الطاقة الحرارية الأرضية مصدر متجدد للطاقة النظيفة تنبع من باطن الأرض، حيث يُقدر أن أكثر من 99% من كتلة الكرة الأرضية عبارة عن صخور مصهورة تتجاوز حرارتها 1000 درجة مئوية، وأهم مصادرها الطاقة الحرارية..
الطاقة الحرارية الأرضية مصدر متجدد للطاقة النظيفة تنبع من باطن الأرض، حيث يُقدر أن أكثر من 99% من كتلة الكرة الأرضية عبارة عن صخور مصهورة تتجاوز حرارتها 1000 درجة مئوية، وأهم مصادرها الطاقة الحرارية المخزونة منذ تكوين الكرة الأرضية، والنشاط الإشعاعي في قلب الأرض، بالإضافة إلى الاحتكاك بين الصفائح التكتونية.
فراس أبو مصلح / جريدة الأخبار
يبلغ معدل الانسياب الحراري إلى سطح الأرض بين 50 و70 ميغاواط للمتر المربع كمعدل عالمي، مقارنة بـ342 واط للمتر المربع يعطيها الإشعاع الشمسي. استُغلت الطاقة الحرارية الأرضية من الينابيع الحارة الطبيعية منذ العصر الحجري القديم، وفي عام 2012 كانت 11،400 ميغاواط منها تغذي شبكات الطاقة في 24 دولة حول العالم.
انحصر استخدام هذه الطاقة تاريخياً في المناطق القريبة من حدود الصفائح التكتونية، لكن التطورات التكنولوجية الحديثة وسّعت نطاق استخدامها وحجمه كثيراً، حيث باتت تُستخدم حتى للتدفئة المنزلية. ربما كان الشكل الأكثر شيوعاً لاستخدام طاقة الأرض الحرارية هو بحفر أنابيب تُضخ عبرها الماء من السطح إلى عمق يراوح بين 150 متراً و5 كيلومترات في باطن الأرض، فيكتسب الماء الحرارة من الطبقات الأرضية العميقة، ليُعاد ضخه إلى الأعلى لاستغلاله لأغراض صناعية وللتدفئة وإنتاج الطاقة الكهربائية، كذلك يُستفاد من درجات الحرارة التي تراوح بين 10 و16 درجة مئوية على عمق نحو 6 أمتار في الأرض لتبريد المنشآت صيفاً.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها في لبنان، جهز مشروع كفاءة الطاقة المتجددة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية «سيدرو»، المبنى الجديد قيد الإنشاء لبلدية «بجّة» في قضاء جبيل بنظام مضخّات حرارية أرضية يوفّر احتياجات المبنى من تدفئة وتبريد ومياه ساخنة للاستعمال المنزلي، عبر وحدتَي ضخ تبلغ طاقة كل منهما نحو 30 كيلوواط حرارياً.
الطاقة 1000 مليون ميغاوات ساعة أو ما يوازي 70 ألف مرة حاجة لبنان السنوية
وفي إطار التعاون بين مشروع «سيدرو» ووزارة الطاقة والمياه، أعلن وزير الطاقة والمياه آرثور نظاريان، منذ أيام، أن وزارته قد تحققت من «إمكانية تطوير معظم مصادر الطاقة المتجددة، وأنجزت عدة دراسات كأطلس الرياح، واستراتيجية الطاقة البيولوجية، واستراتيجية الطاقة الكهرمائية، والطاقة الشمسية والطاقة المنتَجة من نفايات محطات تكرير المياه المبتذلة»، وذلك في حفل إطلاق دراسة «المسح الوطني للموارد الحرارية الأرضية في لبنان» بالتعاون مع UNDP-CEDRO، «انسجاماً مع ورقة سياسة قطاع الكهرباء التي أقرّت عام 2010، والتزام الدولة اللبنانية بجعل حصة الطاقات المتجددة 12% (من مجمل الطاقة المنتجة) عام 2020».
«تم مسح كمية الطاقة الحرارية الأرضية من خلال البيانات الجيولوجية والمائية والحرارية المتوافرة في لبنان، وقد طُوِّر نموذج جيولوجي وجيوحراري ذو أبعاد ثلاثة لاحتساب الحرارة في باطن الأرض على أعماق مختلفة»، وعُرضت نتائج هذه الدراسة في أطلس للطاقة الحرارية الأرضية، وأعلن نظاريان أن «من نتائج هذه الدراسة أن الطاقة المتوافرة هي 1000 مليون ميغاوات ساعة أو ما يوازي 70 ألف مرة حاجة لبنان السنوية للطاقة.
ورغم أن كمية ضئيلة من هذه الطاقة الكامنة يمكن استخراجها بنحو تجاري في وضع التطور التكنولوجي الحالي، إلا أن وفرة هذه الطاقة والتطور السريع في تقنيات الحفر تستلزم أن نبدأ العمل في هذا المجال من خلال إقامة الدراسات اللازمة».
«إن خطة منطقية لتطوير الطاقة الحرارية الأرضية في لبنان تقضي بإنتاج 6 ميغاوات ساعة في حلول سنة 2020، و30 ميغاوات ساعة في 2025، وهو ما يوازي محطة بقدرة 1.3 ميغاوات في 2020 وقدرة 6.5 ميغاوات في 2025، ما يشكّل 0.2% من حاجة لبنان في حينه»، قال نظاريان.
أنشئ مشروع «سيدرو» في تشرين الأوّل من عام 2007، على أن تستمرّ ولايته لمدّة خمس سنوات، أي إلى تشرين الأوّل من عام 2013. يعمل المشروع بفضل موازنة قيمتها 9,73 ملايين دولار أميركي يموّلها «الصندوق اللبناني للنهوض» بهبة إسبانية.
يهدف المشروع إلى تركيب نحو 180 تطبيقاً من التطبيقات الخاصّة بكفاءة الطاقة والطاقة المتجدّدة في المنشآت العامة في كل المناطق اللبنانية، وضمان نقل التكنولوجيا، وحضّ القطاع الخاص على الاستثمار في مختلف مصادر الطاقة المتجدّدة، والإسهام في خلق بيئة مواتية لاعتماد سياسة وطنية مستدامة في مجال الطاقة.
تشمل التطبيقات الخاصّة بكفاءة الطاقة والطاقة المتجدّدة، استخدام الطاقة الشمسية على نطاق واسع لتسخين المياه (بين 2000 ليتر و12 ألف ليتر) والنظم الكهربائية الضوئية للإنارة والأدوات الكهربائية (مدى النظم 1,2 – 2,7 كيلو واط ذروة) ومصابيح الإنارة الموفّرة للطاقة ومشاريع العزل الحراري (التعديل الرجعي) وتطبيقات إنارة الشوارع ذات كفاءة الطاقة ونظم الرياح الصغرية والمضخّات الحرارية الأرضية ونظم الطاقة المائية.