21-11-2024 11:09 PM بتوقيت القدس المحتلة

أساطير من أجل "يهودية إسرائيل"

أساطير من أجل

كان الشيخ يجلس موثقا فيما كان اثنان من زملائي يضربانه ويطفئان على جسده سجائرهم الملتهبة. ارتددت للخلف وتقيأت وعدت خائفا لموقع الحراسة. بعد ساعة خرجت مركبة محملة بجثة الشيخ نحو نهر الأردن..

غولدا مائير"ليس هناك من شعب فلسطيني.. وليس الأمر كما لو أننا جئنا لنطردهم من ديارهم، والاستيلاء على بلادهم، إنهم لا وجود لهم". 

غولدا مائير، في العام 1969 في تصريح إلى جريدة الصنداي تايمز

القصة لم تبدأ من هنا، بدأت مع إعادة إحياء الأساطير اليهودية في التوارة وصهينتها، عندما قرر الإستكبار العالمي تجميع اليهود في بلد واحد في المشرق العربي تحديداً، للتخلص من عبأهم من جهة، وبهدف زرع بؤرة استيطانية استعمارية لهم في بلادنا من جهة أخرى. بدأت القصة منذ نشوء الحركة الصهيونيّة وعقدها العزم على إقامة وطن قومي لليهود في «أرض الميعاد»، أي في فلسطين، على حساب أهلها الأصليين، أي الشعب الفلسطيني. ومع أن إسرائيل رأت نفسها دولة يهوديّة وتمثل الشعب اليهودي في جميع أنحاء العالم، إلا أنها لم تطرح مطلب الاعتراف بها دولة «يهوديّة» شرطاً لأي اتفاق إلا أثناء انعقاد مؤتمر «أنابوليس» في أواخر العام 2007.

المطالبة اليوم بيهودية إسرائيل، يرجعنا إلى تلك الأسطورة التلمودية التي تقول "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، أو ما يمكن تسميته بأسطورة أخرى "أرض الميعاد"، وهي من الأساطير التي تعرض لها المفكر الفرنسي المسلم الراحل روجيه غارودي، في كتابه القديم "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية"، والذي صدر في العام 1996. من هنا نستعيد هذا الكتاب لمناسبته مع واقع الحال اليوم، في ظل تلك المطالبة بيهودية "إسرائيل". 

ولا تقتصر خطورة هذا الاعتراف على تزييف الماضي وما يعنيه ذلك من إقرار الفلسطيني بأنه كان على خطأ منذ البداية، وإنما في كونه يفتح الطريق واسعًا لإسقاط حق اللاجئين في العودة، وحق الشعب الفلسطيني في الداخل بأن يعيش حرًا ومتساوياً مع من اغتصب أرضه، كما يفتح الطريق لاستمرار نظام التمييز والفصل العنصري ولطرد من تبقى من فلسطينيين، بعد أن تكون قيادتهم قد اعترفت بأنهم غرباء ومحتلين وجاء اليهود لتحرير أرضهم منهم.

"لنسلك أعطي هذه الأرض"

يقول غارودي في كتابه إن الايديولوجية الصهيونية ترتكز على فرضية واهية بسيطة هي أنه جاء في سفر التكوين ما يلي "في ذلك اليوم بث الرب مع ابرام (إبراهيم) عهدا قائلا لنسلك أعطي هذه الارض من نهر مصر الى النهر الكبير( نهر الفرات). وهكذا فالزعماء الصهاينة حتى ولو كانوا ملحدين أعلنوا أن فلسطين أعطيت لهم من الرب. ولقد صرح بيجن في اوسلو – صحيفة دافار 12 ديسمبر 1978: " لقد وعدنا بهذه الأرض و لنا حق فيها .. إن أرض اسرائيل الكبرى ستعود الى شعب اسرائيل كلها و للابد" .

غلاف كتاب الأساطيرالمؤسسة للسياسة الإسرائيليةويأتي ناتان فينستوك في كتابه عن "الصهيونية ضد إسرائيل" فيشرح هذه المفارقة الظاهرة بقوله :"ولئن كانت الظلامية الحاخامية تنتصر في إسرائيل، فذلك لأن الصوفية الصهيونية لا تكون منسجمة، إلا بالاستناد إلى الديانة الموسوية، فإذ حذفت كلمة "الشعب المختار" وكلمة "الأرض الموعودة" فإن أساس الصهيونية ينهار. ولهذا فإن الأحزاب الدينية تستمد قوتها، بما يشبه المفارقة، من التواطؤ مع الصهاينة الربييين. غير ان الإنسجام الداخلي للبنية الصهيونية، فرض على قادتها تعزيز سلطة رجال الدين. والحزب الاشتراكي الديموقراطي أو الـ(mapai) الموجه من بن غوريون هو الذي فرض دروس الديانة في المدارس وليس الأحزاب الدينية". 

و"إذا كنا نملك التوارة، وكنا نعتبر أنفسنا كشعب التوارة، فإنه يجب أيضاً ان نملك الأرض التوارتية، أرض القضاة، والشيوخ، والقدس، والخليل وأريحا وأمكنة أخرى أيضاً". هذا تصريح لموشي دايان لجريدة الجيروزاليم بوست في العام 1967. ومما له عظيم الدلالة ان بن غوريون يشير إلى السابقة الأميركية التي بقيت فيها الحدود متموجة، حتى المحيط الهادي، وهناك أعلن "قفل الحدود" تبعا لنجاح الأميركيين في طرد الهنود الحمر وقتلهم، والإستيلاء على أراضيهم. وينقل غاردوي عن بن غوريون أنه يقول بكل وضوح :" إن القضية لا تتعلق بالإبقاء على الوضع الحالي، إن علينا ان نخلق دولة دينامية تتجه إلى التوسع". وهكذا يبرهن غارودي أن الممارسة السياسية تتطابق مع هذه النظرية الغربية، فهم يأخذون الأرض ويطردون سكانها، على نحو ما فعل يوشع خليفة النبي موسى (ع)، بحسب ادعائهم. وكان مناحيم بيغن الأشد تشرباً للتراث التوارتي، إذ يعلن :"إن أرض إسرائيل سترّد إلى شعب إسرائيل. الأرض كلها وإلى الأبد".         

أضف إلى ذلك، أن الأساطير والمقولات التي تزعم أن لهم حقاً في الأرض العربية، كما أبرزنا مقولة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" وأسطورة أرض الميعاد والعودة إلى صهيون ميراث أجدادهم، هو محرم على أي يهودي في العالم التفريط فيه لما في ذلك من مخالفة تستوجب غضب الرب الذي وعد إبراهيم ونسله في هذه الأرض، عندما خاطبه: "لنسلك أعطي هذه الأرض – لك أعطيتها ولنسلك إلى الأبد".

وإنكار الصهاينة لحق الفلسطينيين والعرب في الأراضي التي يحتلونها إذاً نابع من معتقد فكري يقوم على أساس ديني، يأمرهم باستعادة إرثهم السليب وتحرير هذه الأرض من العرب (المحتلين) وإعادة الرب وإسرائيل في صهيون (فلسطين التاريخية)، ففكرة اصطفاء الرب لهم جعلتهم غير متقبلين لوجود أحد غير اليهود على هذه الأرض، الأمر الذي يفرض عليهم وجوب إفراغ الأرض وترحيل من عليها.

