يهدف المشروع الذي أطلقته «سيدرو» الى دعم تحسين كفاءة استهلاك الطاقة والطاقة والمتجدّدة لنهوض لبنان التابع لبرنامج الأمم المتّحدة الإنمائي، بالتعاون مع وزارة الطاقة والمياه، وهو كناية عن مسح وطني ...
حبيب معلوف / جريدة السفير
يهدف المشروع الذي أطلقته «سيدرو» الى دعم تحسين كفاءة استهلاك الطاقة والطاقة والمتجدّدة لنهوض لبنان التابع لبرنامج الأمم المتّحدة الإنمائي، بالتعاون مع وزارة الطاقة والمياه، وهو كناية عن مسح وطني للموارد الحرارية الأرضية في لبنان في إطار تطوير استراتيجية وخطّة عمل وطنية في مجال الطاقة المستدامة. تولّت الدراسة التي بدأت في أيار العام 2012 شركة «اغ جيوواط» التي تتخذ من مدينة زوريخ السويسرية مقرا لها.
كما يهدف المشروع الذي يديره حسان حراجلي إلى دعم اعتماد السياسات الخضراء في نشاطات نهوض لبنان وإصلاحه وإعادة إعماره عبر اعتماد تطبيقات كفاءة الطاقة لدى المستخدم النهائي والطاقة المتجدّدة وبدء العمل بها.
ويعمل المشروع لهذه الغاية على مستويات ثلاثة وهي: تطبيق مشاريع نموذجية خاصّة بكفاءة الطاقة لدى المستخدم النهائي والطاقة المتجدّدة في المباني والمنشآت التابعة للقطاع العام، وتوفير بيئة ممكّنة لتحويل غيرها من المباني والمنشآت التابعة للقطاع العام إلى أشكال نمطية خاصّة بكفاءة الطاقة، وتطوير استراتيجية وخطّة عمل وطنية في مجال الطاقة المستدامة.
مصدر ثابت للطاقة
خلافًا لتقنيات الطاقة البديلة الأخرى، توفّر الطاقة الحرارية الأرضية مصدر طاقة ثابتًا وموثوقًا به لا يتأثّر بتقلّبات حالة الطقس. كما تُعتبر الطاقة الحرارية الأرضية لا محدودة ويكاد لا تنتج منها أيّة انبعاثات من ثاني أكسيد الكربون. فهي طاقة محلّية تدعم الاستقلالية حيال مزوّدي الطاقة الأجانب.
يُعتبر التأثير البيئي والمرئي لمحطّات توليد الطاقة الحرارية الأرضية متدنّيًا. وبالتالي نادرًا ما تكون حماية الإرث والطبيعة والبيئة مسألة مستعصية خلال عملية اختيار موقع لإنشاء مشروع حراري أرضي.
حدّدت هذه الدراسة مجالين محتملين لتطوير مشاريع تجريبية في مجال الطاقة الحرارية الأرضية. تُعتبر عكّار من أهمّ المناطق الواعدة حيث يمكن العثور على المياه الجوفية العميقة على عمق ألف وخمسمئة متر ودرجة حرارة، تصل إلى 130 درجة مئوية. أمّا المنطقة الثانية، فهي سهل البقاع حيث تقدّر درجة حرارة المياه بنحو 80 إلى 90 درجة مئوية على عمق ألفين وثمانمئة متر. إذا أخذنا في الاعتبار درجة الثقة بالبيانات المتوافرة، من غير المستبعد أن يتمّ العثور على مياه في سهل البقاع بدرجات حرارة تفوق 100 درجة مئوية، ما يسمح أيضًا بتوليد الطاقة. هذا وقد حُدّدت إمكانات أخرى في منطقة كوكبا ومحيط مدينة صور حيث حُدّدت الأدلّة على مواطن الشذوذ الحراري.
في إطار درجات الحرارة هذه، تُعتبر الظروف في لبنان مؤاتية للتقنيات ذات المحتوى الحراري المنخفض عبر استخدام محطّة توليد طاقة ذات دورة ثنائية.
التأثيرات الجانبية
على الرغم من كلّ الفوائد المذكورة سابقًا، يمكن لاستثمار خزّان طاقة حرارية أرضية أن تكون له تأثيرات جانبية، كالتسبّب بأنشطة زلزالية، والتي تنبغي معالجتها بجدّية. تتوقع الدراسة أن تكون النشاطات الزلزالية الناتجة من هذا الاستثمار خفيفة للغاية من دون أن ينفي ذلك الحاجة إلى اتّخاذ إجراءات صارمة للحدّ من المخاطر وخطط تواصل في المراحل الأوّلية للمشروع.
يُعتبر الاعتماد القوي على الظروف الجيولوجية المحلّية العنصر الأهمّ لدى تطوير مشروع طاقة حرارية. كما هي الحال في التنقيب عن النفط والغاز، تنطوي الطاقة الحرارية الأرضية على خطر عدم اكتشاف المورد المتوقّع، ما يؤدّي إلى قصور في إنتاج الكمّية المتوقّعة من الطاقة. كما أن تاريخ لبنان في مجال التنقيب عن النفط والغاز حديث، ما يعني أنّه يعاني من نقص في البيانات الملائمة ويفرض ضرورة اعتماد إجراءات صارمة وتكاليف مرتفعة نسبيّا لتحديد الإمكانية المتوافرة.
