تفككت سلسلة معاقل الجماعات المسلحة في جبال القلمون بريف دمشق واُسترجعت بلدة رنكوس الاستراتيجية الى سيادة الدولة السورية لتنضم الى مثيلاتها كقارة والنبك ويبرود لتبقى للمسلحين جيوب صغيرة تتناثر
حسين ملاح
تفككت سلسلة معاقل الجماعات المسلحة في جبال القلمون بريف دمشق واُسترجعت بلدة رنكوس الاستراتيجية الى سيادة الدولة السورية لتنضم الى مثيلاتها كقارة والنبك ويبرود...الخ لتبقى للمسلحين جيوب صغيرة تتناثر في معلولا وتلفيتا والزبداني التي يُرجح ان تتساقط فيها جماعات المسلحين تباعاً سواء "بالتسوية" او "بالخيار العسكري" كما تقول مصادر سورية.
باستعادة رنكوس تكون القيادة السورية وحلفاؤها قد وجهوا ضربة قاصمة لمشروع الجماعات المسلحة ومن يقف وراءها في القلمون ، ويمكننا القول ان مشروع اضعاف دمشق من الخاصرة اللبنانية سقط ، واضحى الشريط الممتد من تلكلخ عند حدود لبنان الشمالية مروراً بجبال القلمون وصولاً حتى اطراف القنيطرة تحت مرمى وسيطرة الجيش السوري.
معارك القلمون وقبلها القصير بريف حمص الجنوبي ستظل تشغل المحللين السياسيين والعسكريين لأشهر وربما لسنوات خاصة ان ما حققته الوحدات العسكرية السورية بمساندة حلفائها لم يكن تقدماً عادياً ولا مجرد استعادة منطقة بل معارك استراتيجية افضت الى القضاء على واحد من اخطر المشاريع التي كانت تُعد لاستهداف سوريا ولبنان على حد سواء.
وبالعودة الى تداعيات معركة رنكوس نحن اعتدنا من خلال متابعة الجماعات المسلحة ابان معارك القصير ويبرود على عبارات تتوعد الجيش السوري والحلفاء "بالسحق" و"المقابر الجماعية" و"الابادة" وما الى ذلك من مصطلحات لا زال بعض قادة المسلحين يرددونها الى الان .ولكن بعد خسارة المسلحين لاحدى المواقع سرعان ما يتحولون الى تقاذف المسؤوليات واتهام بعضهم البعض بالفشل والخذلان كما هو الحال في القصير ويبرود...
وبعيداً عن سير المواجهات في رنكوس وكيفية نجاح خطط الجيش السوري ، لفت امر مهم تم رصده عند المواقع الاعلامية التابعة للمعارضة السورية وما يُسمى بالتنسيقيات .فبعض هؤلاء اراد تحويل مشهد الخسارة الى انسحاب تكتيكي وموضعي في ظل عجزه عن تحريف الصوت والصورة التي تناوبت وسائل اعلام مختلفة على نقلها من ارض رنكوس بعد دخول وحدات الجيش.
فعلى سبيل المثال قال "المرصد السوري المعارض" - الذي يتخذ العاصمة البريطانية لندن كمقر له- في البداية ما حرفيته ان «القوات النظامية (السورية) دخلت بعض أجزاء البلدة (رنكوس) بينما لا تزال المعارك مستمرة في الداخل» ، واشار مدير المرصد رامي عبد الرحمن في حديث لقناة فرانس 24 الفرنسية الى احتدام المواجهات في رنكوس. وفجأة ما هي الا بضع دقائق حتى نشر المرصد على موقعه الالكتروني خبراً يؤكد سيطرة الوحدات العسكرية على رنكوس وانما بعد انسحاب المسلحين بناء على اتفاق بين الاهالي و"النظام" جرى قبل نحو اسبوع!!..
هنا برز تناقض واضح بين كلام المرصد حول احتدام الاشتباكات في رنكوس وبين الحديث عن تسوية جرت قبل اسبوع كما قال مديره.
ويبرز تساؤل مشروع فاذا كان هناك من تسوية فلماذا توعد المتحدث باسم جبهة النصرة في القلمون المدعو عبدالله عزام الشامي قبل ساعات قليلة من خسارة رنكوس ، الجيش السوري بالمفآجات وعظائم الامور داعياً انصاره الى انتظار أخبار سارة ؟ ولماذا انبرت مواقع المسلحين وشبكات التواصل الاجتماعي التابعة لهم الى شن حملة استغاثة "للمجاهدين الذين يسطرون اعظم الملاحم" بحسب بعض هذه المواقع؟! وايضاً لماذا عمد هؤلاء الى الادعاء بقيام الجيش السوري بشن حملة قصف عنيف غير مسبوق على رنكوس قُيل انها بلغت 100 قذيفة في ساعات معدودات متحدثين عن صمود اسطوري وما شابه من كلمات.
عبارات ثبت بالدليل فشلها على ارض الميدان ، الذي تكبد فيه المسلحون خسائر كبيرة في العتاد والارواح بينهم قياديون بارزون كأبي طلحة البغدادي القائد الميداني لـ"جبهة النصرة" في رنكوس ، ناهيك عن فشل المسلحين في التصدي للتكتيكات التي اعتمدها الجيش السوري وحلفاؤه رغم وجود اسلحة متطورة مضادة للدروع بين ايديهم سواء التي تم سرقتها من مخازن الجيش السوري في مهين (حمص) قبل اشهر او التي هُربت عبر حدود الدول المجاورة بينها لبنان ، اضافة بالطبع الى ملايين الدولارات التي انفقتها ولا تزال دول خليجية ترعى مشروع الجماعات المسلحة.
هذا دون ان ننسى اللازمة الدائمة عند الجماعات المسلحة التي تحاول تبرير الخسارة والفرار من الميدان والزج بعامل "خذلان الصديق" و"قلة النصير" مع العلم ان العديد من قادة الجماعات المسلحة كانوا يتباهون بوجود الاف مؤلفة من المقاتلين المستعدين لقتال الجيش السوري وحزب الله في جبال القلمون ، وللاشارة فان قناة (الحدث - العربية) اكدت في تقرير لها بُث يوم الاربعاء 9 - 4 - 2014 مغادرة نحو 5000 الاف مسلح بلدة رنكوس الى الجبال المحيطة!!..
بدورها افردت صحيفة الشرق الاوسط السعودية الصادرة بتاريخ 10 - 4 - 2014 كلاماً لعضو ما يُسمى هيئة أركان الجيش السوري الحر" فرج حمود فرج يسلم فيه بخسارة معركة رنكوس قائلاً أن "سيطرة القوات النظامية على رنكوس كانت متوقعة بعد سقوط يبرود ومناطق أخرى في القلمون والمعارك مع النظام تقوم على مبدأ الكر والفر، مما يعني أن المعارضة يمكنها أن تستعيد في أي وقت مواقعها السابقة في القلمون تبعا لتحولات المعركة".
ما هو مؤكد ان مسلسل نجاحات الجيش السوري يصل الى خواتيمه السعيدة في القلمون وما كلام قادة المسلحين ومعهم الوسائل الاعلامية الداعمة الا محاولة لتسخيف انجاز الوحدات العسكرية في رنكوس وغيرها بعد عجزهم في ميدان جبال القلمون الذي حملت رياح ربيعه سفن دمشق الى بر الامان....