اهمية رنكوس؟؟

الدكتور حربا تحدث عن ما بعد يبرود ، دامجا ما بين يبرود والقلمون ككل " ما تبقى من فلول العصابات الإرهابية، خاصة بعد الانهيار الكبير في صفوفها وفرارها واستسلامها بالجملة في يبرود، قد يكون البعض نجح في الفرار باتجاه رنكوس أو عسال الورد من خلال فليطة، ليكون البعض منهم قد اتخذ هذه البلدات محطة  للانتقال باتجاه عرسال أو باتجاه عنجر".
حربا  يرى ان ما بقي من فلول الارهابيين أعجز من ان يقوم بمثل هذه المعركة أو يكرر ما حصل في يبرود.

وتابع حديثه عن رنكوس وعسال الورد وحتى عرسال "ربما يكون هناك محطات تأمين لوجستية، والمحطات القيادية، الاتصالات، إضافة لمخازن كي تكون منطقة بديلة عن يبرود، لكن الجيش العربي السوري كان يخوض معركة مركبة في جميع محطات القلمون بتركيز على محيط تلك البلدات جميعها من يبرود مرورا بأطراف حوش عرب ورنكوس وعسال الورد وصولا إلى جرود إفرا، فشملت معارك الجيش العربي السوري كل سلسلة جبال القلمون.

يزيد الدكتور حربا تفاصيلا "بأن معركة القلمون كانت تخاض بدءا من الريف الجنوبي للقصير أي من جوسي والعبودية وخربة النعيمات وصولا إلى أبعد من ذلك يعني سلسلة الحرمون".  

ما أهم نتائج انتصار الجيش في يبرود ؟؟

يعود الخبير الاستراتيجي ليؤكد على زلزالية النتائج في معركة القلمون في شقين، الأول "ستنعكس إيجابا وتطورا نوعيا كبيرا على ما تبقى من عمليات الجيش العربي السوري في كل المناطق على امتداد الجغرافية السورية، آتيا بمثال يكرس الخبرة التي اكتسبتها وحدات الجيش العربي السوري، بكل ما صنعت من إنجازات خلال المرحلة الماضية في معاركها" وخاصة في ما اعتبره حربا أعتى معاقل الإرهاب في العالم، كل هذا جعل من الجيش العربي السوري والقوات الرديفة له في الدفاع الوطني وأيضا القوات الحليفة التي اشتركت معهم جنبا إلى جنب أفضل قوات النخبة في جيوش العالم، بالتالي سيكون برأيه "أن 50% فقط من القوات الي خاضت في القلمون لو تمت المناورة بها في أي نقطة جديدة من الجغرافيا السورية سيكون هناك تطورا نوعيا وساحقا في العمليات خلال اقل من 24 ساعة".

منتقلا إلى الشق التالي من انعكاسات هذه النتائج، يقول د. حربا ان مشروع الإرهاب في القلمون وما عولت عليه  أطراف العدوان وادواته قد انهار" محددا السعودية كطرف، مضيفا " بدا كأنه مشروعا سعوديا صهيونيا"، فكانت الغاية من مشروع الإرهاب هناك إحراج الدولة السورية، الا ان التصدع الكبير الذي أصاب هذا المشروع عاد بنتائج عكسية على أصحابها بشكل عام ليس فقط فلول المجموعات الإرهابية، إنما أيضا على كل المجموعات الإرهابية المتواجدة على كامل الجغرافية السورية، ويعتقد الخبير الاستراتيجي أن اول الانهيارات التالية  سيكون في الغوطة الشرقية "لأن المجموعات هناك عولت أكثر من مرة على وهم وصل الغوطتين وفك الطوق عنها، ووصل جبهة القلمون"، لذلك سيكون خلال الأيام والساعات القادمة انهيار دراماتيكي على كل المجموعات الباقية.

"كما أن من كان يراهن من دول العدوان وعلى رأسها السعودية بانها قادرة على تغيير ميزان القوى أو إحراج الدولة السورية، اصبح هذا من الماضي"، كما ذكر  د. حربا، معتبراً أن " هذا الانتصار الاستراتيجي في  القلمون وتحديدا في يبرود سِفراً جديدا في الميدان السوري وهو ما سيظهر الانتصار الاستراتيجي الاكبر للجيش السوري في كل سورية على الإرهاب، ومن ناحية أيضا سيظهر الهزيمة الاستراتيجية للعدوان والمشرع العسكري في سورية"

من دمشق إلى حلب مناطق آمنة !!..    

من اهمية الإنجاز الكبير الذي تحقق في يبرود يردف الخبير الاستراتيجي د. حربا أن النصف الغربي من الجمهورية العربية السورية أصبح آمنا أي ما يعادل مساحة تتراوح أبعادها بين 600 إلى 700 كم طولا، وعرضا بين  50 حتى 150   كم عرضا شاملة  المحافظات من دمشق جنوبا حتى الحدود التركية مرورا بمحافظات ومناطق الساحل إضافة إلى حمص، مع بقاء بعض البؤر كبلدة الحصن مثلا والتي بدأت تنهار أمام هذا المد القوي للجيش العربي السوري، ما يعني انها تحتاج إلى متابعات أمنية وليس عمليات عسكرية.

اما القسم الشرقي من المساحة السورية فيتمثل بحوالي80  بالمئة منها مساحات صحراوية وبادية بالتالي يمكن للجيش العربي السوري السيطرة علها ومتابعة عملياته في المناطق الاخرى التي ستنهار كما نوه د. حربا بشكل دراماتيكي جراء الانتصارات المتسارعة التي يحققها الجيش.

ويتابع بالتالي ما تبقى من بؤر الإرهاب في القلمون ما هو إلا امتداد لمشروع صهيوني مستمداً الدكتور سليم حربا حجته من ضرب مواقع للمقاومة في لبنان، وزيارة نتنياهو المجموعات المسلحة في المشافي الاسرائيلية.

لم يبقَ الكثير، حديث تؤكده الاستراتيجية العسكرية، التي يتبعها الجيش العربي السوري، جيش اكتسب القوة من ضربات تلقاها، فحولها على الإرهاب حرباً مشروعة ومحقة، انتصارات متسارعة، انهيارات بالجملة يتعرض لها العدوان الغربي على سورية، يبرود محور أمان الغرب السوري، وعليه يُنتظر اليوم عمليات أخرى تعلن نهاية العمل العسكري بشكل تام في القلمون للانتقال نحو جبهات جديدة ونتائج مشابهة.