26-11-2024 04:27 PM بتوقيت القدس المحتلة

إعلام المعارضة السورية: الجهاديون تسلموا الدفة

إعلام المعارضة السورية: الجهاديون تسلموا الدفة

ظهرت عشرات الصفحات المعنيّة بتغطية الأحداث، بطابع محلي ومناطقي، لتنتهي بشبكات تقوم بتغطية الأحداث على مستوى «الحارة». وذلك ما يعدّ انعكاساً لحالة التشرذم التي تعيشها الفصائل المسلَّحة على الأرض

إعلام المعارضة السورية: الجهاديون تسلموا الدفةتزامنت الأزمة السوريّة مع فورة إعلاميّة، كان للمعارضة الحصّة الأكبر فيها، مع انفتاح وسائل الإعلام العربية والعالمية، على ناشطين وصحافيين سوريين. ومع مرور السنوات الثلاث الماضية، تحوّل بعض أولئك الناشطين من «شهود عيان» إلى «مصادر موثوقة»، و«ناطقين رسميين». إلا أنّهم بدأوا يختفون تدريجياً عن الساحة، وسط تشرذم في تغطية وسائل الإعلام، وتسلّم الجهاديين بصفحاتهم ومواقعهم الراية الإعلامية. فأين اختفى الناشطون؟.

علاء حلبي/ جريدة السفير

يشرح ناشط معارض من حلب، يرفض الكشف عن اسمه، الوضع المستجدّ لـ«السفير». يقول الرجل المقيم حالياً في تركيا، إنّ معظم الناشطين الذين عملوا في مجال التغطية الإعلاميّة بداية الأحداث، خرجوا تدريجياً من سوريا، بعضهم حصل على لجوء في أوروبا، وآخرون يعيشون في تركيا، بعدما جمعوا ثروة لا بأس بها خلال عملهم في الميدان، تاركين الساحة للجهاديين.

ويضيف الناشط، الذي يقتصر «نشاطه» في الوقت الحالي على مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ بداية الأزمة في سوريا شهدت تدفقاً لأموال ومعدّات من الخارج، لدعم عمليّة نقل مجريات الأحداث، تزامناً مع تشكل مجموعة نوى لفصائل مسلحة. ذلك ما فتح الباب أمام استثمار من نوع جديد، وهو إنشاء «مراكز إعلامية»، تعمل على إنتاج تقارير يوميّة، مدفوعة التكاليف من تلك الفصائل.

كما كانت وسائل الإعلام التي تبث تلك التقارير بدفع تكاليف أخرى، ما يعني وجود موردين من المال في الوقت ذاته، بحسب تعبير الناشط. ويضيف: «كانت الفصائل المسلحة في بدايتها تحتاج لبناء اسم لها، وترويجه في الأوساط الخليجية، من أجل الحصول على أموال إضافية. وكانت تلك المراكز الإعلامية تحصل على مبالغ مالية دورياً، مقابل إنتاج وثائقيّات أو تقارير عن نشاط الفصائل والترويج لها في وسائل الإعلام الخليجية، والأجنبية. كما عملت تلك المراكز نفسها على تسهيل حركة الإعلاميين الأجانب وتأمين سكن لهم، مقابل أجر ساهم بدوره في تشكيل ثروة بعض الناشطين».

مع اتساع رقعة النشاط المسلَّح، صارت الفصائل تتخلّى تدريجياً عن مراكزها الإعلامية، ما أجبر عدداً من الناشطين على ترك العمل الإعلامي، والالتحاق بفصائل يتحكّم فيها متشدّدون. يتابع الناشط: «مع ارتفاع وتيرة المعارك واشتدادها، بدأ الناشطون الإعلاميون يخرجون من سوريا تدريجياً، وتمكّن بعضهم من الالتحاق بوسائل إعلام عربية، والعمل في عواصم خليجية، فيما التحق بعضهم الآخر بصفوف الجهاديين، وذاب في بوتقتهم وانقطعت أخباره، فيما تعرّض آخرون للاعتقال، أو الملاحقة».

من اعلام الجهادينن في سورياانعكس ذلك التحوّل على طريقة متابعة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي للأحداث في سوريا. فمع بداية الأحداث ظهرت مجموعة من المواقع والصفحات المختصة بالشأن الميداني، تمحور معظمها حول صفحة وحيدة كبرى هي «الثورة السورية ضد بشار الأسد»، وعدة شبكات إعلامية داعمة.

ولكن، مع مرور الوقت، بدأت تلك الصفحات بالتكاثر، والتشرذم، والتخصُّص. هكذا، ظهرت عشرات الصفحات المعنيّة بتغطية الأحداث، بطابع محلي ومناطقي، لتنتهي بشبكات تقوم بتغطية الأحداث على مستوى «الحارة». وذلك ما يعدّ انعكاساً لحالة التشرذم التي تعيشها الفصائل المسلَّحة على الأرض، وقياديي المعارضة على منابر السياسة.

وأمام حالة التشرذم تلك، باتت الصفحات «الجهادية» مصدراً لأخبار الفصائل المقاتلة. يقول الناشط: «تحوّل الصحافيون العاملون في وسائل الإعلام المعارضة إلى مجرّد راصدين لصفحات الجهاديين، يستقون منها الأخبار، حتى صارت المنبع الرئيسي لأخبار النشاط المسلح المعارض في سوريا الآن».

مع اندلاع الاشتباكات على الجبهات الشمالية الممتدة إلى تركيا، سواء في حلب، أو في ريف اللاذقية الشمالي (كسب)، يظهر جلياً عجز الناشطين الإعلاميين السوريين عن متابعة الحدث. وحدها «الصفحات الجهادية» تنقل الأخبار، وتبث تسجيلات مصوَّرة لقيادييها وهم يخوضون المعارك. شريط مسجَّل من «النقطة 45» (وهي نقطة إستراتيجية في ريف اللاذقية)، يكشف بدوره أن القيادة الآن باتت بيد «الجهاديين الشيشان».

فالرجل الشيشاني ذو اللحية الحمراء يدير المعركة، ويتحدّث بلغته الأم عن سير المعارك وخطته المستقبلية. كذلك الحال بالنسبة لجبهة حلب، التي يديرها أيضاً مقاتلون من الشيشان. وتبثّ صفحات «جهادية» شيشانيّة آخر تطورات الأحداث في تلك المنطقة، أمام عجز «الناشطين» السوريين حتى عن ترجمة ما يقوله أولئك «القياديون».