فالتوراة أعطت اليهود- على حد ما يزعمون - خيارين متناقضين لاستعادة الأرض "... فإذا أنتم أفنيتم الشعوب تسكنون الأرض، أما إذا لم تبيدوهم تستبقون منهم أشواكاً في أعينكم مناخس في جنوبكم". فالمتتبع لتاريخ الصهاينة يجد أن القوة والبطش وارتكاب المجازر كانت إحدى أهم الوسائل التي استطاعت العصابات الصهيونية السيطرة بها على الأرض لتنفيذ مشروعهم وإقامة كيانهم المزعوم على أرض فلسطين. وسرعان ما تحولت هذه العصابات إلى ما يسمى الجيش الإسرائيلي الذي أُنزل لديهم منزلة الإله، فقد وصفه تسفي كوك أحد حاخاماتهم بقوله: "إن الجيش الإسرائيلي هو القداسة بعينها"، بل ذهب بن غوريون إلى أبعد من ذلك حين وصفه بأنه خير مفسر للتوراة ، لأن الجيش الإسرائيلي، برأيه، هو الذي سوف يرسم حدود الدولة القادمة وأن ما سيتم الاستيلاء عليه في المعارك سيبقى في أيديهم، والمكان الذي لن يصل إليه الجيش سيكون سببا في البكاء لأجيال. 

فالذهنية التوسعية للمشروع الصهيوني جعلته لا يضع حدوداً جغرافية لدولته الهادفة إلى استيعاب جميع يهود العالم في منطقة معينة وإقامة وطن قومي لهم وقد عبر عن ذلك أيضاً تيودور هرتزل في يومياته بقوله: "كلما زاد عدد المهاجرين اتسعت رقعة الأرض". لذا رأى قادة الكيان الصهيوني المتتالين على الحكم وجوب الاستيلاء على مساحات متزايدة من الأراضي تكفي لاستيعاب المهاجرين من جميع أنحاء العالم، فعملوا في سبيل تحقيق ذلك - إضافة إلى استخدام القوة العسكرية - على تطوير العديد من المؤسسات والجمعيات الاستيطانية القائمة منذ بداية مشروعهم، كشركة صندوق أراضي إسرائيل وإقامة المزيد منها بهدف إنقاذ الأرض من أيدي غير اليهود ونقلها إلى أيدي وملكية يهودية.

كيف ومتى أخترعت "أرض إسرائيل"؟!

في كتابه الجديد "كيف ومتى اخترعت "أرض إسرائيل"؟، يواصل الكشف عن حقائق حرص القادة الصهاينة على إخفائها، فيقول صراحة إنه لولا الأسطورة الإثنية الجغرافية ربما ما كان ينجح مشروعها. فهو يزعزع أسس مشروعها الاستيطاني في فلسطين ويبيّن كيف تمت عملية تزوير هوية المكان، في محاولة لاحتلال وعي اليهود والعالم والسطو على التاريخ بعد الجغرافيا. وبذلك ينطلق من فكرته الأساسية أن الصهيونية ممارسة استعمارية ولم تكن استمرارية لليهودية بل نفيا لها. 

"زند"، أستاذ للتاريخ في جامعة تل أبيب، يفرد مساحة مهمة من مقدمة الكتاب للحديث عن موقع الجامعة، ويستعرض كيف قامت على أنقاض قرية فلسطينية تم تهجيرها في النكبة في العام 1948، من ثم محو ذكراها بشكل منهجي كمثال مصغر لما فعلته الصهيونية في كل فلسطين. وقبل ذلك يروي بعض تفاصيل سيرته الشخصية، ويكشف من خلالها جرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين ووطنهم، لافتا إلى أن الذكريات تؤرقه وتعذبه.

ويبدأ حديث الذكريات بالعودة لفترة خدمته العسكرية كشاب انضم للجيش عشية حرب حزيران 1967، فيفضح عينة من جرائم الصهيونية وقتها: "في واحدة من ليالي سبتمبر/أيلول 1967 اعتقل شيخ فلسطيني بحوزته حقيبة مليئة بالدولارات، وفيما كانوا يحققون معه سمعت فجأة صراخا مرعبا فتقدمت نحو البناية، اعتليت صندوقا لأسترق النظر فتجلى أمامي مشهد مفزع. كان الشيخ يجلس موثقا فيما كان اثنان من زملائي يضربانه ويطفئان على جسده سجائرهم الملتهبة. ارتددت للخلف وتقيأت وعدت خائفا لموقع الحراسة. بعد ساعة خرجت مركبة محملة بجثة الشيخ نحو نهر الأردن.. وأبلغوني أنهم في طريقهم لإلقائها فيه".

