يعطي المؤشر العربي لطاقة المستقبل ـ كفاءة الطاقة لعام 2013 تقييماً للتقدم الذي أحرزته الدول في مجال كفاءة الطاقة وفقاً لأربع محاور للتقييم هي: تسعير الطاقة، إطار السياسات، القدرات المؤسساتية ومرفق ...
حبيب معلوف / جريدة السفير
يعطي المؤشر العربي لطاقة المستقبل ـ كفاءة الطاقة لعام 2013 تقييماً للتقدم الذي أحرزته الدول في مجال كفاءة الطاقة وفقاً لأربع محاور للتقييم هي: تسعير الطاقة، إطار السياسات، القدرات المؤسساتية ومرفق الكهرباء. ولقد جرى تقييم الدول وفق هذه المحاور، باستخدام 24 مؤشراً كمياً ونوعياً.
اظهر المؤشر تميز تونس من بين دول المركز الثلاثة عشرة، بوجود إطار سياسات شامل في ما يتعلق بتحسين كفاءة الطاقة، إذ يتكون هذا الإطار من مجموعة واسعة من التدابير بما في ذلك الصكوك التنظيمية والضريبية والمالية، تغطي الكهرباء وأشكال أخرى من الطاقة، وتؤثر في كل القطاعات الاقتصادية: السكني، الخدمي، الصناعي، قطاع الكهرباء، الإضاءة، المباني والأجهزة المنزلية. وقد أثبتت تونس التزاماً واضحاً بالتحسن المستمر من خلال المتابعة والمراجعة والتعديل بشكل دوري، والتشديد على متطلبات كفاءة الطاقة. واكد المؤشر إن مفتاح نجاح تونس هو وجود هيئة مؤسساتية قوية ذات قيادة استراتيجية، إضافةً إلى تخصيص الموارد اللازمة بالتزامن مع وجود الموظفين الأكفَّاء.
المغرب والأردن في المركز الثاني
وتأتي المغرب والأردن في المركز الثاني، إلا ان أداء المغرب يعد أفضل وذلك نظراً لأسعار الكهرباء القائمة على أسعار السوق، وتسمح هذه النجاحات للمغرب بالتركيز على تطبيق سياسات كفاءة الطاقة بشكل تصاعدي، وحقق الأردن تقدماً كبيراً في العام الماضي من جراء تحسين إطاره التنظيمي، فقد اعتمد قانون الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، واللوائح التنفيذية، إضافةً إلى إلزام المباني الجديدة بتركيب سخانات المياه بالطاقة الشمسية، وتم وضع اللمسات الأخيرة على أول خطة عمل وطنية لكفاءة الطاقة. ويقوم الأردن الآن بتركيز الجهود على تعزيز القدرات التنفيذية من أجل الاستفادة بشكل صحيح من سياسات كفاءة الطاقة التي أدخلت حديثاً.
تأتي فلسطين في المرتبة التالية في ترتيب المؤشر، بأعلى أسعار للكهرباء في المنطقة، إضافةً إلى أعلى معدل لانتشار سخانات المياه بالطاقة الشمسية، وتفضي الأوضاع في فلسطين إلى اعتماد تدابير كفاءة الطاقة، مع وجود تحديات في نفس الوقت، فقد حققت فلسطين بداية جيدة من خلال تبني خطتها الوطنية الأولى لكفاءة الطاقة وإنشاء صندوق دوار لتمويل مشاريع كفاءة الطاقة، وينبغي أن تستمر في تطوير إطارها التنظيمي ومواصلة استكشاف الخيارات للتغلب على التحديات المتمثلة في تمويل مشاريع كفاءة الطاقة.
لبنان في منتصف الترتيب
الدول التي تقع في منتصف الترتيب هي الجزائر، لبنان، مصر، سوريا والبحرين. وتحتوي على أطر متماثلة لسياسات كفاءة الطاقة، وتتميز بأسعار كهرباء مدعومة بشكل كبير، وتواجه تحديات جمَّة في الإنفاذ والامتثال بالتالي يوصي المؤشر بأن يتم التركيز على الإصلاح الذكي لنظم تسعير الطاقة وإدخال المزيد من التعريفات التي تفصح عن التكلفة الحقيقية.
يذكر المؤشر وجود مركز متخصص ونَشِط في مجال كفاءة الطاقة في لبنان (المركز اللبناني لحفظ الطاقة )، حيث قام باستحداث خطط مالية ثبتت فعاليتها، علما: أن الحكومة اللبنانية أقرّت الخطة الوطنية لكفاءة الطاقة. بالرغم من ذلك يشير المؤشر الى وجود إجراءات غير منسقة بين مختلف أصحاب المصلحة من جهة، وبنية تسعير الطاقة المدعومة من جهة أخرى، وتشكل هذه العوامل تحديات لمزيد من التطوير التدريجي في كفاءة الطاقة، رغم أن موضوعي التسعير والتعرفة ليسا من محاور عمل المركز، لأن التعرفة مدعومة في لبنان أي «تعرفة اجتماعية»، وبالتالي أي رفع للتعرفة يساهم بشكل مباشر في حث المستهلكين على ترشيد الاستهلاك وضبط الهدر.
السودان من أوائل الدول التي تبنت خطة عمل وطنية لكفاءة الطاقة، وتضمنت عدداً من التدابير المهمة لتحسين كفاءة الطاقة في قطاع الكهرباء، ويقترح المؤشر على ان يتم التركيز الآن على تنفيذ هذه التدابير وبناء قاعدة للمتابعة والتقييم السليم.
لا يوجد لدى الدول الثلاث الباقية (اليمن وليبيا والعراق)، بحسب المؤشر، أطر سياسات في مجال كفاءة الطاقة، وتتصف القدرات المؤسساتية فيها بالضعف، وتتسم كذلك بالهدر في إنتاج الكهرباء وفي شبكات النقل والتوزيع وتحتاج هذه البلدان إلى التركيز على الأولويات ومنها تخطيط الطاقة وتعبئة الجهود، كونها بدأت في اتخاذ تدابير لكفاءة الطاقة.
تسعير الطاقة
على الرغم من الأدوار المتفاوتة التي تلعبها المعوقات، إلا ان أسعار الطاقة المدعومة، كثيراً ما تستحق اهتماماً خاصاً من صنَّاع القرار، خلافاً لغيرها من المعوقات، إذ يشكل دعم الطاقة عقبة أساسية أمام كفاءة الطاقة. فوجود الدعم يقوض ويعيق فعالية الجهود الرامية إلى تحسين كفاءة الطاقة، ويوصي المؤشر الحكومات، عند دعم أسعار الطاقة، نشر الموارد التي من شأنها تعزيز كفاءة الطاقة.
إطار السياسات
يشمل المؤشر العربي لطاقة المستقبل ـ كفاءة الطاقة، دول متقدمة بشكل واسع النطاق في أطر سياساتها ودول أخرى أطر سياساتها شبه معدومة، ويكشف التقييم عن عدم وجود اتساق بين مختلف السياسات، فعلى سبيل المثال لدى جميع الدول تقريباً سياسة لتوزيع أجهزة الإضاءة الموفرة للطاقة بتكاليف مخفضة، في حين أن الرسوم الجمركية على هذه الأجهزة لا تزال مرتفعة، وعليه فإن هاتين السياستَين لا تكمل إحداهما الأخرى وبصفة عامة تحتاج الدول إلى النظر في إجمالي نتائج السياسات التي تختارها.
ويبدو أن القطاع الصناعي في المنطقة هو الأقل تنظيماً، حيث ان ثلاث دول فقط من دول المركز الثلاثة عشر لديها تشريعات لتشجيع كفاءة الطاقة في القطاع الصناعي، إحدى هذه الدول الثلاث لديها إطار تنظيمي فعال لكفاءة الطاقة، ويقدم القطاع الصناعي فرصاً وفيرةً لتحسين كفاءة الطاقة، وذلك لأنه يشكل نسبياً عدداً قليلاً من المستهلكين، وفي نفس الوقت يمثل جزءاً كبيراً من الاقتصاد، ومن الحكمة إيلاء المزيد من الإهتمام بهذا القطاع.
القدرات المؤسساتية
إن القدرات المؤسساتية في المنطقة ككل ضعيفة إلى حد ما، باستثناء تونس، وتفتقر جميع البلدان تقريباً إلى التنفيذ، مما يهدد بشكل جدي فعالية سياسات كفاءة الطاقة، وتقوم تونس بتنفيذ تدابير كفاءة الطاقة بشكل ناجح نسبياً ويعزى ذلك إلى وجود وكالة متخصصة بكفاءة الطاقة.
إن ما يقرب من نصف دول المركز قد وضعت خطط عمل وطنية لكفاءة الطاقة، وكان لبنان الدولة العربية الأولى التي اعتمدت فيها الحكومة اللبنانية هذا الخطة. اعتمدت هذه الدول أهدافاً محددة لهذه الخطط، ومع ذلك لا يوجد لدى جميع الدول ما يكفي من الموارد لتحقيق هذه الأهداف المعتمدة وتحتاج هذه الدول إلى تخصيص موارد كافية لضمان التنفيذ الفعال وبناء القدرات المؤسساتية القوية.
مرفق الكهرباء
لدى جميع دول المركز إمكانات واسعة النطاق في مجال كفاءة الطاقة في قطاع الكهرباء، إلا انها غير مُستغلَّة، وتبقى كفاءة إنتاج الطاقة الكهربائية ونقلها وتوزيعها منخفضة نسبياً بالمقارنة مع متوسط الكفاءة في الاتحاد الأوروبي، ولا تستخدم دول المنطقة المصادر الكبيرة المتوفرة للطاقة المتجددة والتي يمكن إذا ما تم استغلالها بشكلٍ أمثل، أن تؤدي إلى زيادة أمن الطاقة وتحسين الأداء البيئي، وينبغي على الدول أن تحذو حذو كل من فلسطين والسودان من خلال وضع أهداف واضحة لتحسين كفاءة الطاقة في مرفق الكهرباء.