على غرار الصراع الداخلي الذي يشهده الائتلاف السوري المعارض، تمر "هيئة التنسيق لقوى التغيير الديمقراطي" هي أيضا بمرحلة عصيبة
على غرار الصراع الداخلي الذي يشهده الائتلاف السوري المعارض، تمر "هيئة التنسيق لقوى التغيير الديمقراطي" هي أيضا بمرحلة عصيبة من الصراع الداخلي بين أجنحتها وأطرافها، نتيجة تراكمات طويلة بدأت تخرج على السطح وأوضحت معالمها معركة كسب التي صدر عنها وبشكل رسمي بيانان أقل ما يقال أنهما يختلفان في المنطلق والنهج والمآل، إضافة لمعارك أخرى لم تظهر بوضوح للإعلام حتى اليوم.
فمن جهة تعاني الأحزاب المشاركة في الهيئة من مشكلات وخلافات سياسية وتنظيمية أبرزها الخلافات التي تنال حزب الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي العربي. فبعد أن تمكن حسن عبد العظيم من استقطاب أغلبية واضحة في الحزب في مواجهة المؤيدين للعمل العسكري الذين تبعثروا أو جرى تذويبهم في الائتلاف كأفراد، وبعض المعارضين للقيادة الحالية الذين يعدون مقربين من الدولة، قام المنسق العام حسن عبد العظيم بضم أحد أقربائه من فرع الوطن العربي للمكتب التنفيذي ولم يقم بحل الفرع الذي يتردد عنه داخل الهيئة قلة النشاط وفشل الإدارة.
ويصر الرافضون من حزبه على إلغاء فرع الوطن العربي وتكوين تنسيقيات تابعة للمكتب التنفيذي مباشرة. وقد تم تأجيل الموضوع مرات عديدة في المكتب التنفيذي إلى أن حسم الموضوع مؤخرا في اجتماع اللجنة المركزية لهيئة التنسيق بالتحالف مع حزب العمل الشيوعي (صفوان عكاش) مقابل إنجاح مرشح لصفوان هو (زياد وطفة) في المكتب التنفيذي. وإثر الاتفاق تم تأجيل مناقشة المشاكل التي يعاني منها فرع الوطن العربي والتي دفعت الكثير من كوادره لطلب الانضمام لفرع المهجر.
أما في داخل البلاد فما زالت المعركة مستمرة بين ما صار يعرف داخل الهيئة بتيار المستقلين وبين الكتلة الحزبية. وقد حصل اصطفاف ضم الأحزاب الكردية وحزب البعث الديمقراطي إلى جانب كتلة المستقلين التي يطلق عليها اسم تيار قمح (قيم، مواطنة، حقوق) في مواجهة باقي الأحزاب التقليدية. وقد تمكنت كتلة المستقلين من إحكام سيطرتها على مكاتب مفصلية أهمها مكتب العلاقات الدولية ومكتب الإعلام. ونجم عن ذلك حرب بيانات داخل الهيئة، الأمر الذي وجه الأنظار لمكتب الإعلام المكون في أغلبيته من المستقلين. وقد وصل الأمر لمطالبة الكتلة الحزبية بإبعاد منذر خدام عن رئاسته، خاصة بعد أن طرح عدد من الشخصيات المستقلة ضرورة القطع مع فكرة الحوار مع الائتلاف واهديد المجموعة الدولية بالمسارات الموازية (اوسلو سورية).
وقد تفجر الوضع مؤخرا بشكل واضح داخل الهيئة في الموقف من الهجوم الذي شنته مجاميع المسلحين على كسب فيما سمي (معركة الانفال)، التي أشعلت الخلافات داخل الائتلاف المعارض وداخل الأطراف المعارضة الأخرى. ونال الأمر هذه المرة "هيئة التنسيق" التي تحرص دائما أن تبقى خلافاتها الداخلية بعيدة عن الإعلام.