وفي صلب الكتاب، وبخلاف الرواية الصهيونية، يؤكد المؤرخ "زند" أن حائط البراق في القدس لم يكن يوما "حائط المبكى"، منوها بأن "وكلاء الثقافة العلمانية" هم من شنوا حملة على التاريخ وعملوا على اختلاق التراث من جديد بواسطة ألبومات صور الانتصار. وبرأيه فإن "حائط المبكى" الذي تدعي الصهيونية أنه من بقايا الهيكل المذكور في المصادر التاريخية اليهودية، ليس سوى أثر من بقايا سور تاريخي وتسميته تنم عن تضليل، مشيرا إلى عدم إمكانية مقارنة أهميته بمكانة الأقصى المقدسة وطويلة الأمد.

عصابات الهاغاناة تطرد العرب من حيفا في العام 1948ويؤكد أن أسطورة "أرض الآباء" التي تصدعت قليلا في العام 48 نهضت من جديد في حرب 1967، وأن أغلبية اليهود يرون أنه من شأن أي انتقاد لاحتلالهم شرقي القدس والخليل وبيت لحم، أن يزعزع شرعية سيطرتهم السابقة على يافا وحيفا وعكا وغيرها من الأماكن في الأرض المحتلة في العام 1948 والأقل أهمية نسبيا من ناحية العلاقة الصهيونية بالماضي الأسطوري.

ويصيب بتفسيره رفض إسرائيل المبادرة العربية للسلام في 2002 لأنها تدرك جيدا أن ثمنها سيكون وداع "أرض إسرائيل" مع كل مواقعها التوراتية القديمة والاكتفاء بإسرائيل "صغيرة". وفي سياق تبيانه دوافع اختراع مصطلح "أرض إسرائيل"، يقول "زند" إنه في حال تم التسليم بـ"الحق التاريخي للعودة للوطن" فإن من الصعب منع تطبيق هذا الحق على لب هذا "الوطن القديم".

ويؤكد زند أنه لم يقبل يوما فكرة "الحقوق التاريخية لليهود في البلاد الموعودة" كشيء مفهوم ضمنا، مشددا أن "العودة الصهيونية" اختراع استهدف استمالة تأييد العالم الغربي خاصة المسيحي البروتستانتي، ويتابع "مثل هذا المشروع يعني بالضرورة مساسا بالسكان الأصليين المستضعفين، فالصهاينة لم يصلوا يافا كما هاجروا ملاحقين للندن أو نيويورك أي العيش بشراكة مع جيرانهم الجدد السكان القدامى، بل جاؤوا أصلا لإقامة دولة يهودية سيادية في فلسطين رغم الأغلبية العربية فيها ولم يكن ذلك ممكنا دون تهجيرها".

بعد سنوات من دراسة التاريخ ينفي "زند" وجود شعب يهودي تم إجلاؤه من فلسطين، ويقول إنه ليس صدفة أن اليهود اليمنيين يشبهون اليمنيين المسلمين ويقدم أمثلة مشابهة أخرى. ويؤكد الكاتب أن اليهود -ورغم أنف اللاساميين- لم يكونوا يوما عرقا إثنيا واحدا غريبا وصل من بعيد، إنما هم  جزء لا يتجزأ من سكان كل المواقع التي سكنوها قبل ظهور المسيحية والإسلام. ويرى أن الصهيونية لم تنجح ببناء وطن يهودي عالمي إنما فقط "أمة إسرائيلية" وهي، "لسوء الحظ"، تواصل التنكر لوجودها منوها بأن أغلبية اليهود ما زالوا يقيمون خارج إسرائيل. وإضافة إلى كل ذلك يستذكر الكاتب أن إغلاق الولايات المتحدة أبوابها أمام المهاجرين دفع اليهود في العقود الأولى من القرن العشرين للهجرة لفلسطين، ويتابع جازما "لولا تلك السياسة الأميركية لما قامت إسرائيل".

