26-11-2024 04:20 PM بتوقيت القدس المحتلة

الفن أقوى من السلاح أثبتته سواعد وجدران

الفن أقوى من السلاح أثبتته سواعد وجدران

ليست مواد ذات أهمية، والمعروف أن مكانها الأخير أو الوحيد في مكبات النفايات، أو معامل تكرير المواد التالفة في أحسن أحوالها،لكن ثمة أذهان أدخلتها موسعة غينس العالمية،بطريقة لم تتعدى إدخال الحس الإنساني

خليل موسى - دمشق



ليست مواد ذات أهمية، والمعروف أن مكانها الأخير أو الوحيد في مكبات النفايات، أو معامل تكرير المواد التالفة في أحسن أحوالها،لكن ثمة أذهان أدخلتها موسوعة غينس العالمية،بطريقة لم تتعد إدخال الحس الإنساني المرهف في تحدي الموت لإحياء العين البشرية على الجماليات المتبقية في الحياة.

قطع من بقايا السراميك المحطم مجلوبة من المعامل والورش مرمية على أطراف الطريق بانتظار من يشحنها إلى مكبها الأخير، محطَّمات زجاج ومرايا وأدوات منزلية لم تعد ذات اهمية، زجاجات شراب فارغة مأتي بها من صناديق القمامة في المطاعم،وأدوات اخرى تالفة أيضا تم تكرارها بطريقة فنية راقية دون معالجة صناعية، حولتها أيدٍ لا تعرف إلا مسك الريشة والقلم من أشياء تؤذي الناظر والبيئة إلى لوحة تحاكي النظر فتسعده، لتستحق بجدارة مكانها في صفحات الموسوعة العالمية.

موقع المنار الإلكتروني زار مكان اللوحة الجدارية، التقى الفنان التشكيلي موفق مخول المشرف على خمسة آخرين من زملائه الفنانين،إضافة لعدد من المتطوعين والمساعدين لهم، حدثنا عن العمل وما يمثله بالنسبة لهم،فكان رأيه أن الهدف من هذا العمل هو إثبات أن "الفن أقوى من الحرب"، أشخاص تطوعوا لنقل رسالة فحواها "أن الشعب السوري يحب الحياة، شعب مبدع،حضاري، وليس دموياً كما يبث قسم من الإعلام في الخارج"،ليفرغ مخول وزملائه من رسالتهم الخارجية وينتقل بحديثه نحو الداخل في بلاده، مقدما لشعبه الابتسامة والفرح ومخاطبا الآخر بأن السلاح لا ينتصر بعمره, فكما يؤمن موفق، "الفن وحده من ينتصر إلى جانب الحب"،مؤكدا أن بناء الاوطان لا يكون إلا بالحب والجمال، داعيا جميع المبدعين والفنانين ليقدموا شيئا لوطنهم في ظل أزمته الكبيرة التي انعكست سلبا على نفسيات وحياة مواطنيه.

هدفٌ سامٍ يطمح له منفذو العمل، هو التثقيف الفني وإجراء حوار بصري بين الإنسان واللوحة "فالتشكيلي لم يعد مجرد لوحة على جدار. بل أصبح نوعا من الفن الحديث"، وهذا ما أجزمت به، المجموعة المسؤولة عن غينس القياسية حين رأت ما قدمت له شهادة بأنه أهم عمل من هذا النموذج في العالم, لتدخل سورية في مجالها هذا أوسع أبواب التألق بحصولها على الرقم القياسي الأكبر في لوحة جدارية ومصنوعة من المواد التالفة.

لوحة جدارية هي الاكبر في العالم، بمساحة 270 مترا مربعا، منفذة على جدار أحد المدارس الدمشقية، تحديدا في حي المزة،ألونها انعكاس للجمال الذي كان عبارة عن بقايا بيئة لا قيمة له، وهذا الفن البصري التشكيلي الحديث هو المعتمد في العمل المتألق هذا ليساعد في الموضوع تقبّل المواطنين للفكرة ما جعلهم يجلبون ما لديهم من أشياء يمكن أن يقدموها وتحمل من ذكريات إنسانية ما يكفي لتشارك في عمل فني كهذا.

التكلفة خيالية أيضا في انخفاضها أمام هذه القيمة الجمالية، ماديا كلفت ما يقارب ال200 الف ليرة سورية فقط حسب ما اطلعنا مشرف الورشة الفنية، لتكون خطوة لنية البداية بانطلاق هكذا مشروع يشمل أغلب شوارع دمشق لتُكسى بشوارع الفن الشرقي المعاصر، خاصة بعد ما تلقته الفكرة من استحسان المارين، حيث يراها يوميا اكثر من 200 ألف شخص خلال مرورهم من طريق المزة، والظروف لن تكون عائقا أمام من نفذ عملا ضخما كهذا بمدة قاربت الستة أشهر فقط. 

نعم الحرب ما زالت مستمرة، والموت مازالت تفوح منه رائحة الدمار، لكن بأيدٍ تؤمن تماما بأن الحياة أقوى والجمال أقوى من الموت، باركت عملها ليكون نجاحها انتصارا من نوع مختلف على طريقة تقليدية لإنهاء الحياة، وطريقة أخرى اخرى مستجدة بتكفيرها العبثي، فكانت رسالة داخلية وخارجية، أثبتت موسوعة غينس العالمية نجاحها.