وأخيراً، إنه اليوم الأول من فصل الربيع.. حتى ولو لا يبدو كذلك في كثير من دول العالم الغربي التي لا تزال باردة. ولكن، في الواقع، لا ترتبط البداية الرسمية للفصل الأجمل في السنة بالطقس وحده، بل تتعلق ...
وأخيراً، إنه اليوم الأول من فصل الربيع.. حتى ولو لا يبدو كذلك في كثير من دول العالم الغربي التي لا تزال باردة. ولكن، في الواقع، لا ترتبط البداية الرسمية للفصل الأجمل في السنة بالطقس وحده، بل تتعلق أكثر بحركة دوران الأرض حول الشمس.
فما يسمى «الاعتدال الربيعي» أو تساوي الليل والنهار «فيرنال إيكينوكس»، هو اليوم الذي تكون الشمس فيه عمودية مباشرة فوق خط الاستواء، وهو ما يحدث أيضا خلال الاعتدال الخريفي، في بداية فصل الخريف، وبالطبع تكون الأدوار مقلوبة في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية. ولكن الثابت الوحيد هو أنك، أينما كنت في الواحد والعشرين من شهر آذار، ستكون شاهداً على ظاهرة «الاعتدال».
ولكن، بالرغم من أن الروزنامة السنوية، وبداية الفصول لم تتغير بعد، يبدو أن الفصول بحد ذاتها أصبحت متغيرة. ففي ظل دفء حرارة الأرض، أصبح الربيع وكأنه «يربع» قبل أوانه.
وكانت دراسة علمية قد قدّرت في العام 2009 في مجلة «ناتور» أن الربيع أتى حوالي 1,7 يوم قبل أوانه في النصف الأول من القرن العشرين. كذلك أفادت بيانات دراسة شملت أراضيَ زراعية في ولاية ويسكونسين الأميركية، وامتدت لعدة عقود، أن أزهار الربيع آخذة بالتفتح «باكراً وأبكر» مع مرور الأعوام.
و«أن يأتي الربيع باكراً» قد يبدو أمراً ممتعاً، خاصة بالنسبة لسكان الدول التي واجهت موسم شتاء قاسياً هذا العام، ولكنه أيضا مشكلة تعني العالم أجمع، وقد تعني خصوصاً علماء الطبيعة.
فتفتح الأزهار باكرا، مع معرفة أن العدد نفسه من الأزهار يتفتح بغض النظر عن الموعد، يشكل خطراً على الحياة البرية والحيوانية. ومثال كبير على ذلك النحل، فالمنافسة بنظر العلماء ستكون «أشرس» بين الحشرات الملقحة، التي عليها أن تتعامل مع «القليل من الغذاء لفترة أطول».
كذلك، فإن موسم تفتح باكر سوف يكون ضارا، إذا ما واجهت الأزهار موجة برد متأخرة، ما يعني أيضا «شحاً في الغذاء» بالنسبة إلى الإنسان.
«لنغير موعد فصل الربيع» قد يكون الحل الأبسط بالنسبة إلى الكثيرين، والأكثر ضرراً بالنسبة إلى بلدان العالم التي لا تقوم بدراسات عميقة لفترات طويلة أقلها عقود، للتنبؤ بمصير مزروعاتها وطبيعتها انسجاماً مع التغيير المناخي. ومع ارتفاع نسبة الغازات الملوثة في الجو، والمسببة للاحتباس الحراري، يضع العالم نفسه في طريق المستقبل المجهول، حيث الفصول نفسها لا تعود مرتبطة بأي روزنامة تذكر.
ولكن، بعيداً عن العلم، كيف يمكن تصنيف الحدث، ببعض الكلمات الأكثر لطفاً؟ إنه «الطبيعي الجديد»، أو الطبيعة كما يجب أن نتأقلم معها من اليوم فصاعداً، بحسب الروائية الأميركية زادي سميث.
في الحقيقة، ليست سميث كثيراً على صواب. فإذا كان الربيع سيصبح «هدفاً متحركاً»، فالأمر لم يعد طبيعياً على الإطلاق. سيبقى 20 آذار يوم «الاعتدال الربيعي»، أما كل ما هو غير ذلك، فسيكون «مرهوناً» بنا، وموضوعاً «قابلاً للنظر».