لا يزال النظام البحريني يرفض السماح للمقرّر الخاص بالتعذيب في الأمم المتحدة، خوان منديز، بزيارة البحرين. تكرر الأمر، حتى صار أشبه بأبدٍ سلّم العالم به. ولكن لديه قصص: أطفال كان لديهم مدارس. شباب تعرفه
أحمد رضي
لا يزال النظام البحريني يرفض السماح للمقرّر الخاص بالتعذيب في الأمم المتحدة، خوان منديز، بزيارة البحرين. تكرر الأمر، حتى صار أشبه بأبدٍ سلّم العالم به. ولكن لديه قصص: أطفال كان لديهم مدارس. شباب تعرفهم المقاعد الخالية في جامعاتهم، وأصحاب رأي علّقوا في سجون «الأبد البحريني».
منذ اندلاع ثورة 14 فبراير 2011 وحتى الآن وصلت انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين حدّاً لا يطاق، فقد تعرض العديد من الفئات العلمية للاعتقال والتعذيب كالصحافيين والمعلمين والأكاديميين والطلبة، وشملت حملة الاعتقال الأطفال والنساء والرجال والشيوخ (فوق 60 سنة)، كما اعتُقل أطفال وأحداث بسن (13 حتى 18 سنة) وهم يعيشون في ظل ظروف مأساوية صعبة، حيث خسروا دراستهم وانتهكت حقوقهم الإنسانية.
كما تعرضت فئة الأطباء كمثال حيّ إلى استهداف مباشر عبر اعتقال كوادرها ومحاكمتها، وقام الجيش بالاستيلاء عسكرياً على المستشفى المركزي، واعتقال أيّ مصاب أو جريح. وهناك العديد من الحالات الخطيرة التي تحتاج لعناية طبية خاصة، ولم تلقَ الرعاية حتى الآن بسبب عسكرة المستشفيات وخوفاً من الاعتقال، وأغلب هؤلاء أصيبوا بصورة بليغة بسبب استخدام وسائل القمع من قبل القوات التابعة لوزارة الداخلية عبر إطلاق الرصاص الحيّ والانشطاري والغازات الخانقة والضرب المبرح وغيرها.
وهناك أيضاً معتقلون رياضيون وطنيون ما زالوا خلف القضبان منذ أكثر من عامين مثل: جعفر العصفور، سيد شبر سيد خلف، محمد مدن، وأحمد ابراهيم الخزاز، كما لا يزال هناك أكثر من 70 رياضياً ولاعباً دولياً معتقلاً من بينهم نجوم في المنتخبات الوطنية مثل: حكيم العريبي، يونس عبدالكريم، علي مرهون، وأحمد العصفور وآخرين.
النظام الحاكم يشعر باللاشرعية، لذلك يسجن حتى المصلحين غير السياسيين، كالشيخ علي المسترشد والسيد محمود الموسوي ويعتقل المدونين والإعلاميين والمصورين لتغييب الحقيقة، وهم معتقلون بسبب آرائهم وحرية التعبير مثل: علي المعلم، منصور الجمري، جاسم النعيمي، عبدالله الجردابي، أحمد حميدان، حسين حبيل، حسن معتوق، محمود عبدالصاحب، جعفر مرهون، قاسم زين الدين، وحسين محمد، وهناك 10 معتقلين محكومين بتهمة إهانة الملك، وعشرات المتهمين بتهمة التظاهر السلمي اعتقلوا بصورة غير قانونية أيضاً. وحتى هذه اللحظة لا يزال النظام البحريني يرفض السماح للمقرر الخاص بالتعذيب في الأمم المتحدة خوان منديز بزيارة البحرينـ ويسوف بالتأجيل مراراً.
ملف المعتقلين المرضى في السجون
خلال ثلاث سنوات من عمر الثورة البحرينية تكوّن ملف إنساني كبير ومؤلم جداً، وهو ملف المعتقلين المرضى في السجون البحرينية، ويكفي أن يقدم هذا الملف للقضاء العادل حتى يسقط أي حكومة ديمقراطية منتخبة، أو يقدم وزيرا الصحة والداخلية استقالتيهما فوراً، بسبب إهمالهما للشكاوى الواردة وسياسة التعذيب المستمرة في السجون والتحقيقات الجنائية.
وحتى هذه اللحظة ما زال النظام البحريني يُهمل علاج الجرحى والمرضى ويبقيهم في سجون لا تراعي حقوقهم وظروفهم الصحية، وقد عانى بعض رموز السياسة البحرينية تدهوراً في حالتهم الصحية ومنعهم من العلاج كالأستاذ حسن مشيمع وعبدالوهاب حسين والشيخ ميرزا المحروس وعبدالجليل المقداد وحبيب المقداد وعبدالهادي المخوضر وكذلك الممرض إبراهيم الدمستاني وحسن معتوق وآخرين. كذلك يحوي أرشيف المنظمات الحقوقية ملفات وشهادات مؤلمة لمعتقلين مرضى تعرّضوا لتعذيب بدني ونفسي شديد وحالتهم الصحية في خطر، وفي ما يلي أسماء لأبرز سجناء الرأي الممنوعين من العلاج ونماذج لبعض المعتقلين المرضى في السجون البحرينية:
1. المعتقل محمد ملا حسن سهوان (محكوم 10 سنوات) ومتهم بقضية خلية قطر، وهو مصاب منذ عامين ونصف بـ80 شظية شوزن بمنطقة الرأس والرقبة، ولم يجرِ علاجه رغم الوعود وهو بحاجة لعناية طبية مستعجلة وحياته في خطر مهدد.
2. المعتقل حسن علي مهدي رمضان (24 سنة- سترة) معتقل بتاريخ 6/3/2012 ومحكوم لـ15 سنة بخمس تهم مع آخرين، وهي الشروع في القتل وحيازة المولوتوف والهجوم على دورية أمنية والتجمهر وأعمال شغب، وقد تعرّض لتعذيب وحشي وأجرى 8 عمليات جراحية برأسه، ويمنع من الرعاية الطبية حتى الآن.
3. المعتقل أيمن عبدالشهيد رمضان (24 سنة- البلاد القديم) اعتقل بتاريخ 10/6/2012 بتهمة حرق جيب، والشروع بالقتل تحت قانون الإرهاب، وهو مصاب بمرض نادر يؤدي إلى الوفاة وحياته في خطر داهم، قضى أغلب وقته بمستشفى الطب النفسي، وقد اختفى بظروف غامضة عندما كان في مستشفى السلمانية تحت حراسة موظفي وزارة الداخلية.
4. المعتقل حسن أحمد الهنان (33 سنة- سترة) معتقل بتاريخ 6/3/2012 ومحكوم لـ 15 سنة بخمس تهم مع آخرين وهي الشروع في القتل وحيازة المولوتوف والهجوم على دورية أمنية والتجمهر وأعمال شغب، وهو مصاب بالتهاب حاد في المعدة وحالته متدهورة ويمنع من تلقي العلاج بسجن الحوض الجاف.
5. المعتقل حبيب أيوب مهدي حبيب (14 سنة- العكر) معتقل منذ أبريل 2012 ومحكوم 15 سنة بتهمة الضلوع في تفجير وقع في منطقة العكر، أجرى عملية جراحية قبل اعتقاله بسبب معاناته من تمزق في رجله بفعل إصابة رياضية، وقد تعرّض للضرب على الرجل المصابة ولتعذيب شديد (بالكلى والرأس والأماكن الحساسة) وهدد بالاغتصاب ومنع من إجراء عملية يحتاجها بشدة.
6. المعتقل محمد يوسف المحاسنيه (32- الصالحية) محكوم بـ 7 سنوات وبقضايا أخرى مستمرة، تعرّض لتعذيب بدني شديد طوال 3 أيام، وأجرى عملية بالركبه ويمشي بعكازه، ومُنع من العلاج.
7. المعتقل جاسم صالح علي حسن (29 سنة- سترة) تعرّض لحادث مروري وحروق بجسمه، استيقظ من الغيبوبة ليجد نفسه في السجن!!
8. المعتقل عدنان خليل المنسي (25- الصالحية) محكوم بـ7 سنوات بقضية مسيرة الأمعاء الخاوية، جرى تعذيبه بدنياً ونفسياً والاعتداء الجنسي عليه، مصاب بآلام الظهر ونقص الخميرة والسكري، ولا زال يعاني بسبب منع علاجه وظروف السجن السيئة، ورغم صدور قرار من القاضي بعلاجه إلا أن الأمر لم يُنفّذ للآن.
9. المعتقل عبدالله عيسى سرحان (23 سنة، سترة) معتقل منذ مايو 2012 ومحكوم لخمس سنوات بتهمة الشروع بقتل شرطي، وهو يعاني من 4 كسور في ساقه اليسرى (منطقه الحوض)، وآلام في المعدة والركبة، وحامل لمرض السكلر ويحتاج لعناية صحية وغذائية خاصة. وقد جرى رفض علاجه وصحته تتدهور يوماً بعد يوم بسبب ظروف التعذيب ومعاناة السجن.
10- الشيخ علي المسترشد (32 سنة- المنامة)، محكوم بـ 15 سنة بقضية خلية قطر، وتعرّض لتعذيب بدني ونفسي لإجباره على الاعتراف بالتهم الموجهة له، وأصيب بأزمة قلبية وأعراض أخرى.
واجبنا الإنساني والحقوقي
وحتى لا يخرج وزير الداخلية أو الخارجية أو مسؤول الأمن الوطني ويقول هذه مجرّد مبالغات إعلامية لقصص المعتقلين أو شهادات مفبركة لعوائلهم، فإن الكاتب قد عايش معاناة كل من ذكر من أسمائهم من معتقلين، عاصرهم بنفسه في السجن ووثّق رواياتهم وشهد آلامهم ومعاناتهم.
إن الواجب الإنساني والحقوقي يُلزم نشر معاناة المعتقلين والمطالبة بتوفير العلاج لهم، وضمان حقوقهم كمتهمين وضمان حق محاسبة من قام بتعذيبهم أيضاً.
كما يتحمل النظام البحريني وحليفاه الأميركي والسعودي كل المسؤولية عن هذه الجرائم الخطيرة والانتهاكات الحقوقية، التي تجري في مقرّ التحقيقات الجنائية وفي مراكز الشرطة والسجون الرهيبة، من قبل موظفي وزارة الداخلية. وبالإضافة إلى الانتهاكات بحق سجناء الرأي فإن الكثير مما يجري داخل السجون من انتهاكات حقوقية لم تُذكر بعد، ولم تكشف بعد، وهنا تقع المسؤولية على أهالي المعتقلين في تحريض أبنائهم على كتابة ما يحصل معهم من انتهاكات حقوقية فظيعة، بهدف فضح هذه الممارسات غير القانونية المخالفة للمعايير الدولية.
وعلى الأهالي تشجيع أبنائهم على توثيق معاناتهم بالتفصيل بدءاً من لحظة الاعتقال والتحقيق وظروفه الصعبة، ووصولاً للتوقيف والسجن وأوضاعه المخالفة للمعايير الدولية، لتكون شهادة أبنائهم وجراحهم وآلامهم ودعواتهم الغاضبة، هي السلاح الذي يؤسس لدولة القانون والعدالة ويسقط نظام الظلم والقمع في مرحلة العدالة والقصاص.
وكما يقول المفكر علي شريعتي «عندما تقرّر الوقوف ضد الظلم توقع أنك سوف تشتم، ثم تُخوّن ثم تُكفّر، لكن إياك أن تسكت عن الظلم من أجل أن يُقال عنك أنك رجل سلام!».
سلمان: الرموز الـ13 عنوان لمعتقلي الضمير والرأي
قال أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان إن الرموز الـ13عنوان لمعتقلي الضمير والرأي وعنوان لمظلومية الشعب البحريني، مؤكداً أن قضية الرموز ثبتت أمام العالم أجمع، أن النظام يعتقل معارضيه السلميين بشكل منهجي ويعاقب على الرأي، وأن الرموز الكبيرة حوكمت على أساس آرائها السياسية والتي أطلقوها ضمن حرية التعبير والتجمع السلمي.
وشدّد سلمان في تغريدة على حسابه في موقع «تويتر» في الذكرى الثالثة لاعتقال الرموز الـ 13 على أنه «وفقاً للفهم الإنساني العالمي للحقوق لم يرتكب الرموز الـ13 أي جريمة، بل حتى على ضوء الدستور المحلي لم يرتكبوا ما يجرّمهم»، مشيراً إلى أن «بقاءهم في السجن هو قضية في حدّ ذاته، ويعبر عن القضية الكبرى لشعبنا وحقوقه المغتصبة بصورة أخرى».
وخاطب سلمان المعتقلين إياهم بالقول: «لن ينساكم الشعب وسيناضل من أجل حريتكم كما ناضلتم من أجل حريته حتى تخرجون مرفوعي الرأس».
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه