26-11-2024 02:32 PM بتوقيت القدس المحتلة

نسمعكم أيها الشهداء

نسمعكم أيها الشهداء

وعلى كل حال، فإن الأصوات التي تعكر مشهد الحقيقة لن تبلغ مهابة ونقاوة دماء الشهداء. إن الأقوياء هم الذين يعبرون بدمائهم إلى شاطئ الانتصار، وهم الذين يشقون الليل ليصلوا إلى فجر الحياة الكريمة، وهم...

ما أروع الشهادة حين تعكس ضوءاً على محيا شبابٍ لا ينضب الأمل من عروقهم، ولا تدفعهم فظاعة الحياة للوقوع في هوة اليأس، لا ينسحبون من الواقع والتاريخ بل يعملون بكد وإقدام ليحجزوا المكان اللائق بهم.

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

نسمعكم أيها الشهداءفي ملء تلك الجلبة الصاخبة على أرض هذه المنطقة، والضجيج الجنوبي الذي يعم بلادنا، ينضح الشباب بدمهم الزكي، ليلفتوا انتباهنا إلى أن الحياة الشريفة، الآمنة، المستقرة، الكريمة لا تُعطى بالمجان بل تؤخذ بالجد والاجتهاد. والعثور على سر الحياة يكمن في الدم الذي يستحيل كوكباً درّياً في عتم اليأس وخزي القعود عن المسؤولية بالدفاع عن الأوطان التي تحترق باسم الإسلام والدين والجهاد هذه المرة.

قال البعض: لننأَ بأنفسنا، لنقعدْ مع القاعدين فذلك أسلم للنفس والوطن. لكن الوحش لا يحب أن يستلقي في مقره، يفتش عن طرائده الخائفة التي تراوح وتغادي في لا مبالاة وحين يعوي تدفن رأسها بالرمال.

لكن هناك من الرجال من هو ثابت في الأرض برغم سيل المصائب وسقوط الضمير في الحضيض. لا يتأخر في أداء واجبه متطلعاً إلى رحابة السماء التي تمنح اليقين والثقة والشعور بأن الأرض سيرثها العباد الصالحون.

ما أقسى هذا الظرف وأشقّه. رعب هائل، إرهاب منظم، تكفير باسم الدين، قتل بلا حدود، لا مبالاة من العالم «المتحضر»، انكماش في البصيرة، وفكر مشؤوم يريد أن يقول إن كل الذي يحصل في سوريا هو صنيعة حزب الله.
أمِنَ المعقول أن يكون بعض سياسيي لبنان والعرب بهذه الضحالة.

أمِنَ المعقول أنّ موجة الشر التي سُمِحَ لها بالتسلل إلى عقر أوطاننا بذريعة الحرية والديموقراطية وجاءت بالتكفير هي محل ترحيب، والمقاومة التي جاءت بالأمل والسلام هي محل تنديد، حتى لتخال البعض ممن تسمعه خالياً من كل أسس التفكير السليم والموقف الإنساني المستنير.

وعلى كل حال، فإن الأصوات التي تعكر مشهد الحقيقة لن تبلغ مهابة ونقاوة دماء الشهداء. إن الأقوياء هم الذين يعبرون بدمائهم إلى شاطئ الانتصار، وهم الذين يشقون الليل ليصلوا إلى فجر الحياة الكريمة، وهم الذين يبحثون عن مجاذيف الأمل ليشع الألق في عيون الأطفال.

بلى، نسمعكم أيها الشهداء، ونرى ضوء قناديلكم وهي تطرد وحش الظلام.

الرحمة لشهداء «المنار» وكل شهيد قبض على جمر الحقيقة في زمن العار والخداع.

الرابط على موقع جريدة السفير