ويأتي الهجوم الحالي الكبير المدعوم من قبل تركيا بشكل مباشر في وقت بدأت فيه الولايات المتحدة والغرب مراجعة سياستهم تجاه الوضع في سوريا وفي وقت تقترب فيه دمشق من الاستحقاق الرئاسي
فتحت تركيا ومعها حوالي 5 آلاف مسلح ينتمون لجبهة النصرة والجبهة الاسلامية معركة الساحل الثانية، التي طالما تحدث معارضون سوريون عن وجوب فتحها لتضييق الخناق على الدولة السورية ووقف تقدم الجيش السوري وحلفائها في المنطقة الوسطى وفي ريف دمشق.
وكانت معركة الساحل الأولى اندلعت في الخريف الماضي بعدما قيام عدة آلاف من مسلحي المعارضة السورية بشن هجوم كبير على جبال اللاذقية انطلاقا من منطقة سلمى المحاذية لتركيا ، ولكن هذا الهجوم فشل بعدما تمكن الجيش السوري من استعادة كامل المناطق والتلال التي سيطر عليها المسلحون بعد شهر من بدء الهجوم.
ويأتي الهجوم الحالي الكبير المدعوم من قبل تركيا بشكل مباشر في وقت بدأت فيه الولايات المتحدة والغرب مراجعة سياستهم تجاه الوضع في سوريا وفي وقت تقترب فيه دمشق من الاستحقاق الرئاسي ، حيث يبدو الرئيس السوري بشار الأسد مرشحا أكيدا فيه في وقت لم تتمكن المعارضة السورية -مسلحة وغيرها- من الاتفاق على مرشح موحد ناهيك عن كثرة المعارضين الطامحين للوصول الى منصب الرئاسة بشتى الوسائل ، وهذا ما يخفف من إمكانية تواجد شخص آخر غير الرئيس السوري في معركة الرئاسة .
وتفشي مصادر سورية معارضة سر الهجوم التركي القاعدي الكبير في ريف اللاذقية في هذا التوقيت بالقول أن تركيا سوف تخضع للضغوط الامريكية بوقف دعم المسلحين ولو بعد حين وهذا الوضع سوف يمنع الدعم والإمداد العسكري عن مسلحي المعارضة في الشمال السوري، ما يسهل عملية القضاء على كل المجاميع المسلحة التي أسستها تركيا بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين السورية ، خلال السنوات الثلاث الماضية.
وتؤكد مصادر المعارضة السورية في هذا الصدد أن هناك خطة تركيا لإنشاء مرفأ بحري في منطقة راس البسيط تستعمله المعارضة السورية المسلحة في عمليات التزود بالسلاح وبالرجال عبر البحر بدل المرور عبر تركيا، التي لا تريد الدخول في سجال مع واشنطن في الموضوع السوري خصوصا أن حكومة رجب طيب أردوغان تمر بظروف صعبة على الصعيد الداخلي بعد فضائح الفساد المالي التي تطالها وتظهر تباعا ، وأيضا في الموضوع الكردي العالق دون تسوية تذكر رغم وعود اردوغان الكثيرة التي لم يعد يصدقها الأكراد ، فيما العلاقات الخارجية لتركيا تتسم بالتوتر مع جيرانها العرب ( العراق وسوريا) وليست على ما يرام مع إيران ، وهي دخلت في موضوع القرم بطريقة استفزازية وسياسة تحد مباشرة ضد روسيا بعد الاجتماع الذي حصل في كييف بداية الازمة الأوكرانية بين وزير الخارجية التركي (أحمد داوود اوغلو) وزعيم التتار في القرم الذين أصغوا للكلام التركي بعدم التصويت لعملية الانضمام الى روسيا ، ويأتي الهجوم الروسي الكبير غلى الضفة الأخرى من البحر الأسود الذي تقع تركيا ضمن حوضه.
وتضيف المصادر السورية المعارضة في حديثها حول هجوم كسب ان الاتراك وجماعة الاخوان المسلمين حددوا مكان بناء المرفأ البحري في رأس البسيط حيث طبيعة الشاطىء تسهل العمل في بناء مرفأ صغير، وأتت عملية إسقاط الطائرة السورية بمثابة رسالة من تركيا انها سوف تحمي هذه المنطقة جواً في حال سيطرة عليها المعارضة السورية، وتقول المصادر نفسها أن الدولة السورية تعرف هذا الموضوع لذلك هي معنية بإنهاء هذا الهجوم في أسرع وقت ممكن ومنع تركيا ومسلحي المعارضة من الوصول الى البحر عبر الشمال، بعدما فقد مسلحو المعارضة السورية التواصل مع مدينة طرابلس في الشمال اللبناني المرفأ البحري الوحيد الذي كان على تواصل معهم خلال السنوات الثلاث الماضية.
الهدف الثاني يتمثل في محاولة إفشال الانتخابات الرئاسية السورية في حزيران المقبل عبر فتح الحرب في الساحل السوري المنطقة الوحيدة التي بقيت هادئة بشكل كبير طيلة فترة الحرب السورية والتي نزح اليها ملايين السوريين من المحافظات السورية الأخرى، وتعتبر هذه المنطقة قاعدة تأييد شعبية كبيرة للنظام في سوريا وللرئيس السوري شخصيا، وتعتقد المعارضة السورية ومن ورائها تركيا أن وصول الحرب الى هذه المنطقة سوف يفشل استحقاق الانتخابات الرئاسية في سوريا ويمنع إعادة انتخاب الرئيس الأسد الذي سوف يصبح رئيسا ممددا له وليس رئيسا منتخبا لسبع سنوات قادمة.