حدد سمير جعجع مواصفاته الرئاسية ورفع شعار «الرئيس القوي»، ملقيا خلفه سائر المرشحين لرئاسة الجمهورية ضمن فريق «14 آذار».
نبيل هيثم - صحيفة "السفير"
حدد سمير جعجع مواصفاته الرئاسية ورفع شعار «الرئيس القوي»، ملقيا خلفه سائر المرشحين لرئاسة الجمهورية ضمن فريق «14 آذار».
ولأنه مقتنع أن حظوظه في الوصول الى الرئاسة «اكثر من جيدة»، كما يقول المقربون، فإن حملته الانتخابية، التي بدأها رسميا من خطاب «البيال» في ذكرى «14 آذار»، منصبّة على جعل ترشيحه للرئاسة امرا لا مفر من تبنيه من قبل «الفريق السيادي»، على اعتبار انه المؤهل للوصول بمشروع «14 آذار» الى سدة الرئاسة، وانه لا يملك فقط مواصفات «الرئيس القوي»، بل مواصفات «الرئيس القائد» القادر على حماية الخيارات واتخاذ القرار.
النقاش محتدم داخل «14 آذار»، وعلى الرغم من الحضور شبه اليومي لرئيس «القوات اللبنانية» إلى المنبر الرئاسي، فإن بعض الاصوات داخل هذا الفريق ما زالت تعتقد بأن اعلان جعجع ترشيحه لا يعني ان حظوظ سائر الشخصيات المارونية في «14 آذار» قد انتفت، بل تبقى قائمة حتى آخر لحظة ووفق ما تحدده الظروف التي تحيط بالاستحقاق الرئاسي، حتى ان «تيار المستقبل» لم يقفل الباب امام اي من المرشحين، وشعاره المعلن «ان قوى 14 آذار ستذهب بمرشح واحد الى الانتخابات الرئاسية»، وقد ابلغ ذلك الى مراجع سياسية وروحية، ومن بينها البطريرك الماروني بشارة الراعي.
على ان في الاجواء القواتية ما يؤشر الى تسليم سائر المرشحين المحتملين في «14 آذار» بتقدم جعجع عليهم، وبالتالي بحتمية تبني ترشيحه. يتقاطع ذلك مع بعض الاصوات المسيحية المتحمسة لجعجع داخل «14 آذار» التي اخذت على عاتقها الدفع في هذا الاتجاه الذي يخدم ترشيح رئيس القوات وجعله امرا واقعا.
ويتسلح المتحمسون في «14 آذار» للرئيس القوي، بمعادلة مفادها انه ضمن تراتبية المرشحين في «8 آذار» يتصدر ميشال عون اولا كمرشح قوي، يليه سليمان فرنجية، وبالتالي في تراتبية القوى المسيحية في «14 آذار»، لا يمكن مواجهة مرشّح قوي من حجم ميشال عون، بشخصيات مستقلة ضمن هذا الفريق، او بشخصيات حزبية اخرى تقدم نفسها على انها «وسطية»، كالرئيس امين الجميل مثلا، بل بشخصية بحجم سمير جعجع الاكثر حضورا وتمثيلا ضمن فريقه السياسي.
هي معركة جدية وحاسمة، كما يقول المتحمسون لـ«الرئيس القوي»، ومنهم من هم متعصبون لجعجع، ذلك ان مفهوم الرئيس التوافقي يعني الرئيس الضعيف الذي تأكله سياسيا القوى السياسية المسيحية وغير المسيحية، وقد تلغيه نهائيا، ولأن جعجع متقدم في «14 آذار»، ينبغي ان تكون المعركة ديموقراطية، وتخاض الى آخرها على هذا الاساس، خاصة ان المعركة ليست بين شخصين، بل بين تجربتين في السلطة:
الاولى بين 1986 و1988، التي كانت تجربة يصفها المتعصبون، بأنها تجربة «دولتية» بامتياز في زمن الحرب الاهلية، وهي تجربة سمير جعجع في السلطة، حيث حكم ما كانت تسمى المناطق الشرقية، فرض ضريبة، امن طبابة، استحدث النقل المشترك، وقام بمجموعة خيارات انمائية واجتماعية، الى جانب بناء بنية عسكرية صلبة.
الثانية، تجربة ميشال عون، التي ادت الى تدمير كامل للبنية التحتية اللبنانية والمسيحية بشكل خاص، هي تجربة القرار الخاطئ، وقامت على أنقاض زمن اللاقرار في عهد امين الجميل.
الكرة في رأي هؤلاء المتحمسين، في ملعب تيار «المستقبل» وسعد الحريري تحديدا الذي يملك الكلمة الفصل في هذا المجال، خاصة انّ شهر العسل بين الحريري وجعجع قد بدأ من جديد، وان التواصل استؤنف وبروح جدية جدا، وعلى وجه الخصوص في الملف الرئاسي، ما يعني ان «التوعّك» الذي أصاب العلاقة بين الحريري وجعجع جراء انفتاح الحريري على عون، قد زالت أسبابه. وثمة توضيحات تلقاها جعجع من الحريري مفادها ان عون هو الذي تمنى إبقاء اللقاء بينهما سريا.
وفي مقابل التوضيحات ثمة ملاحظات قواتية تتلخص بالآتي:
أولا، اي تقارب بين الحريري وعون، او اي طرف آخر، لا يزعجنا، لأن العلاقة داخل «14 آذار» ثابتة وقائمة على مجموعة مبادئ لا على اساس مصالح مشتركة.
ثانيا، هذا التقارب يسرّنا، لانه يسهل انفتاح الفرقاء على بعضها البعض، حتى ولو اختلفت التوجهات والآراء.
ثالثا، منذ مدة طويلة، ورئيس «القوات» يطلب الى حلفائه ان يكون هناك انفتاح على الجميع، مع استعداده الكامل للانفتاح على الكل، ولكن شرط ان يكون هناك حوار جدي.
رابعا، إن الانفتاح بالنسبة الينا عنصر قوة، لان عقيدة القوات ترتكز على قبول الآخر واحترام حق الآخر بالاختلاف.
تلك الملاحظات لا تعني التسليم بإمكان وصول مرشح من «8 آذار» الى رئاسة الجمهورية، لا بل ان الجهد القواتي منصب على ما تعتبره حقها في منع إيصال مرشح «8 آذار» الى الرئاسة، وتحديدا ميشال عون الذي يعد وصوله الى الرئاسة «كارثة قواتية». فإذا كان قد شن في السابق حرب الغاء عسكرية ضد القوات، فإن وصوله الى الرئاسة بمثابة حرب إلغاء سياسية شاملة، فيتحكم بالرئاسة، وكونه رئيس كتلة نيابية كبيرة سيتحكم بمجلس النواب، وكذلك سيتحكم بأي حكومة وبالوزارات التي يريد، ويكون شريكا فيها ليس بثلث معطل بل ربما بنصف الحكومة، ووفق القاعدة التي لطالما نادى بها، اي التمثيل وفق الأحجام. فإلى اين يذهب البلد ساعتئذ؟
http://www.assafir.com/Article/2/343739
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه