لا تختلف عرسال عن يبرود. هي تُشبه أيضاً بلدات فليطا ورأس المعرة ورأس العين ورنكوس. البلدة اللبنانية أبت إلّا أن تشرب مع القرى السورية المحاذية لها من الكأس نفسها
رضوان مرتضى
لا تختلف عرسال عن يبرود. هي تُشبه أيضاً بلدات فليطا ورأس المعرة ورأس العين ورنكوس. البلدة اللبنانية أبت إلّا أن تشرب مع القرى السورية المحاذية لها من الكأس نفسها. وكونها كانت ولا تزال قاعدة خلفية لمسلّحي المعارضة السورية، فإنّ أهلها اليوم يستشعرون النار المشتعلة على بُعد كيلومترات منها تلفح وجه بلدتهم. في عرسال اليوم الضياع سيّد الموقف.
الاحتقان بلغ أشدّه. الانقسام بين أبناء البلدة حيال مستوى التورّط في الصراع السوري انعكس نقمة على النازحين السوريين المنتشرين في أرجائها. خلال الأيام القليلة الماضية، لعبت عاصمة «الثورة السورية» في لبنان دور الملجأ لمسلّحين معارضين هاربين من جحيم المعارك في قرى القلمون. وإزاء حدث سقوط يبرود في قبضة الجيش السوري ومقاتلي حزب الله، قُرع ناقوس الخطر في البلدة اللبنانية. الناقوس نفسه الذي قُرع سابقاً عشرات المرّات، لكنّ كثيرين من أبنائها يعلمون علم اليقين أن هذه المرة ستكون مختلفة. أيقن قسم كبير من هؤلاء أن بلدتهم في خطر، وأن حالها كالنائم على قنبلة موقوتة يتوقع انفجارها مع كل تكة ثانية. لذا لم يُسمح لجميع المسلحين بدخول البلدة. فأوى معظمهم إلى جرود البلدة المترامية. هؤلاء فرّوا بسلاحهم، تركوا ساحة القتال وهربوا. يتنقلون اليوم بين نقطة وأخرى في جرود عرسال وفليطا هرباً من عين طائرة سورية تأتي وتروح مترقّبة تحركاتهم. كذلك تجد بين هؤلاء عدداً من الجرحى، نُقل بعضهم إلى أحد مستوصفات عرسال، وأُتيح للبعض الآخر من النازحين المقيمين سابقاً والعائلات الدخول إليها أيضاً.
أول من أمس، كان الشيخ مصطفى الحجيري المشهور بـ«أبو طاقية» يستشيط غضباً. لم يُعرف سبب ذلك، لكن مستوصفه الذي يقع أسفل أحد مساجد عرسال كان يعجّ بعشرات الجرحى من مقاتلي «جبهة النصرة»، وقد انشغل معظم المسلّحين اللاجئين إلى البلدة بنقل الجرحى بين عرسال وجرودها. أمّا يوم أمس، فقد مرّ لافتاً بهدوء. فُرض حظر تجوال على النازحين السوريين، لم تُعرف أسبابه. فقط نودي في مساجد عرسال للإعلان عن «حظر تجوال للسوريين لدواع أمنية». سمع المعنيون صوت المنادي فالتزموا أماكنهم. أحدهم، وهو نازحٌ فرّ من يبرود قبل سقوطها، قال لـ«الأخبار» إنّ «يوم أمس مرّ علينا كأننا في يبرود». يُخبر أن أصوات انفجار الصواريخ وبعض الغارات التي تستهدف جرود عرسال بين الحين والآخر، إضافة إلى التزامهم المنازل إلى جانب الجرحى، أعاد إليهم أجواء مدينتهم قبل انتهاء المعركة فيها. حال هذا الشاب تنسحب على كثير من النازحين الجدد إلى المدينة، لكنّ المشكلة الأكبر في حال بعض أهل عرسال. الصورة في مخيّلة هؤلاء قاتمة. كثيرون منهم لا يرسمون إلا سيناريو حريق قريب.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه