لم يعد قرار السفر إلى المريخ مجرّد مزحة يطلقها البعض ليعبروا عن نيتهم في هجرة عالمنا، والانتقال للعيش في كوكب آخر. لم يعد الكوكب الأحمر بعيد المنال، بالنسبة للمؤسسة الهولنديّة «مارس وان»، والتي تعتزم
لم يعد قرار السفر إلى المريخ مجرّد مزحة يطلقها البعض ليعبروا عن نيتهم في هجرة عالمنا، والانتقال للعيش في كوكب آخر. لم يعد الكوكب الأحمر بعيد المنال، بالنسبة للمؤسسة الهولنديّة «مارس وان»، والتي تعتزم بناء مستوطنة بشرية على سطحه، بحلول العام 2025. ويقود مشروع هذه الرحلة الفضائية الخاصة، رجل أعمال هولندي يدعى باس لانسدروب، أعلن عن المشروع في أيار العام 2012، وراح يجمع التبرعات لجعل الفكرة قابلة للتنفيذ.
زينة برجاوي / جريدة السفير
قد يكون تطبيق الفكرة صعباً من الناحية العلميّة، لكنّ «مارس وان» تفتح على موقعها الالكتروني، أبواب المشاركة للهجرة إلى المريخ. يثير الخبر جدلاً واسعاً عالمياً وعربياً، ويحظى باهتمام إعلامي كبير. فحتى الساعة هناك أكثر من مئة ألف متطوع ينوي المشاركة وهم من 107 بلدان، من بينهم عدّة عرب.
على موقعها الالكتروني تشرح المنظمة عن أهداف برنامجها، وتنشر جميع أخباره على مدار الساعة. هنا، تعرّف عن نفسها بأنها «غير ربحية»، مؤكدة أنّ «العيش على سطح المريخ لم يعد صعباً بعد اليوم في ظل انتشار التكنولوجيا». وأوضحت المنظمة أنها في البداية ستبدأ برحلات تنقل شحنات، تتبعها رحلات غير مأهولة بالبشر، ومن ثم رحلات مأهولة. في نيسان العام الماضي، بدأت رحلة البحث عن رواد فضاء مستعدين للمشاركة في تلك الرحلة، فسجّل أكثر من 78 ألف رائد اسمه على الموقع في الأسابيع الأولى من إطلاق المشروع. ويتصدّر الأميركيون والصينيون لائحة المشتركين في الرحلة التي خصّصت لها الشركة ميزانية تبلغ حوالي 6 مليارات دولار. ومن المقرر أن يتم في العام المقبل اختيار 40 شخصاً من بين المتقدمين، ومن ثم يتم تقسيمهم إلى مجموعات تدخل في منافسة ضمن برنامج تلفزيوني، تخصص عوائده لدعم الرحلة. وسيتولّى المشاهدون اختيار ثمانية أشخاص، أربع نساء وأربعة رجال، للذهاب إلى المريخ، حيث سيخضع هؤلاء إلى تدريبات مكثفة لمدة سبع سنوات. ولاحقاً، سيتمّ توثيق كل خطوة من خطوات رحلة الطاقم في سلسلة من حلقات تلفزيون الواقع.
على صفحة المشروع على «فايسبوك»، يعرب كثر عن حماستهم تجاه الفكرة. كما انطلقت الأفلام الترويجية للبرنامج، وتتضمّن مشاهد افتراضية عن العيش في كوكب المريخ. وقام بعض المتنافسين بتحميل مقاطع فيديو يشرحون فيها الأسباب التي تحثّهم على المشاركة في البرنامج. يقول أحدهم: «بمجرد ذهابك، فأنت تقنياً ميت هنا على الأرض، وأنا راض بذلك». فيما يعتبر آخر «أن الذهاب إلى المريخ سيمنحني هدفا آخر للحياة».
ربما اتخذ أولئك المغامرون قراراً صائباً بهجرة الأرض، والعيش في كوكب آخر. بين المتطوعين العرب، هناك سعودي لا ينوي خوض المغامرة بمفرده، بل يسأل عن إمكانية اصطحاب قطته معه ويقول: «إننا نسمع دائماً عن غزو الفضاء، لكنّ الوقت حان ليسافر أحدهم إلى مكان لم يصل إليه أحد بعد».
في المقابل، تلقى البرنامج هجوماً من الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في دولة الإمارات العربية المتحدة التي أصدرت فتوى اعتبرت فيها أنّ «مثل هذه الرحلة ذات الاتجاه الواحد تشكل خطراً على الحياة، ولا يمكن مطلقاً إيجاد مبرر لها في الإسلام، فهناك احتمال ألا يكون الإنسان المسافر إلى كوكب المريخ قادراً على البقاء على قيد الحياة، ويكون معرضاً للموت». وختمت الهيئة بـ«أن رواد الفضاء سينتهون بالموت من دون مبرر حقيقي، وسيواجهون في الحياة الآخرة العقوبة نفسها التي سيواجهها من يُقدم على الانتحار».
يبدو أنّ الراغبين بالمشاركة، لا يأبهون لفكرة الموت أو العقاب. لكن هل ستكون مهمتهم قابلة للتنفيذ، من الناحية التقنية؟ ربما يكون الهدف من المؤسسة جمع تبرّعات لإجراء اختبارات علميّة على احتمال بناء حياة على المريخ، من دون أن يعني ذلك الذهاب في تلك الرحلة حتى النهاية. ولكن، من يدري، قد يقدّم العلم حلولاً سحريّة لذلك في السنوات العشر المقبلة. الأكيد أنّ البرنامج التلفزيوني الخاص بالحملة، سيجذب الكثير من الاهتمام، حول العالم.