التحاليل السياسية تشير إلى عدة سيناريوهات متوقعة لتطور مستقبل الأزمة الأوكرانية: أبرزها خيار الفدرلة أي خيار إنشاء أوكرانيا من ثلاث جمهوريات
أحمد الحاج علي/موسكو
في دراسة للخيارات المتوقعة لمسار تطور الأحداث على ساحة التركيبة الأوكرانية في ظل عجز حكومة كييف الإنقلابية عن الإمساك بمفاصل إدارة الأقاليم، تبرز خيارات لسيناريوهات تفرضها الطبيعة الديموغرافية التاريخية و التوازنات الجيوسياسية المحيطة، لا سيما بعد أن حدد خطاب الرئيس بوتين التاريخي أمام المجلس الفدرالي و أركان الدولة نقطة اللاعودة بإقرار ضم شبه جزيرة القرم و مدينة سيفاستوبول البحرية لعناصر الفدرالية الروسية، فاتحاً الباب للتفاوض حول مصير الأقاليم الأوكراينة الأخرى لا سيما في الجنوب و الشرق.
التحاليل السياسية تشير إلى عدة سيناريوهات متوقعة لتطور مستقبل الأزمة الأوكرانية: أبرزها خيار الفدرلة أي خيار إنشاء أوكرانيا من ثلاث جمهوريات، منطقة حكم ذاتي لمجال النفوذ الروسي و كييف و ثلاث أو أربع أقاليم زراعية محيطة بها والمنطقة المجرية السلوفاكية الهنغارية البولونية وما يُسمى بخلف الكاربات ومعظمها أضيف لأوكرانيا الإدارية بعد الحرب العالمية الثانية.
وفي السياق، رأى باحث معهد مشاكل الأمن الدولي في الأكاديمية الروسية للعلوم اليكسي فينينكو أن "الخيارات الأخرى هي أكثر سلبية إذا إستمر الضغط على السكان الناطقين باللغة الروسية في مناطق نفوذ تاريخية، فمن الطبيعي أن نكون أمام مشهد مختلف من ناحية عدم الإستقرار و التفكك"، موضحاً أنه "في باديء الأمر ستظهر أصوات مطالبة بالإنفصال في جنوب الشرق، ومن ثم سينتشر التوتر في جنوب الغرب، اعتقد كما شاهدنا بالأمس الأعلام الروسية ترفع بفرح في القرم، فبعد الغد سنرى الأعلام المجرية في( أوتشغوراد و موكاتشفي) ( من أوكرانية محاذية للمجر) ، وممكن ان نرى اعلام رومانية في تشيرنوفتسه، ممكن للوضع أن يتطور لإنهيار كامل لأوكرانيا، أي تقاسم بين الدول المحيطة".
من جهته، أشار الباحث السياسي الروسي سيرغي ميخييف إلى أنه "إذا حاولت السلطات الجديدة في كييف التعاطي مع المناطق الجنوبية الشرقية بشكل عنفي ساعية لحل المشاكل بالقوة، و هذا ما نسمعه من كييف حتى الآن بالتهديد و الوعيد، فمن الطبيعي أن يتفاقم الصراع الأهلي في أوكرانيا . و هذا قد يؤدي إلى الإنقسام وإلى تبعات سلبية أخرى"، مضيفاً أن "المخرج هو كان في إنشاء فدرالية على أساس التركيبة الاوكرانية الحالية و لكن للأسف في كييف حتى الآن لا يريدون سماع شيء عن هذا الموضوع".
كما يستبعد المراقبون أن يرسل الناتو قوات أميركية أو بريطانية إلى أوكرانيا و الأكثر إحتمالا أن تولج مهمة ديموقراطية الدولة الأوكرانية بين قوسين، لتلك الدول المحاذية كبولونيا هنغاريا و رومانيا و المجر، فتحتل كل دولة منها المنطقة التي تعتبرها تاريخياً جزء من حدودها. ليتحدد ضمن السيناريو الأسوء لكييف مصير أوكارنيا من خلال تفاهم في مؤتمر ما بين موسكو و بودابيست بوخاريست و وارسو وواشنطن.
يبدو أن الأحداث الأوكرانية ستصبح الأهم بالنسبة للولايات المتحدة عوضاً عن مشهد الشرق الأوسط ما سيؤدي دون أدنى شك، برأي الباحثين، من جهة إلى تعزيز موقع الرئيس الأسد في سورية، و من جهة أخرى إلى حالة عصابية لدى "اسرائيل" كونها ستشعر أن واشنطن تخرج من المنطقة وتخفض من مساعدتها لها، لستصبح "اسرائيل" ميالة إلى إبراز مظاهر تشدد قوتها.