تبنت كتلة المستقلين موقفا منددا بالهجوم على كسب معتبرة أن هذه المعركة تعتبر طعنة لما يسمى الحراك الثوري ومحاولة مصادرة قرار المعارضة من قبل دول خارجية وتحديدا قطر وتركيا، وتثبيت دور الجهاديين التكفيريين القيادي للعمليات العسكرية كما يقول بيان صدر باسم المكتب الإعلامي ومقالات وتصريحات لعدد من شخصيات هذا التوجه. وقد أصدرت الكتلة الحزبية بيانا باسم المكتب التنفيذي دون علم معظم أعضائه حسب ما علمنا من كثير من هؤلاء الأعضاء ، و تريد الكتلة الحزبية تجنب الإشارة إلى الدور التركي والقطري وتعتبر هذه المعركة مثلها مثل أية معركة تدور رحاها في سوريا حاليا ولا يمكن أن تكون هناك خصوصية لمكان محدد. في حين يصر تيار "قمح" على تسمية الأمور بأسمائها والإدانة الصريحة لكل الجهاديين التكفيريين وإدانة كل أعمالهم الوحشية بشكل واضح خاصة وأن هذا التيار مقتنع بأن التكفيريين يعيشون حالة انتقامية ستجعل من قصف المواطنين الآمنين والسيارات المفخخة وغيرها من العمليات الإرهابية عرفا وقانونا وأخلاقا استراتيجية شاملة كلما تمكنت من ذلك، ردا على قصف البراميل والعمليات العسكرية الواسعة للجيش كما تقول الكتلة المستقلة.
كان البيان الأول الصادر عن الهيئة يدين بشكل واضح عملية كسب والتدخل التركي فيها، كما ادان الجهاديين الأجانب ودورهم في تحديد مسارات الصراع المسلح في سوريا ونال هذا البيان تأييدا من معظم فروع الهيئة وجمهور واسع داخل سوريا وخارجها، غير أن بيانا مضادا للبيان الأول صدر على عجالة في اتجاه مخالف. وقد تبين حسب معلوماتنا التي استقيناها من أعضاء في الكتلة الحزبية أثناء زيارتنا لدمشق أن أسماء كبيرة في هيئة التنسيق منها هيثم مناع، وعارف دليلة، وجمال ملا محمود ،ومنذر خدام، وصالح مسلم لم تعرف به قبل صدوره. رغم أنه مذيل باسم المكتب التنفيذي. وحسب معلوماتنا اعتذر اثنان من نواب المنسق العام (حسن عبد العظيم) عن التصريح للإعلام حول البيان المضاد لعدم علمهما به قبل صدوره ولحصر الخلاف داخل الهيئات التنظيمية.
وقد كتب اكثر من طرف في الورش الداخلية للهيئة ومن قيادات فروع المهجر مقالات مؤيدة للبيان الأول الذي صدر عن رئيس مكتب الإعلام منذر خدام. وقد أتت عملية الكشف عن التسجيلات التركية والفضائح التي نتجت عنها فضلا عن مقالة سيمور هيرش وانفجارات حمص لتعزز موقف المنددين بمعركة الأنفال التي قادتها جبهة النصرة. وظهر بعد هذه المعركة اتجاهان في أوساط هيئة التنسيق تجاه ندد بالعملية واتجاه آخر يريد التمسك بموقف وسط حتى لا يتهم بالاقتراب من موقف الجربا وسلفيي الائتلاف وهذا الاتجاه يقوده حزب الاتحاد الاشتراكي العربي والحزب الشيوعي- المكتب السياسي وحركة الاشتراكيين العرب الذين يحاولون تناول الموضوع بشكل شعبوي حرصا على قواعدهم في المناطق الساخنة التي يتحالف فيها الجيش الحر مع التكفيريين.
وتشير المعلومات الى اجتماعات مكثفة سوف تعقدها هيئة التنسيق في اليومين القادمين لبحث هذه المعضلات.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه