26-11-2024 04:34 AM بتوقيت القدس المحتلة

السيد نور الدين لموقع المنار: من لوزام الانتظار للمهدي الموعود الإعداد الذاتي

السيد نور الدين لموقع المنار: من لوزام الانتظار للمهدي الموعود الإعداد الذاتي

تتفق الأديان السماوية على فكرة وجود مخلص في أخر الزمان يملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، والمخلص الموعود عند المسلمين يتميز بخاصات تجعله فريدا، نظراً لرجوع نسبه لأهل بيت النبوة والرسالة، إل

تتفق الأديان السماوية على فكرة وجود مخلص في أخر الزمان يملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، والمخلص الموعود عند المسلمين يتميز بخاصات تجعله فريدا، نظراً لرجوع نسبه لأهل بيت النبوة والرسالة، إلى جده خاتم الرسل والأنبياء النبي محمد (ص). والإمام المنتظر من أل أحمد أسس في غيبته الكبرى لمفهوم الانتظار عند المسلمين، فعلى الإنسان المنتظر أن يتحلي بالصبر والإخلاص والقيم الأخلاقية الأصيلة، لأن ظهور المنجي بحاجة إلي تمهيدات وعلى الأديان والمذاهب أن تمهد الطريق للظهور وتضع برامج لنشر ثقافة الإنتظار في المجتمع. ولنشر ثقافة الإنتظار يجب أن نبدأ من أنفسنا ونهذّب بواطننا ثم نقوم بنشر ثقافة الإنتظار الصحيحة و فكر المهدوية علي أساس العقل و المنطق. وعولمة ثقافة الإنتظار تتوقف على ترسيخ هذه الثقافة بين دول العالم، فعلينا بصفتنا مسلمين محمديين أن نقوم بالنشر الصحيح لفلسفة الظهور والقضايا المتعلقة بالمهدوية ونعدّ برامج لدول العالم و نعرف هذه القضية والفطر النزيهة والطالبة للقيم الإسلامية الأصيلة.

عن هذه القضايا والأفكار تحدث السيد عباس نور الدين، باحث في الدراسات الإسلامية، من لبنان، إلى موقع المنار بمناسبة ولادة الإمام الحجة المنتظر (عج)، وكان لنا معه هذا اللقاء.


الإنسان مفطور على الكمال :


1- عاشت البشرية دائما فكرةا لمخلّص وعبّرت الانسانية عن هذا الحلم الموعود والأمل المنشود في تراثها او نتاجها الأدبي والثقافي، بل وزخرت بها أساطيرها القديمة، إلى ماذا يعود هذا الإيمان؟.
ج: فكرة الخلاص من الشرور والظلم تنبع من فطرة الإنسانية التي نؤمن أنها لا تتبدل مع تبدل الظروف والبيئة وهي موجودة في أعماق كل إنسان: فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله؛ إنها فطرة عشق الكمال اللامتناهي الذي من لوازمه العدل والخير والسلام. وباختصار إن رغبة البشر في تحقيق المجتمع العادل أمر مغروز في وجودهم وهو من لوازم إنسانيتهم. وهنا يأتي المخلّص كتعبير عن هذه الحاجة حيث لا بد من حاكم أو سلطان أو قائد يكون على رأس هذا المجتمع العادل.

2.ما هي خصوصية فكرة المخلص الموعود في الأديان السماوية، وهل بينها مشترك عقائدي خاص؟.
ج : عندما نتجه نحو الأديان التوحيدية نجد أن فكرة المخلص الموعود تصبح أكثر حضورا نظرا لقوة طرحها وحضورها. هذه القوة والحضور مردهما إلى بقاء كتبها السماوية وإن تعرض بعضها للتحريف.
والمشترك الآخر ما يتعلق بالعديد من القضايا التي ستتحقق على يد هذا المخلص أو بفضل قيادته حيث يصبح الناس جميعا من الأخيار وينتفي الشر ويكون ذلك نهاية للحياة الدنيا وفتحا للحياة الآخرة، وغيرها من القضايا.

3.تكثر التفاسير حول الأحاديث التي تروي علامات الظهور، بين مؤيد ومنتظر لوقوعها وبين رافض بالمطلق لها، أين يفترض بنا أن نقف من هذه التفاسير؟.
ج : بما أن تحديد علامات الظهور يخضع بشكل أساسي لعلم خاص مختص بأهل بيت النبوة والوحي فيجب الرجوع فيها إلى أحاديثهم ورواياتهم والتي جرى بعضها في مجال بيان آيات قرآنية شريفة. ومثل هذا الرجوع يتطلب علما خاصا ومقدمات لازمة لأن عملية التحليل والإستظهار والإستنباط من الروايات والنصوص الدينية تقتضي تحديد الصحيح من المدسوس وغيرها من القضايا التي تتم دراستها في علم الأصول والفلسفة.