ويشير إلى أن اليهود مثلما لم يطردوا من فلسطين عنوة في القرن الأول فهم لم يعودوا بمحض إرادتهم لها، ورغم كونه مؤرخا مختصا بدراسة الماضي لا يتردد بالتنبؤ بالمستقبل، فيقول: أسطورة الطرد والعودة التي كانت ساخنة في القرن العشرين عقب اللاسامية الغرائزية من شأنها أن تبرد في القرن الحالي.. شريطة ألا تواصل إسرائيل فعل كل ما بوسعها لإيقاظ اليهودفوبيا وتخلق ذعرا جديدا".

ويوضح "زند" أن مصطلح "أرض إسرائيل" الذي لا يتطابق مع منطقة نفوذ إسرائيل يعني بالعبرية الأرض بين البحر وبين نهر الأردن، وفي الماضي غير البعيد شمل مناطق واسعة شرقي النهر. ويقول إن من لا يعايش اللغة العبرية يستصعب فهم وزن وأهمية المصطلح بالوعي الإسرائيلي، منوها بأنه يشكّل رمزا لغويا خطابيا يحتوي على كل فروع الإنتاج الثقافي من كتب التعليم حتى الأدب، منوها بمحاولة استبدال فلسطين بـ"أرض إسرائيل" بلغات أجنبية أيضا. على خلفية ذلك، يتابع زند "لا غرو أن الإسرائيليين مقتنعون بأن هذا المصطلح الاستحواذي الذي لا يدع شكا حول هوية وملكية البلاد هو مصطلح أبدي منذ حازوا على الوعد الإلهي".

لا وجود لليهود في فلسطين القديمةبالمقابل يشير إلى أن التاريخ يمكن أن يؤدي دورا ساخرا خاصة في مجال استحداث التقاليد اللغوية، وينوه بأن "أرض إسرائيل" في التوراة مثلا لم تشمل القدس وبيت لحم والخليل، إنما فقط السامرة. موضحا أنه بسبب انقسام اليهود وقتها بين مملكتي يهودا والسامرة لم يبتكر مصطلح جغرافي جامع، فبقيت التسمية الفرعونية للبلاد "أرض كنعان" هي السائدة في الكتب التوراتية.

كما يذكر أن المفهوم الجغرافي التوراتي للبلاد يتطابق مع شهادات أخرى من تلك الفترة القديمة، مشيرا إلى عدم وجود مصدر يحمل مصطلح "أرض إسرائيل" كمساحة جغرافية معروفة ومعترف بها. ويشير إلى أن مصطلح "أرض إسرائيل" كواحد من تسميات المكان الكثيرة في التقاليد اليهودية (الديار المقدسة، أرض كنعان، أرض صهيون... إلخ) قد كان في البداية اختراعا مسيحيا دينيا لا سياسيا. مرجحا أن المصطلح ظهر وقتها لأن المسيحيين الأوائل عرفوا أنفسهم كـ"أبناء إسرائيل" لا كيهود، ومن غير المستبعد أن تسمية "أرض إسرائيل" أدخلت للنص القديم في مرحلة متأخرة.

ويؤكد "زند" أن التسمية الدينية "أرض إسرائيل" تمت صياغتها وصقلها كمصطلح جيوسياسي واضح فقط في القرن العشرين. ويذكر أن الصهيونية الاستيطانية قد استلت المصطلح من التراث الديني بغية محو فلسطين كتسمية كانت مقبولة في العالم ولدى الجيل الأول من القيادات الصهيونية، وصاغته كرمز لملك حصري بلغة المستوطنين الجدد. ويتابع "هذه الهندسة اللغوية الناجحة التي كانت جزءا من بناء الذاكرة وشملت عبرنة أسماء مواقع البلاد أتاحت القفز المدهش عن الزمن اللايهودي الطويل للمكان. إن تسمية المكان باسم ملكية لا تشمل أغلبية السكان سهّلت رؤيتهم مؤقتين يقيمون على أرض ليست لهم: أرض بلا شعب طالما كرسّت لشعب بلا أرض".