وفي مدينة رهط والبلدات والقرى العربية في النقب، وكذلك مناطق 48 المختلفة، ساد إضراب شامل وأغلقت المحال التجارية، وعطلت المدارس العربية، وذلك بهدف إيصال رسالة واضحة إلى إسرائيل: «نحن هنا باقون».
أحيا الفلسطينيون، أمس، ذكرى «يوم الأرض» الثامنة والثلاثين بفعاليات شعبية وتظاهرات مركزية في مدن الداخل الفلسطيني، فيما كان الحراك في الضفة الغربية متواضعاً مقارنة مع سنوات سابقة، واقتصر على زراعة أشجار وتظاهرات متواضعة شارك فيها عشرات.
أمجد سمحان / جريدة السفير
ويحيي الفلسطينيون «يوم الأرض» في 30 آذار من كلّ عام منذ 1976 عندما صادرت إسرائيل آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية الخاصة في مناطق الجليل وتحديدا في بلدة عرابة.
وعلى إثر ذلك نظم سكان هذه المناطق إضرابا شاملا للمرة الأولى منذ احتلالها في العام 1948 فردّ الاحتلال باقتحامها بالدبابات، ما أدى إلى مواجهات أسفرت عن ستة شهداء فلسطينيين ومئات الجرحى.
وفي بلدات سخنين وعرابة ودير حنا، في الجليل، وفي النقب أيضاً، انطلقت تظاهرات، أمس، شارك فيها الآلاف، ورفع المتظاهرون شعارات عديدة تخلّد ذكرى «يوم الأرض»، وتطالب بوقف السياسات الإسرائيلية التمييزية ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وفي مدينة رهط والبلدات والقرى العربية في النقب، وكذلك مناطق 48 المختلفة، ساد إضراب شامل وأغلقت المحال التجارية، وعطلت المدارس العربية، وذلك بهدف إيصال رسالة واضحة إلى إسرائيل: «نحن هنا باقون».
النائب طلب الصانع من النقب قال إن ذكرى «يوم الأرض» تمر في وقت تزداد الإجراءات التعسفية ضد الفلسطينيين في الداخل، داعيا إلى مقاطعة اقتصادية شاملة لكل المحال الإسرائيلية، لكي نوصل رسالة مفادها «هنا باقون مهما فعلتم، ومهما هدمتم، ومهما شردتم».
وفي الضفة الغربية فرقت قوات الاحتلال تظاهرات في مدن الخليل وجنين ورام الله والقدس الشرقية وخصوصا حي راس العامود وبلدة العيسوية وضواحيها، حيث تم اعتقال عشرات الشبان وأصيب عدد آخر بجروح وكدمات، فيما أحيت مدن أخرى الفعالية من خلال زراعة بعض الأشجار. ووصف شهود عيان أن التظاهرات التي خرجت في المدن الفلسطينية «كانت متواضعة ولم ترق إلى مستوى الحدث».
وفي رده على سؤال بخصوص تراجع الحراك الشعبي الفلسطيني في فعاليات «يوم الأرض»، قال المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني نمر حماد إنّ ما يجري يمثل «مرحلة يمر فيها الشعب الفلسطيني بحالة إحباط ناجمة عن الانقسام الفلسطيني، ويضع سؤالا مهمّا، حول مصير هذا الانقسام وضرورة أن ينتهي فورا».
وأكّد حماد أن الشعب الفلسطيني «حي وينبض بالحياة والثورة دائما، وإن كان هناك حالة إحباط حاليا فهي عابرة ولن تستمر».
في سياق منفصل، أطلقت منظمة التحرير الفلسطينية بالتعاون مع الحكومة الفلسطينية وعدد من مؤسسات المجتمع المدني حملة لمقاطعة بضائع المستوطنات الإسرائيلية ودعم المنتج الفلسطيني، تحت شعار «قاوم بغذائك».
وقال المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية ايهاب بسيسو إن هذه الحملة تأتي ضمن إستراتيجية وطنية بالشراكة مع كافة القطاعات ذات العلاقة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، من أجل تعزيز حضور المنتج الوطني، وفي ذات الوقت مقاطعة منتجات المستوطنات غير الشرعية المقامة على الأرض الفلسطينية.
وبحسب ما تشير إليه المعطيات الحكومية، والتي حصلت عليها «السفير»، فإن الإستراتيجية الفلسطينية لمقاومة منتجات المستوطنات والتي تستند في الأساس إلى ما بذلته الحكومات السابقة من جهود في هذا الإطار، ستوفر 50 ألف فرصة عمل جديدة بهدف تعزيز دعم المنتجات الوطنية والإقبال على استهلاكها. وتقول المعطيات ذاتها إن نحو نصف دخل المستوطنات الإسرائيلية سببه شراء منتجاتها من قبل الفلسطينيين، موضحة أن 500 مليون دولار هي قيمة مبيعات المستوطنات في السوق الفلسطيني.
وقال بسيسو «نريد أن نقضي على وجود بضائع المستوطنات ونفوت على الاحتلال (فرصة) أن يربح من شعبنا، ولا حل سوى بحملات مقاطعة على مستوى وطني لتحقيق هذه الغايات».
من جهته، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله أنّ هذه الحملة توازيها مساعي حكومية لحماية المنتجات والصناعات الفلسطينية، مشيرا إلى أن «كل 30 دولاراً يتم استهلاكها من منتجات المستوطنات، في حال تطبيق المقاطعة فعليا ستوفر فرصة عمل جديدة لمواطن فلسطيني».
وكانت حملة مماثلة أطلقت في وقت سابق في الأراضي الفلسطينية استهدفت بضائع المستوطنات التي تورد إلى السوق الفلسطينية. ويأتي ذلك بالتزامن مع حملة المقاطعة الدولية التي تنظمها مؤسسات أهلية فلسطينية وأجنبية لمقاطعة المستوطنات والاحتلال على مستوى العالم، خصوصا في أوروبا، عبر الضغط على البرلمانات والحكومات ومن خلال تنظيم الفعاليات المختلفة للحث على مقاطعة إسرائيل سياسيا وثقافيا واقتصاديا، وذلك ضمن خطوات للضغط عليها من أجل إنهاء احتلالها للأرض الفلسطينية.
وأوضح أحد أعضاء حملة المقاطعة مصطفى البرغوثي لـ«السفير» أن الحملة أدت حتى اليوم إلى انخفاض أرباح المستوطنات بنسبة 20 في المئة على الأقل وخسائر تزيد عن 150 مليون دولار.