ثقافة الإنتظار تعني سعيا وجهادا:


4.ما هي صفات وخصائص الإمام المهدي (عج)، ولماذا حصرت فكرة المخلص عنده وبه؟.
ج: الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه هو الإمام الثاني عشر من أهل البيت وهو الوارث لعلوم الأولين والآخرين وسليل النبوة استمرار خط الرسالة وترجمان القرآن. فلهذه وغيرها من الخصائص التي لا تعد ولا تحصى يتحمل مسؤولية خلاص البشرية من ضياعها وهدايتها على الطريق المستقيم الذي يوصلها إلى الأهداف الإلهية السامية. فالحصر ليس ناشئا من أمر خارج عن صفاتها وخصائصه العظيمة التي لا يوجد من بين العالمين من اتصف بها مجتمعة.

5.من المعروف أن الشيعة يحملون في أدبياتهم ما يسمى بثقافة الإنتظار، ماذا تحمل هذه الثقافة من مفردات ولماذا يهتم بها؟.
ج: يقول سماحة الإمام الخامنئي حفظه الله: "الانتظار من المصطلحات المفتاحية الأساسية لفهم الدين والحركة الأساسية والعامة والاجتماعية للأمة الإسلامية نحو الأهداف الإسلامية السامية". ويقول أيضا: "هذا الانتظار يضع على عاتق الإنسان تكليفاً. فعندما يكون الإنسان على يقين من مثل هذا المستقبل كما جاء أيضاً في آية القرآن {وَلَقَدْكَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْض َيَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُون} [الأنبياء،105]، وعليها أن يهيئ نفسه ويكون منتظراً ومترصّداً. لأنّ من لوازم الانتظار الإعداد الذاتي. أن نعلم أنّها كواقعةً كبرى ستحدث ونكون منتظرين دوماً"
إذا، فالانتظار الذي أشار إليه الحديث النبوي الشريف : "افضل أعمال أمتي إنتظار الفرج" هو التعبير عن المستقبل العظيم الذي ينتظره الناس إيمانا منهم بعدل الله ورحمته وصدق وعده. وفي نفس الوقت إن تحقق هذا الوعد الإلهي يستدعي سعيا وجهادا على قاعدة إن تنصروا الله ينصركم.


6.ما هي واجباتنا في ظل الغيبة الكبرى للإمام المهدي (عج)، ولماذا الاختلاف بين قائل بالانتظار السلبي وبين القائل بتمهيد الأرض للظهور المبارك؟.

 


ج: أهم عنوان للواجبات الملقاة على عاتقنا في زمن الغيبة هو التمهيد والسعي لنصرته؛ وهو ما يحقق الظهور المبارك. والنصرة تقتضي أن يتعرف الموالي لإمام زمانه على طبيعة العلاقة التي تربطه به وماذا يريد إمامه منه.
ومن الطبيعي أن تتعرض فكرة الإنتظار العظيمة إلى عملية تحريف من قبل الجهلة والمغرضين المتربصين بالأمة الإسلامية شرا، لأنها تبث في نفوسهم الأمل والإندفاع نحو الغد المشرق المفعم بالانتصارات. وقد نتج عن هذا أفكار وتفسيرات مغلوطة للإنتظار تسعى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لبث اليأس والإحباط  في النفوس أو تؤدي إليهما بالنتيجة.

 


7.ما هي الانعكاسات الثقافية والفكرية وحتى السياسية لفكرة وجود الإمام المخلص في حياة البشر عموما والمسلمين خصوصا؟.
ج: بمجرد أن يؤمن الناس بالغد المشرق ينبعث الأمل في نفوس وبدوره يضخ هذا الأمل طاقة عظيمة في النفوس تحملها على العمل الإيجابي والسعي لبناء مجتمعاتها بطريقة سليمة صالحة. ومثل هذا سيجعلها تصطدم مع الظالمين الذين يعيثون في مجتمعاتها الفساد. وعندما تؤمن المجتمعات بمثل هذه القضية ستتحرك للقضاء على الظالمين بشتى الطرق. وهو ما سيشكل روح العمل السياسي الفعال والبناء.