خذوا حذركم وانتم تستعدون لشد الرحال بعيدا عنا سواء اتجهتم الى الشرق الادنى كما هي استراتيجيتكم المعلنة عبر تشاك هيغل، او كما تلعب بكم بعض ايادي الصهيونية العالمية من خلال اللعب بالنار مع الدب الروسي
في فلسفة الحوار والمواجهة مع الامريكيين من جانب الدولة والنظام الاسلامي الحاكم في ايران ثمة كلام كثير وثمة ملفات عديدة قابلة للنقاش والتأمل والاخذ والرد بين متحمس لهذا وآخر متحمس لذاك، وكثيرا ما يتم الخلط بين التكتيك والاستراتيجية وكثيرا ما يتم الذهاب بعيدا عن واقع الحال الايراني وواقع الحال الامريكي وغالبا ما يذهب المحللون الى رغائبهم وامنياتهم اكثر من دراسة الحقائق والوقائع على الارض والبناء عليها.
محمد صادق الحسيني/ جريدة القدس العربي
المجال لن يتسع البتة في مقالة واحدة لتناول كل ذلك الكم الكبير وسنكتفي فعليا بأمور اساسية هي بمثابة عناوين لا تقبل التأويل لمن يريد معرفة اتجاه الرياح او المنحى العام الذي تتجه اليه اشكالية الصراع والحوار بين ايران وامريكا.
اولا: على عكس ما يتصور الكثيرون ومنهم المنظر الاستخباراتي الامريكي جورج فريدمان بان الايديولوجيا لا تلعب دورا كبيرا في العلاقات بين الدول، وكما كان الحال مع الصين، يمكن المراهنة على ايران من نفس الباب، فان هذا الامر مختلف تماما مع ايران وهي الدولة التي يقوم مشروعية نظامها الاساسي على الدين والايديولوجيا.
ثانيا: انك تعرف يا جورج فريدمان وانت من كتب: ان مشكلتنا نحن الامريكان مع ايران ليست في المسألة النووية، فالايرانيون اثبتوا انهم ليسوا قادرين فقط على الوقوف على اقدامهم من دون الحاجة للعلاقة مع امريكا بل انهم اصبحوا قوة عسكرية وتكنولوجية وعلمية كبرى وهم في حالة خصام وتحد مع امريكا’.
ثالثا: ان سيدتكم الصهيونية، لا يمكن لها ان تعيش او تتعايش مع اي دين او طائفة او مذهب او مدرسة فكرية على عكس ما يروج الكثير من المثقفين والمفكرين في بلادنا العربية والاسلامية من خلال تصوير الكيان الاسرائيلي بانه دولة دينية.
وهو كيان يعتبر النقيض مئة في المئة لدولة ولاية الفقيه ولا بد يوما ان يصطدما في المنازلة الكبرى التي يعد لها الطرفان منذ اكثر من ثلاثة عقود وان هذا اليوم قادم لا ريب في ذلك ولا تشكيك ولن يستطيع اي سياسي او ديبلوماسي غربي محنك ان يوقفه مهما استعمل من حيل او مكائد او سبل خداع لانه كما الساعة آتية لا ريب فيها والسلام .
رابعا: السيد القائد يعرف ونحن نعرف وانتم تعرفون وتحرفون، بانكم لا ولن تستطيعوا العيش بسلام مع عالمنا العربي والاسلامي ومع دولة ولاية الفقيه بالذات في ظل ادامة سياساتكم العدائية الراهنة ضدنا والقائمة على ضرورة الحفاظ والدفاع عن جرثومة الفساد الاسرائيلية هذه تحت كل الظروف وباي ثمن كان بحجة انها ‘نموذج لنمط حياة الغرب زرعناها في وسط العالم العربي فان هي هزمت هزمنا كحضارة’ كما كتب رئيس وزراء اسبانيا الاسبق في احدى الصحف الاسبانية قبل مدة.
خامسا : ان يد الحوار التي تمدونها اليوم لنا هي يد مغلولة، تمدونها الينا مكرهين مجبرين نتيجة هوانكم وضعفكم في معركة الارادات وليس نقصا في العديد او العدة او الذخيرة البتة، وانتم تخافون عليها من الكسر اما من طرفنا او من طرف سيدتكم الصهيونية العالمية لذلك انتم الان بين امرين احلاهما مر وفي اللحظة التي ستجدون فيها الممر الآمن لكم ستفرون وتنقضون عهودكم.
سادسا: واخيرا وليس آخرا الا وهو انكفاءتكم الراهنة عن بلادنا عبر سياسة انسحاب جيوشكم المباشرة والاستعاضة عنها بجيوش الفتنة البديلة المتمثلة بالتكفيريين والجهال والحاقدين والمرجفين في المدينة من جيوش الكتبة والمستشارين والتي هي الوجه الآخر لجيوشكم، وهو التحدي الذي قبلناه بكل وعي وادراك وتقدير سليم للموقف دون ان ينسينا للحظة واحدة بان اتجاه البوصلة لا يزال هو هو، اي السير قدما والزحف بكل عزيمة واصرار نحو قبول تكلفة واثمان عملية نزع الغدة السرطانية من بدننا في اللحظة التي نحن نقرر.
سابعا : نعم هناك حالة واحدة فقط لا غير قد تمنع اجراء هذه العملية القيصرية الا وهي حالة اتخاذكم لقرار عقلاني هو الاسلم والاقل كلفة لكم وللعالم الا وهو الاذعان بضرورة تفكيك هذا المعسكر الاسرائيلي او نقل حاملة الطائرات الاسرائيلية هذه من فوق بلادنا الى احدى مناطق دولكم.
ثامنا: ان حربكم الكونية المفتوحة علينا كجبهة مقاومة من البوابة السورية انتهت استراتيجيا لغير صالحكم و قد غلبتم وهزمتم شر هزيمة ولم تنفعكم كل الادوات ولا الجيوش البديلة، ولم يبق امامكم الا الاذعان باننا الباقون على هذه الارض وانكم الراحلون لا محالة بعد ان ذقتم طعم كأس المرارة على بوابات عرين الشام اكثر من مرة منذ الثالث من ايلول سبتمبر الماضي ولم يعد ينتظركم من تحد سوى خوض سباق صناديق الاقتراع واعادة البناء بشرف ولاغير حافظين لانفسكم بعض ماء الوجه.
تاسعا: خذوا حذركم جيدا وانتم تستعدون لشد الرحال بعيدا عنا سواء اتجهتم الى الشرق الادنى كما هي استراتيجيتكم المعلنة عبر تشاك هيغل، او كما تلعب بكم بعض ايادي الصهيونية العالمية من خلال اللعب بالنار مع الدب الروسي من بوابة اوكرانيا في محاولة لاطلاق الرصاص قرب قلب قيصر روسيا الحديد، باننا لا نزال من يملك زمام المبادرة وان بامكاننا ليس فقط تغيير قواعد الاشتباك بل وتغيير اللعبة برمتها لان حوارنا معكم سواء عبر جنيف 3 الايراني او ما تبقى من جنيف 2 السوري لا يمكن ان يدوم عبر محاولات نقضه المتكررة بلغة القوة الناعمة من قبيل بيان اتحادكم الاوروبي ذي الـ27 بندا حول حقوق الانسان في ايران.
عاشرا: اخيرا وليس آخرا ان كنتم تراهنون على شرخ داخل صفوفنا او بعض مستشارين او متدثرين بعباءة احد زعمائنا او من متقمصين لادوار مجازية في ظل الحالة الانتقالية التي نمر بها جميعا نحن وانتم، فاعلموا جيدا ان هؤلاء جميعا كلهم ولا استثني احدا تحت المجهر الشعبي والثوري والقيادي والديني والشرعي والوطني والقومي، وفي لحظة واحدة تكون اللعبة معهم – غيم اوفر – كما تقولون بلغتكم ولغتهم الانجليزية التي تفاخرون ويعشقون.
اما اذا حاولتم التوسل بجنون المقامرين على حاملة طائراتكم الاسرائيلية فلتعلموا جيدا ان حرب الـ33 يوما هذه المرة لن تطول ولا حتى 11 يوما وما كنتم رأيتموه في الحروب السابقة سيكون اشبه بالبلاي ستيشن لانكم عندها لن تعرفوا من اين وكيف سيخرج لكم الخصم وباي سلاح يعمي به بصركم.
ويومها لا ادري ان كان الزمن سيسعف جورج فريدمان ليكتب عن يوم القيامة او يوم ظهور الحجة، وكلاهما من علامات الدين الراسخ وعدم انتهاء عصر الايديولوجيا كما ظن كيسنجر يوما او نظر فريدمان اليوم.