بدأت المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية، لكن البحث والتدقيق والتمحيص والتشاور لاختيار الرئيس العتيد قد بدأت منذ مدة لدى الكثير من الاطراف السياسية اللبنانية.
بدأت المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية والمقررة بين 25 آذار وحتى موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي ميشال سليمان في 25 أيار/مايو المقبل، بحسب ما تنص عليه المادة 73 من الدستور اللبناني، لكن البحث والتدقيق والتمحيص والتشاور لاختيار الرئيس العتيد قد بدأ منذ مدة لدى الكثير من الاطراف السياسية اللبنانية سواء في الصالونات الداخلية لكل طرف على حدة او بينه وبين حلفائه، لا سيما في ظل الانقسام السياسي الحاد في لبنان بين فريقي "8 و14 آذار".
ففي فريق "14 آذار" هناك العديد من الشخصيات ممن تسمي نفسها "مرشحة" لاعتلاء سدة الرئاسة، فهؤلاء أعينهم تنظر بترقب لكرسي الرئاسة الاولى، بينما يبقى العماد ميشال عون هو المرشح الاول لفريق "8 آذار"، في حين ان اسم رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية لا يغيب عن التداول رغم إعلانه المتكرر انه يقف خلف حليفه العماد ميشال عون في كل الاستحقاقات.
هذا بالاضافة ان هناك الكثير من الاسماء التي يتم تداولها إعلاميا منها الوسطي ومنها الذي يطرح كخيار توافقي كقائد الجيش اللبناني العماد قهوجي او حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والوزير السابق جان عبيد، الذي يشاع ان هناك من يزكيه من القيادات اللبنانية البارزة ممن يؤخذ بآرائهم في وصول الرئيس العتيد الى قصر بعبدا، مع الاشارة انه قد يكون طرح بعض الاسماء في الاعلام الهدف منه ليس إبرازها بقدر ما هو "حرقها" في بورصة المرشحين المفترضين لمنصب "فخامة الرئيس".
هل سيحصل الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري؟
ولكن هل سيتم انتخاب رئيس للجمهورية خلال وقت قصير من المهلة الدستورية التي بدأت ام ان هذا الامر سيطول ليحسم في الربع الساعة الاخيرة على الطريقة اللبنانية، بعد وصول كلمة السر الدولية او الاقليمية التي عادة ما يكون لها تأثير مؤيد لهذا المرشح او ذاك؟ طالما ان هذه المهلة لا تلزم احداً وتبقى هي مهلة للحث والتحفيز كي لا يدخل البلد في الفراغ، فهل سننتظر لعدة أشهر كي نرى رئيسا للبنان وتعمل حكومة تمام سلام لسد الفراغ الرئاسي؟ أم اننا سنشهد مرورا طبيعيا عاديا للاستحقاق الرئاسي في مواعيده، كما كرر ونادى معظم الاطراف السياسية في لبنان طوال الفترة الماضية؟
ولكن من غير المتوقع ان نشهد جلسة لمجلس النواب لانتخاب الرئيس من دون مقدمات ومفاوضات قد تطول على شاكلة ما جرى من مشاورات خلال فترة تأليف الحكومة، مع ما يتطلبه اختيار رئيس للجمهورية من "مباركة" او "تسمية" اقليمية ودولية لشخص ما، فهل يكون عقد جلسة الانتخاب قبل التوافق على اسم الرئيس ام ان الاطراف السياسية لن ترسل نوابها قبل ابرام الاتفاق النهائي حول الاستحقاق الرئاسي؟
ولكن لماذا يجب ان يكون دائما الرئيس في لبنان توافقيا؟ ألا يجعله ذلك دائما مقيدا لا قدرة له على حسم الامور واتخاذ المواقف الصلبة في كثير من الامور؟ وهل لذلك علاقة لانقسام المسيحيين بين فريقي 14 و 8 آذار؟ وماذا حول الرئيس القوي ومواصفاته؟ وأليس الاجدر ان يكون للبنان رئيسا قويا؟ وهل هذا متوفر وممكن في هذه الآونة؟ وما هي المعايير الحقيقية والواقعية التي تعتمد كي يسمى فلان رئيسا للجمهورية اللبنانية؟ هل العبرة بقوة هذا الاسم شعبيا؟ ام العبرة بعلاقات وتحالفاته الداخلية والخارجية؟ ام العبرة بتوافق الاطراف خارجيا وداخليا عليه؟
الصراع بين المرشحين قد يوصل الى الفراغ في سدة الرئاسة
وللاطلاع على اجواء الاستحقاق الرئاسي أفادتنا مصادر مطلعة ومعنية بهذا الاستحقاق ان "هناك سعيا جديا للوصول الى الانتخابات الرئاسية في لبنان ضمن المهلة الدستورية المحددة"، واضافت "لكن كما تسير الامور نحن نتجه الى صراع ديوك بين المرشحين مما قد يجعل مدة انتخاب الرئيس تطول وصولا الى الدخول في مرحلة الفراغ".
