أي عقدة تعيشها المملكة العربية السعودية؟ وما الذي يبرر الهجوم على الجيش اللبناني بعد استحضار المنطق المذهبي.
أي عقدة تعيشها المملكة العربية السعودية؟ وما الذي يبرر الهجوم على الجيش اللبناني بعد استحضار المنطق المذهبي.
عشية حلول العام الحالي، أطلَّ رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان في مؤتمر صحفي من القصر الرئاسي بعبارته الشهيرة "عاشت المملكة العربية السعودية" مثنياً على مساعدة مالية قدمتها السعودية لتسليح الجيش اللبناني بأسلحة فرنسية.
وهي المساعدة نفسها التي يمنن فيها الكاتب في صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، مشاري الذايدي، اللبنانيين بقوله: " الجيش اللبناني هو المؤسسة الوحيدة المعبرة عن الوجود المادي للدولة اللبنانية، على الأرض، ولأجل هذا المعنى تلقى دعما سعوديا سخيا بمليارات الدولارات بالاتفاق مع المورد الفرنسي".
اكتفى الذايدي بهذا القدر من الثناء على دور الجيش اللبناني كضامن لوجود الدولة ممهدا لاستهدافه والتحريض عليه، فكتب: "هذا الجيش حاليا ليس موضع رضا من اللبنانيين كلهم، ومعارك طرابلس، ثم اشتباكات حي الطريق الجديدة في بيروت الأخيرة مع عصابة البرجاوي، كانت أمثلة مثيرة للغضب لدى الشارع اللبناني السني، باعتبار الجيش يمارس حزمه فقط ضد الطرف السني".
ووفقاً لما جاء في مقاله ، فقد لام الكاتب في الصحيفة السعودية الجيش اللبناني على اجراءاته القوية والحازمة والسريعة ضد "جماعة الأسير والأطرش والمخيمات". ليتضح أن صحف المملكة لا تجد حرجاً فيما ألحقته جماعة الأسير وفتح الاسلام من خسائر بعناصر الجيش اللبناني، ولا في الارهاب الذي جُند له عمر الأطرش.
اليوم يتحدث الاعلام السعودي بلغة سبقه إلى استخدامها نواب لبنانيون. النائب عن كتلة المستقبل في عكار خالد الضاهر، اتهم في وقت سابق الجيش اللبناني ومخابراته بتصفية واعتقال شباب بشكل تعسفي وتلفيق التهم لتشويه صورة طائفة بكاملها، مهدداً بالتحرك من أجل رفع الظلامة.
استهداف الجيش اللبناني جاء أكثر من مرة على لسان الضاهر وعضو الكتلة نفسها معين المرعبي، الذي وصف بتصريحات سابقة الجيش بأنها "موجود من أجل الاعتداء على الناس"، داعياً لنشر قوات أممية على الحدود السورية بدل عناصر الجيش اللبناني...
عقدة الطائفة أم عقدة النفوذ؟
الاستهداف الممنهج من قبل الحزب الممول سعودياً تبنته هذه المرة صحف المملكة... الاستحضار الطائفي هو نفسه سواء المستخدم من قبل نواب المستقبل أو المنشور على صفحات الاعلام السعودي. فهل تعيش المملكة عقدة الطائفة أم عقدة النفوذ؟
لمحة سريعة قد تحمل في طياتها الاجابة:
في 13 آذار/ مارس وقف وزير خارجية السعودية سعود الفيصل ليصرح بأن تسليح المجموعات المقاتلة في سورية "واجب". سلحت المملكة كتائب وجماعات أبرزها كانت الجبهة الاسلامية، التي ارتكبت مذابح في سورية، لم تُحرج السعودية... ليأتي آخر تصريح سعودي رسمي على لسان الأمير سلمان بن عبد العزيز، في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية في الكويت، مشدداً على ضرورة دعم المسلحين في سورية وتغيير موازين القوى على الأرض السورية.
في لبنان، اتُهم مسؤولون في المملكة العربية السعودية بدعم جماعات تكفيرية تبنت التفجيرات التي استهدفت مناطق لبنانية مؤخراً. ونقلت صحف لبنانية أن التفجيرات التي استهدفت الضاحية كانت مجرد رسائل سعودية.
تهمة تمويل الارهاب والعنف لاحقت السعودية في العراق أيضاً. وجاء الاتهام صريحاً على لسان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الذي اعتبر ان دعم السعودية وقطر للجماعات الارهابية في بلاده بمثابة اعلان حرب ضد العراق.
على صعيد المنطقة، حارب آل سعود النفوذ القطري والتركي. فكان الدعم السعودي لإزاحة الأمير حمد بن خليفة آل ثاني أميركياً، بذريعة فشله في تحقيق أي قلب للمعادلة في سورية. لاحقاً، دعمت السعودية الجهود التي أطاحت بحكم الاخوان المسلمين في المملكة، وصولاً إلى قرار سحب التمثيل الدبلوماسي من قطر قبل إدراج جماعة الاخوان المسلمين على لائحة الارهاب، وتجريم التعامل والتعاطف معها.
يكتب الذايدي بكلمات يرددها نواب التأزيم الطائفي في لبنان... فلماذا يتقاعس الحريص على "استهداف الطائفة" في لبنان والعراق وسورية، عندما يُضرب ابناؤها في فلسطين او يتقاتلون في مصر أو يتم تقسيمهم إلى تيارات على أساس تصارع النفوذ بين قطر وتركيا من جهة والسعودية بأجنحتها الخليجية والعربية من جهة أخرى؟
القضية اذا هي مسألة نفوذ ولا علاقة لها بما تدعيه الدولة الاقليمية بانها المدافعة عن طائفة معينة، فالجيش اللبناني او اي جهة اخرى قد تكون هدفا في حال لم تخضع لنفوذ الرياض وتطبق اجندتها على الارض.
وفي حال سلمنا بهذا المنطق ، نعود لما نشرته "الشرق الأوسط" لنسأل هل اُعطي الضوء الأخضر السعودي لاستهداف الجيش اللبناني؟