القياسات الحرارية
يهدف المسح الوطني للموارد الحرارية الأرضية إلى تقدير الإمكانية الحرارية الأرضية لتوليد الحرارة والطاقة في لبنان بناءً على البيانات والمعلومات المتوافرة حاليًّا. ويقدّر إلى أيّ مدى يمكن للطاقة الحرارية الأرضية أن تساهم في بلوغ هدف الحكومة اللبنانية بتغطية 12 % من إجمالي احتياجات لبنان للطاقة من مصادر الطاقة المتجدّدة بحلول العام 2020 والسنوات التي تليه.
قُوّمت الموارد الحرارية الأرضية عبر جمع كلّ المعلومات الجيولوجية والهيدروجيولوجية والهيكلية والحرارية المتوافرة بشأن لبنان، إلى جانب إجراء قياسات حرارية على نطاق ضيّق في آبار المياه الجوفية المهملة وقياسات مخبرية للتوصيات الحرارية على العينات الصخرية. وبناءً على المعلومات المجموعة، طُوّر نموذج جيولوجي وحراري أرضي ثلاثي الأبعاد للبنان واستُخدم لاحتساب الحرارة الجوفية والإمكانية الحرارية الأرضية في لبنان.
نتائج الدراسة
قُدّمت النتائج على شكل خرائط تغطّي الأراضي اللبنانية كافّة على أن تكون جزءًا من الأطلس الحراري الأرضي للبنان. يشكّل هذا النموذج العددي محطّة على درجة عالية من الأهمية بالنسبة للتطوير المستقبلي للطاقة الحرارية الأرضية في لبنان، إذ يسمح بتحديث تقويم الموارد المتوافرة وتحسين دقّة التقديرات عند توافر المزيد من البيانات.
بناء على ذلك استنتجت الدراسة أنّ الموارد الإجمالية في لبنان تقدّر بمليار جيغاواط/ساعة، أي ما يعادل نحو 70 ألف ضعف الطلب السنوي على الطاقة في لبنان. يُعرّف المورد الإجمالي هنا على أنّه الطاقة الإجمالية المخزّنة تحت الأرض في لبنان على درجة حرارة تكفي لإنتاج الكهرباء تفوق 100 درجة مئوية وعمق يمكن لتقنيات الحفر الحالية أن تبلغه (أقلّ من 7 آلاف متر تحت مستوى الأرض). وفي غياب أيّ قياس مباشر لهذا المورد، يعتبر مستوى الثقة «منخفضًا» ويصنَّف هذا المورد على أنّه «مخمّن» وفقًا للرمز الدولي لإعداد التقارير الحرارية الأرضية.
بينت الدراسة الأولية ان هناك جزءا بسيطا للغاية من الحرارة الأرضية يمكن استغلاله اقتصاديًّا، بحسب الظروف التقنية الحالية. يسمح سيناريو متفائل وواقعي في آن واحد، بالتفكير في تركيب منشأة تجريبية بقدرة 1.3 ميغاواط طاقة بحلول العام 2020. وفي حال كُلّلت هذه المحاولة بالنجاح والنتائج الإيجابية، يمكن بناء أربع محطّات إضافية لتوليد الكهرباء بحلول العام 2020 ، ما يرفع إنتاج الطاقة الحرارة الأرضية إلى 6 جيغاواط/ساعة من الطاقة. ويمكن رفع الإنتاج الإجمالي إلى 30 جيغاواط/ساعة من الطاقة بحلول العام 2025 ، أي نحو 0,2 % من إجمالي الطلب على الطاقة.
توصيات للبدء بالتنقيب
- تقترح الدراسة البدء ببرنامج تنقيب مصمّم خصيصًا للطاقة الحرارية الأرضية بهدف تعزيز مستوى الثقة في المورد الحراري الأرضي في المناطق المحتملة المحدّدة ولتصنيف هذه المناطق على أنّها «محدّدة» أو «مقاسة» وفقًا للرمز الدولي لإعداد التقارير الحرارية الأرضية. - يشمل برنامج التنقيب المقترح إجراء تحقيقات جيوفزيائية سطحية وحفر بئر حرارية أرضية واحدة، علمًا بأنّها الوسيلة الوحيدة المتوافرة نظرًا للإمكانات التقنية الحالية للتأكّد من وجود مورد حراري أرضي.
- تُقدّر التكاليف الاستثمارية لبرنامج التنقيب هذا بنحو خمسة ملايين دولار أميركي على أن تصدر النتائج في غضون ثلاث سنوات.
- إذا تمّ التأكّد من الإمكانية الحرارية الأرضية، يمكن استكمال المنشآت التجريبية الأولى بكلفة إضافية تقدّر بعشرين مليون دولار أميركي عبر حفر بئر ثانية وبناء محطّة لتوليد الطاقة الحرارية الأرضية إلى حين البدء بإنتاج الطاقة.
- يمكن حينها أن يعمد مستثمرون من القطاع الخاص إلى تمويل هذه المرحلة.
- يتطلّب تطوير التقنية الحرارية الأرضية في لبنان أساسًا محفزّات حكومية قوية وإجراءات موجزة لمنح الأذونات والتراخيص خلال السنوات العشر الأولى من مرحلة التطوير الأوّلي للطاقة الحرارية الأرضية في لبنان.