ولفتت المصادر الى ان "البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مصرّ على حصول الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري"، واضاف ان "التجارب اشارت سابقا الى ان بكركي تُسأل ولا يؤخذ برأيها في اكثر من استحقاق وليس فقط في استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية".
وحول الاسماء التي يتم تداولها كمرشحين للانتخابات الرئاسية، اعتبرت المصادر ان "احتمال وصول رئيس تكتل التغيير والاصلاح النيابي النائب العماد ميشال عون الى الرئاسة اكبر من احتمال وصول رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع"، وذلك لعدة اسباب أبرزها:
- ان خلف العماد عون هناك تكتل نيابي كبير بينما ليس لدى جعجع مثل هذا التكتل النيابي.
-وقوف كل "8 آذار" خلف العماد عون، بينما في فريق "14 آذار" هناك العديد من الاشخاص الذين يريدون الترشح للانتخابات الرئاسية كأمين الجميل وبطرس حرب وروبير غانم وربما غطّاس خوري الذي يطرح اسمه عند جوجلة الاسماء، وكل ذلك يضعف فرص جعجع بالوصول الى قصر بعبدا.
ورأت المصادر ان "طرح اسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لن يغير في رأي "14 آذار" باعتبار ان هذا الفريق يعتبر فرنجية والعماد عون في نفس الخانة وان لا فرق بين الرجلين خصوصا ان مواقف فرنجية معلنة بشكل واضح لا لبس فيها ولا تأويل".
وحول بعض الاسماء التي تطرح في الاعلام كأسماء توافقية، اشارت المصادر الى انه "بالنسبة لوصول قائد الجيش العماد جان قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة مستبعد لانه يتطلب تعديل المادة 49 من الدستور وهذا بحد ذاته قد يفتح الباب على العديد من الاشكاليات حيث سنجد بعض المرشحين الجدد الذين سيرغبون بخوض غمار الاستحقاق الرئاسي كالعديد من القضاة مثلا او ان ذلك قد يجعل رئيس الجمهورية ميشال سليمان يرغب بتعديل الدستور وصولا الى التمديد".
ورأت المصادر ان "طرح اي اسم في الاعلام هدفه حرقه ومنعه من الوصول الى قصر بعبدا كرئيس للبلاد"، وقالت إن "الفرن قد فتح لحرق الاسماء"، واعتبرت ان "المرشحين الجديين لم يظهروا بعد على الساحة وهم لا يتعدون عدد أصابع اليد الواحدة وهم سيظهرون في اللحظة المناسبة وليس الآن في الاعلام".
وحول المؤثر في بتسمية رئيس الجمهورية، قالت المصادر إنه "خلال مهلة الشهرين اي قبل 25 أيار المقبل القرار لبناني محض ولكن إن مرت هذه المهلة من دون حصول الانتخاب سيؤدي ذلك الى تدخل العديد من الدول بالاستحقاق على رأسها الولايات المتحدة الاميركية بالاضافة الى فرنسا ناهيك عن الرعاية السعودية الايرانية السورية"، ورأت ان "سوريا تمتلك قدرة وضع فيتو على اسم اي مرشح لذلك من المستبعد ان يصل رئيس للجمهورية في لبنان لا تريده سوريا".
وقالت المصادر "لدى اللبنانيين فرصة لاختيار رئيسهم بأنفسهم خلال مهلة الشهرين من دون انتظار كلمة السر الخارجية التي ستوصل حينها رئيسا توافقيا كما جرت العادة بعد اتفاق الطائف حيث يتطلب ذلك تسويات لتسمية رئيس للجمهورية"، واضافت "نأمل انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان حسب الآلية المنصوص عليها دستوريا ولكن هناك احتمال جدي وكبير ان يصل الرئيس برعاية اميركية ايرانية سعودية وبقبول سوري".
يبقى ان اللبنانيين الذي استبشروا خيرا في التوافق الذي حصل في الملف الحكومي وما تبعه من نيلها الثقة، يأملون ان تنجح الاطراف السياسية في انتخاب رئيس جديد للبلاد من دون اي تدخل خارجي ليكون رأس السلطة والساهر على حماية الدستور قد اختير بإرادة لبنانية بحتة، فهل سنشهد ارادة لبنانية جادة وصلبة في هذا المجال؟ هذا ما ستبينه الايام وربما الاسابيع القادمة.