تنقسم الجماعات التكفيرية السورية المحاربة الى ثلاثة أقسم او مصادر
تنقسم الجماعات التكفيرية السورية المحاربة الى ثلاثة أقسم او مصادر:
1 - جماعات اتت مباشرة من أفغانستان والعراق وهذه الجماعات مرتبطة مباشرة بملف شبكة غرناطة وكانت تشكل ذات الجسم الحركي والتنظيمي، فضلا عن كونها مرتبطة بالداخل السوري بشكل مباشر وعلى علاقة مع تركيا وقطر والسعودية والمخابرات الغربية والعربية بفعل التحالفات السابقة التي ذكرنا.
2 - الجماعات التي أتت من القتال في الشيشان ومن البوسنة وهذه الجماعات يطلق جماعات كوسفو او البانيا وهم يعدون مئات الاشخاص الذين بقوا في البوسنة بعد انتهاء الحرب وتزوجوا بوسنيات ، غير ان الولايات الممتدة فرضت على الحكومة البوسنية سحب جنسياتهم وأجريت لهم محاكمة ووضع قانون خاص بهم ما اجبر المئات منهم على مغادرة البوسنة فيما بقي مئات اخرون في الارياف البوسنية وتغاضت عنهم الحكومة هناك بسبب زواجهم من بوسنيات ولكنها سحبت جنسياتهم البوسنية.
3 - جماعة كانت في الداخل السوري وطفت على السطح عند اندلاع الحرب في سوريا.
شكلت المجموعة الاولى الواجهة الاعلامية والعسكرية الميدانية للتيار التكفيري المحارب ، مع وجود نزعة سورية في مواجهة النزعة الخليجية للتنظيم التكفيري العالمي وهذه النزعة السورية في مواجهة الخليجيين عززتها عوامل كثيرة اهمها الجوار التركي للشمال السوري الحامل راية جماعة الاخوان المسلمين في صراعها المستمر مع الوهابية السلفية لسورية .
شكل السوريون في تنظيم القاعدة بنية ثابتة وقوية بقيت خارج الاعلام والأضواء لمصلحة بن لادن بداية ومن ثم الظواهري من بعده ، وكانت طريقة العمل المنظمة والسرية التي يتقنها السوريون دورا كبيرا في هذا اللعب والعمل من وراء الكواليس، وكان هذا الدور مقبولا من قيادات الظل الخليجية تحديدا ومن خلفها دوائر المخابرات الخليجية والغربية طالما ان العمل الحربي التكفيري ساحاته افغانستان و العراق ، بينما كانت سوريا ارض ممر وليس ارض مقر وقتال كما هي الحال منذ ثلاث سنوات.
كان وجود بن لادن زعيما للقاعدة وبالتالي للتيارات السلفية التكفيرية المحاربة حول العالم دور المطمئن للقيادات السلفية الخليجية الذكورة وأجهزة المخابرات من ورائها طالما أن هذه الحركة وهؤلاء المقاتلين الذين أخذوا باسم الدعوة للجهاد في أفغانستان والعراق وليس في فلسطين سوف يبقون تحت السيطرة العقائدية والمالية والمعنوية لمشايخ الفتاوى وأمراء المال الخليجي.
ويمكن القول ان وجود الظواهري على رأس القاعدة بعد بن لادن لم يزعج هذه القيادات كثيرا خصوصا انها تعتبر من الحق ومن حيث المبدأ ان الخلافة الاسلامية هي حق ومكتسب للخليجيين دون غيرهم ، وعند موت الظواهري سوف ينتهي دور الزعامة المصرية في القاعد وملحقاتها.
في هذه النقطة يقول تقرير المعهد الاسكندينافي (منذ انطلاقتها كانت السلفية الجهادية في بحبوحة وعسكرية فقد عهدت لها الادارة الأمريكية بصواريخ لم تكن أعطتها إلا للكيان الاسرائيلي ، وانهمرت عليها عطايا رجال الأعمال السلفيين والمنظمات الاسلامية الخيرية والحكومات الخليجية النفطية بشكل يجعل منها هيكلا له حسابات مصرفية هائلة يغطيها بصور التقشف والورع. ووجدت بالثري اليمني من أصل سعودي (أسامة بن لادن) ابن رجل الاعمال الثري الذي يترك المال والأهل والجاه يجاهد في سبيل الله).
غير أن الحرب السورية أتت بسرعة وقوة لتعيد خلط الاوراق ضمن هذه الجماعات وطفت على السطح ملامح الصراع السوري الخليجي بينما زاد الصراع القطري السعودي التركي ( السلفي-الاخواني) استعار هذه نار الصراع بين الاطراف المذكورة مع دخول كافة اجهزة المخابرات العالمية التي ارتبطت بها الخلايا السورية والخليجية منذ حرب افغانستان . وهنا نعود الى تقرير المعهد الاسكندينافي الذي يتناول هذا الموضع بوضوح( لم تكن المخابرات الأوروبية والأمريكية والخليجية بعيدة عن كل هذه التجاذبات والتحالفات والصراعات وقد توافقت جمعها على مبدأ إسقاط النظام السوري اولا فقد أشرفت المخابرات التركية مباشرة على مكتب رياض الأسعد وكلف الضابط التركي توفيق لهذا الغرض، وقد تم عقد اجتماع بين المخابرات المركزية الأمريكية والجيش الحر في ديسمبر عام 2011 في المانيا. وبعدها سهلت علية نقل المقاتلين الاجانب من مطار اسطنبول وكانت بادىء الامر تحتفظ بوثائقهم وتعطيهم وثائق سورية مزورة).
هذا التدخل التركي الامريكي جرى بموازاته تدخل خليجي عبر قيادات الظل الحقيقية للقاعدة التي اضطرت للخروج العلني في الحرب السورية بسبب عجز اجهزة المخابرات الخليجية وعدم قدرة حكومات الخليج على مخالفة الامريكي والغربي ، فتحملت قيادات الظل مسؤولية التدخل للحفاظ على سيطرتها على الجهاد السلفي العالمي وفي هذا يقول تقرير المعهد الاسكندينافي ( لم تكن الايادي الخليجية بعيدة، فقد توجه محمد بن عبدالله الهيدان وعبد الرحمن بن رشيد الوهيبي ومحمد العريفي وعبدالله بن حمود التويجري وحسان العتيبي ووليد الطبطبائي وعبد الرحمن النعيمي محملين بمبالغ مالية كبيرة من أجل تسليح المحتجين السلميين في سورية ثم في المشاركة في تجارة السلاح وقد جرى التواصل منذ بداية حصار بابا عمرو عن طريق أبو أحمد من لواء الفاروق لتنظيم عملية المد بالمال وتوفير السلاح عبر الغطاء السياسي للقاعدة في طرابلس).
أبو الدحداح في محاضر التحقيق
وتظهر محاضر التحقيق الاسبانية لمعتقلي شبكة غرناطة والتي ننشر أجزاء منها هنا تظهر قاضي المحكمة الاسباني يسأل ابا دحداح كما هو مسجل في محاضر المحكمة ( هل معظم الأصدقاء من سوريا؟ يجيب أبو دحداح: نعم وبغض النظر عن المدينة التي جاؤوا منها فكلنا سوريون في الخارج ونحن نتعاون ونتعاضد مع بعضنا البعض تطبيقا لما قاله النبي).
هنا أيضا يبرز الطابع القطري والإقليمي في تركيبة التيارات التكفيرية المحاربة رغم انهم يجهدون لتغليف كل شيء بغلاف الدين حتى النعرات القطرية والخلافات الشخصية وجدت لها غلافا دينيا في عقيدة السلفية المحاربة، التي تطور بها الصراع الى حد التكفير الديني فيما بينها معتمدة اعتمدت على التعابير البسيطة في التخوين والردة كما تعتمدت تاريخيا على التعابير المشابهة والبالغة البساطة في تكفير الغير (نصيري ظن رافضي، كافر، شيوعي،الخ).
و يورد تقرير المعهد الاسكندينافي المقدم للأمم المتحدة في هذا الشأن (ها هو أبو عباس الشامي احد قيادي الجماعات السورية المسلحة يكتب على حسابه في تويتر بتاريخ 22 تموز 2013 ( ما ادري ما الذي يجعل قلبي مرتابا من تحرير سجون العراق فردت عليه المواقع المقربة من داعش يومها: من المفروض من ابو العباس ان يحمد الله على قهر الروافض وإخراج الاسرى ولكن ماذا نفعل في من هو شديد التعصب لحزبه بل بلغ الغلو في ذلك).
هذا التكفير وجد في الصراع المسلح متنفسا له ومكان لتصفية الحسابات بين الطرفين (الدولي الخليجي) والسوري مع الاشارة إلى أن التركيبة القطرية والأثنية لداعش يغلب عليها الطابع الشيشاني في ارض الميدان رغم ان قياداتها عراقية ومحركيها خليجيين وهذا التواجد الشيشاني هو بالأساس تركيبة معقدة من أصابع المخابرات الدولية بدأ من المخابرات المركزية الامريكية وصولا الى المخابرات الروسية ، التي لها علاقات واسعة وارتباطات مع جماعة الجهاد الشيشاني منذ تولي بوتين رئاسة الوزراء أواخر عهد بوريس يلسين والكشف عن دور المخابرات الروسية يومها في دفع ( خطاب) القائد السعودي في الجهاد الشيشاني للهجوم على داغستان ما ساهم في رفع نسبة شعبية فلاديمير بوتين من 2 بالمائة الى 34 بالمائة بعد هذه الهجوم.
هذا النفوذ الاستخباري المتعدد في صفوف الجماعات التكفيرية المحاربة وارتباطها التمويلي واللوجيستي بأكثر من طرف ، يميط اللثام عن عمليات الاغتيال التي تطال جماعة الجهاد السوري تحديدا الذين فقدوا حوالي 30 قائد ميداني خلال ثلاثة أشهر في عمليات اغتيال دقيقة وناجحة تدل على وقوف أجهزة محترفة وراء هذا الاغتيال المنظم والممنهج الذي تقوم به اجهزة استخبارات عبر تنظيم داعش وهنا يبدو تكذيب داعش لعملية اغتيال محمد بهايا (ألو خالد السوري ) نوع من التحايل السياسي والنفاق، خصوصا ان بيان داعش الذي اعتمد رسميا كان ملتبسا فهو من ناحية نفى إعطاء اوامر بقتل بهايا ومن ناحية ثانية أشار الى احتمال أن يكون بعض المشايخ والجنود من داعش نفذوا العملية دون الرجوع الى البغدادي متوعدا بالتحقيق بالأمر ومحاسبتهم وهنا أيضا يمكن ان يكون اكثر من جهاز استخباري أمر باغتيال محمد بهايا ومجموعة القيادات التكفيرية السورية المحاربة عبر مشايخ وجنود يعملون لصالحه ضمن فوضى السلاح التكفيري غير المنظم الذي يعيش على تمويل دولي لا يمكن له الاستمرار من دونه.
هي الحرب السورية مسلسل طويل من التكفير السلفي الدموي ما زالت مشاهده تجري أمام اعيننا واعين العالم وليس من المعروف موعد الحلقة الاخيرة منه.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه