27-11-2024 01:55 PM بتوقيت القدس المحتلة

لم يبق للاسد غير التنازل عن مقعد سورية في الجامعة واعلان الانسحاب منها

لم يبق للاسد غير التنازل عن مقعد سورية في الجامعة واعلان الانسحاب منها

بات من المتعارف عليه هذه الايام انه كلما افلست جامعة الدول العربية، وشعرت بانحسار الاضواء عنها والاهتمام بها، لجأت مجددا الى الملف السوري الذي دمر مصداقيتها، او ما تبقى منها

لم يبق للاسد غير التنازل عن مقعد سورية في الجامعة واعلان الانسحاب منها ولعباس التنازل عن مقعد فلسطين لنتنياهو.. فهذه جامعة لا تستحق اسمها وباتت فرعا لحلف “الناتو”

 
عبد الباري عطوان

بات من المتعارف عليه هذه الايام انه كلما افلست جامعة الدول العربية، وشعرت بانحسار الاضواء عنها والاهتمام بها، لجأت مجددا الى الملف السوري الذي دمر مصداقيتها، او ما تبقى منها، واظهر عجزها التام، بل وتحولها الى اداة لتخريب الامة العربية و”تشريع″ حالة الفوضى الدموية السائدة حاليا.

نقول هذا الكلام بمناسبة اعلان السيد نبيل العربي امينها العام يوم امس عن عقد اجتماع طاريء يوم الاربعاء المقبل لبحث نقل المقعد السوري في الجامعة الى الائتلاف السوري المعارض.

فاذا كانت القمة العربية التي انعقدت في الكويت قبل اسبوعين فشلت في حل هذه “المعضلة”، مثلما حقق وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا للتحضير لها الفشل ذاته عن جدارة، فما هي فائدة الاجتماع المقبل، وما هو الجديد الذي طرأ حتى يعاود وزراء الخارجية الاجتماع لبحث قضية “المقعد” الشاغر مجددا؟ هل تغيرت موازين القوى على الارض، وهل انهار النظام السوري دون ان نعرف، ام ان المعارضة باتت موحدة كلها بعلمانييها واسلامييها تحت راية الائتلاف؟

من المؤكد ان هؤلاء الوزراء عاطلون عن العمل، لا يجدون شيئا يفعلونه هذه الايام غير الانشغال بالمقعد السوري، في وقت تستمر فيه عمليات القتل وسفك الدماء وتشريد مئات الالآف من ابناء الشعب السوري، وبعد ان ادارت كل من روسيا وامريكا واوروبا ظهورها للعرب وانشغلت بالازمة الاوكرانية.

اسرائيل تقتحم المسجد الاقصى، وتخطط لبناء كنيس يهودي في باحته، وتطرح مناقصات لبناء آلاف الوحدات السكنية في القدس المحتلة، وترفض الافراج عن الاسرى الفلسطينيين، ومع ذلك يعود وزراء الخارجية الى قضية “المقعد” مرة اخرى، ويعقدون اجتماعا طارئا لبحثها، ويناقشون في المعية طلب الرئيس محمود عباس لبحث فشل مفاوضاته مع الاسرائيليين.

الشعوب العربية ملت من هذه الاسطوانة المشروخة، مثلما ملت من رؤية وزراء الخارجية العرب وبزاتهم الباذخة، وسيجار بعضهم الكوبي الفاخر، وهم يدخلون الى مقر الاجتماع على راس رهط كبير من التابعين يبتسمون لبعض عدسات التلفزة التي ما زالت تعتقد انهم مهمون، وان هناك من يريد الاستماع اليهم.

لو كنت مكان النظام السوري لما تنازلت فقط عن هذا المقعد، وانما عن كل الجامعة العربية ومقاعدها، واعلنت انسحابي الكامل منها غير مأسوف عليها، ولوكنت مكان المعارضة لرفضت هذا المقعد ايضا، لانها جامعة لم تعد تستحق شرف العضوية فيها بعد ان تحولت الى ادارة صغيرة تابعة لوزارة الخارجية الامريكية، واحد فروع حلف “الناتو”.

هذه الجامعة لا تستحق اسمها منذ ان قدمت الغطاء للتدخل العسكري في ليبيا في عهد امينها العام السابق عمرو موسى، وتوسلت الى الادارة الامريكية لتكرار الخطيئة نفسها والتدخل عسكريا في سورية على غرار ما فعلت في العراق، وهو ما لا تريد قعله لانها لم تعد مستعدة لتحمل مقتل جندي امريكي واحد من اجل العرب.

نشعر بالاسف لان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ما زال يثق بهذه الجامعة بطلبه عقد اجتماع غير عادي لها على مستوى وزراء الخارجية لبحث “المستجدات” في ضوء رفض اسرائيل الافراج عن الدفعة الرابعة من الاسرى الفلسطينيين، فماذا ستفعل له الجامعة، وماذا سيقدم له وزراء الخارجية العرب غير منبر للبكاء والعويل على اطلال القضيىة الفلسطينية، وذرف الدموع من جراء الانحياز الامريكي لاسرائيل، وكأن هذا الانحياز مفاجئا.

الشيء الوحيد الذي لم يطالب به الرئيس عباس حتى الآن هو التنازل عن مقعد فلسطين في هذه الجامعة لبنيامين نتنياهو، والعودة الى رام الله وحل السلطة واعتزال العمل السياسي اعترافا بالفشل، فنتنياهو سيجد نفسه وسط اهله وربعه في الجامعة العربية، وسيضع حدا للاتصالات السرية الجارية منذ سنوات مع هؤلاء او معظمهم، لتكوين جبهة واحدة لضرب ايران وسورية واي دولة عربية اخرى تتحدث عن الوطنية والثوابت وتتجرأ على وصف اسرائيل بالعدو.

لا شيء مستغربا او مستبعدا هذه الايام، فبعد ان كان العرب يهتمون بقضايا مركزية مصيرية باتوا يهتمون بمقاعد والوان الاعلام التي سترفع عليها، ويتشاجرون حولها ويختلفون.


http://www.raialyoum.com/?p=70666

 

     موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه