أبدت تحقيقات عدة قلقها وخشيتها من تنامي الغش في الجامعات الكندية ووصفت خطورة هذه الظاهرة المرضية بجرثومة بدأت عدواها تنتشر شيئاً فشيئاً في اوساط الطلاب، وتسمم افكارهم واخلاقهم وقيمهم، وتلطخ ما تحظى...
أبدت تحقيقات عدة قلقها وخشيتها من تنامي الغش في الجامعات الكندية ووصفت خطورة هذه الظاهرة المرضية بجرثومة بدأت عدواها تنتشر شيئاً فشيئاً في اوساط الطلاب، وتسمم افكارهم واخلاقهم وقيمهم، وتلطخ ما تحظى به الهيئات والجامعات الكندية من رصيد اكاديمي.
علي حويلي / صحيفة الحياة
خلال العام 2013, قامت لجنة من جامعات المقاطعات الانغلوفونية الكندية بتحقيق شمل 15 الف طالب وطالبة مسجلين في 42 جامعة. وأظهر التحقيق ان عدداً كبيراً من الطلاب قد اقدموا على حالات غش متنوعة. ويبدو ان هذه الحالة «الشاذة « فتحت ملف الغش وتبين انه يعود الى سنوات سابقة. ففي عام 2006 نظمت جوليا كريستين هيوغن عميدة كلية التجارة والاقتصاد في جامعة غيلف (Guelph) في مقاطعة اونتاريو حملة للكشف عن حالات الغش في 11 مؤسسة جامعية. وتبين ان 46 في المئة لجأوا الى الغش الالكتروني لاستكمال أبحاثهم بطريقة «قص ولصق»، و18 في المئة في امتحاناتهم النهائية و8 في المئة ساعدوا زملاء لهم في كتابة واجباتهم المنزلية.
كما كشفت دراسات أخرى عن حالات غش مماثلة في جامعات مونكتون (56 طالباً) ونيو برانزويك (33 طالباً) ونوفل ايكوس (108 طلاب) وجزيرة سانت ادوار (19 طالباً) وبترنون (26 طالباً).
مزاد علني
كشف الطالب موريس ماكين في جامعة غليف انه كان يدفع لأحد المتميزين من رفاقه مبلغ 100 دولار مقابل كتابة بحث له. وذات صدفة وجد في احد المواقع الالكترونية اعلاناً كتب فيه «اطلب مساعدة لابحاثك الدراسية». وكانت هذه المساعدة تشتمل على لائحة مطولة من البحوث التي صنفت من جهة تبعاً لعدد صفحاتها، ومدة انجازها، ومستواها الاكاديمي (وسط – جيد – جيد جداً – ممتاز)، واللغوي (كثيرة او قليلة الاخطاء)، ومن جهة ثانية وفقاً لأسعارها التي تراوحت بين 50 و 300 دولار. وتضمن الاعلان ايضاً تفاصيل لمساعدات اخرى «قابلة للمساومة» وصفها بأنها «بزنس ونمط حياة ومصدر رزق».
الحاجة أم الغش؟
حاول ستيف اتيان طالب في جامعة كيبك – اوتاوي - قسم العلوم الاجتماعية - السنة الرابعة، تبرير لجوئه للغش بقوله: «كان طموحي ان انهي عامي الدراسي بنجاح واحصل على شهادة جامعية تؤهلني ولوج سوق العمل لكن الحاجة كانت تحول دون ذلك. فأنا أعمل بدوام جزئي، وأكسب بعض المال لتسديد نفقات السكن والهاتف والكهرباء والنقل. فكان علي ان اترك الجامعة او ان الجأ الى الغش الذي كان خياري الأخير». وفي رأيه ان لجوء الطالب الى الغش مغامرة تماثل السطو على بنك، فإما ان ينجح ويسعد وإما ان يفشل ويعاقب.
وثمة من يبرر الغش بطريقة اخرى كالطالب في جامعة اونتاريو ايفون غنتون الذي يقول: «ما يساعدنا على الغش احياناً وجود بعض المراقبين «الكسالى» الذين لا يتحركون عن كراسيهم ولا يتورعون عن قراءة جريدة او مطالعة كتاب. والغريب ان ادارة الجامعة تستعين بدل المعلمين بطلاب تدفع لهم اجور المراقبة عن مهمات يستهينون بها».
وأمام تفشي الغش في الاوساط الطالبية وانتقاله من جامعة الى اخرى، اخذت بعض الجامعات تدابير احترازية وزجرية من خلال تشكيل لجان مشتركة من الاساتذة والطلاب. فعلى سبيل المثال يقول المتحدث باسم جامعة مونتريال ماثيو فيلون ان لدينا لوائح تأديبية لمعاقبة الطلاب المتورطين بالغش. وهي تتدرج من التوبيخ الى التحذير الى الفصل المؤقت وصولاً الى الطرد النهائي وعدم الاعتراف بأي اثر رجعي لغش مكتسب. ويلفت الى ان العقوبة تصل في بعض الحالات الى درجة «الخيانة الجامعية» القاضية بعدم الاعتراف بشهادته العلمية وتجميد العمل فيها مدة عشر سنوات.